ويتساءلون أين ذهبت أموال الخصخصة؟!
فى أحد الأخبار التى نشرت بإحدى الجرائد القومية اليومية، وهى جريدة الجمهورية سأل أحد المسئولين سؤالا قد يبدو طبيعياً ولكن دلالته قد تكون أعمق من ذلك بكثير .. فمن المؤكد أن ذلك السؤال قد أتى نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة وغير المسبوقة التى نعانى منها.
وأن خواء الخزانة وزيادة المطالب الفئوية دون وجود الأموال اللازمة لمقابلتها قد جعلنا نبحث ونفتش فى دفاترنا القديمة، وذلك أمر طبيعى فالعجز لدينا زاد على 200 مليار والعديد من المصانع والشركات قد أغلقت أبوابها ومعدل التضخم يزداد شهرا بعد الآخر.. أى أصبح على نحو مستمر وهو ما يعنى تراجع وتناقص القوة الشرائية للمواطن العادى الكادح، والذى يعنى عدم الحصول على الحدود الدنيا من السلع والخدمات وهو طبقاً لذلك الوضع يظل يتقلب أو بتعبير أدق يتظلى على صفيح الأسعار الساخن جداً.
والخصخصة قد بدأت منذ ما يزيد على عشر سنوات فى مصر وقد بدأت بشركات القطاع العام الخاسرة وذات الأصول القيمة والضخمة وتمت عمليات التنمية والشراء بأقل من قيمتها الحقيقية بالقطع، وذلك تعديلاً على أنها شركات لا تحقق أى عائد وقد يكون ذلك هو أحد الأسباب التى ارتكن إليها البعض فى ارتكاب ما يسمى بمذبحة الخصخصة لشركات مصرية كان لها دور كبير داعم وفعال فى الاقتصاد المصرى.
ومن المؤكد أن الخصخصة قد كانت مفروضة وليست خياراً، ليس لمصر فحسب ولكن لمعظم دول العالم التى تحت تقع تحت هيمنة الولايات المتحدة على النظام السياسى العالمى بطرقها الخاطئة والتى احتوت على العنف وعودة صورة الاستعمار التقليدى أى استخدام القوات والجيوش فى التدخل فى الدول التى لها فيها مصالح على غرار ما رأينا فى العراق.
وقد كان بديل القوة هو من أساسيات السياسة الخارجية الأمريكية، على حد تعبير بوش الأب ولكنه لم يكن ليستخدم أو يتم التوسع فيه، وذلك بالنظر للظروف الدولية السائدة وقتذاك وخشية من أن يؤدى ذلك إلى تدخل الاتحاد السوفييتى القوة الموازنة والمناهضة للولايات المتحدة آنذاك.. فى ظل ما عرف بنظام القطبية الثنائية.
ولكن بعد زوال الاتحاد السوفييتى أصبح من الممكن لها استخدام القوة دون الخوف من القوة المضادة.. أما فيما يتعلق بالكيفية التى صرفت فيها أموال الخصخصة فهى عبارة عن مبالغ هزيلة بالقطع لأن الشركات قد بيعت بأقل من أسعارها الحقيقية وقد تم صرفها فى مكافأة للعمال الذين تم تسريحهم والباقى بالقطع ذهب كسمسرة وإكراميات ومكافآت إذ أنها قد أنفقت فى مجال السلع الاستهلاكية أى المواد الغذائية .
تلك أوجه صرف أموال الخصخصة والتى كان بالحرى أن يتم إنفاقها على إعادة بناء مصانع جديدة وبديلة كدعم عملية الاقتصاد وهذا بالقطع يكاد يكون مستحيلا لأن تكلفة إعادة بناء شركة من الشركات التى تم بيعها بذلك الثمن البخس فإن التكلفة ستكون أضعاف الأضعاف وهو ما لا يعد فكرا اقتصاديا بالمرة أو به ريحة الاقتصاد.
فالشركات القديمة كانت تحتاج إلى إدارة وإلى إعادة هيكلة فليس هناك عاقل ولا مجنون كان يفعل ما فعلناه ولكنه شىء قد فرض علينا وما كان يجب أن نستجيب له على ذلك النحو المباشر ولكن ما حدث فقد حدث وعلينا أن نبحث عن الحل بدلا من التقليب فى الماضى الذى لا يفيد فى شىء.