باسم يوسف.. عفوا لا تسقط فى المستنقع
تحرص طفلتى الصغيرة على السهر ليلة الجمعة، لمتابعة الإعلامى الناجح باسم يوسف فى برنامجه المذهل "البرنامج"، وأظن أن حالة طفلتى تنطبق على كثيرين من أمثالها، فقد نجح باسم فى التركيز على حالات الشيزوفرينيا، والتناقض الحاد فى أداء الرئيس وجماعته وكل جماعات الإسلام السياسى.
جاء نجاح باسم لأسباب أرى أن أهمها هو طبيعة الشعب المصرى، ونموذج الإسلام المصرى المعتدل، إسلام الفطرة بعيدا عن تجار وأراجوزات الفتاوى الذين شوهوا الإسلام، وكرهوا الناس فى هذا النموذج القادم عبر حناجر لا تعى ما تقول.
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن باسم يوسف يحمل ملامح محببة وبريئة، وقد نجح فى بناء مصلحة لصك المصطلحات، وهنا مكمن الخطر، إذ يبدو لى أن باسم لا يدرك حجم الخطر المحدق بأبنائنا، من صك بعض الألفاظ التى أراها جريمة غير مقصودة بالطبع، نحرص على تنبيهه لخطورتها، بعد أن أصبح من المعتاد أن تسمع طفلا يسخر من موقف بقوله "تشكرلى ولا أشكرلك".
بصراحة لم أفهم ما يقصده باسم من قوله "الأسرة الزانية عشرة"، فى إشارة إلى الأسرة الثانية عشرة، ولم أفهم لماذا تورط فى قوله الأسرة العاهرة، قاصدا الأسرة العاشرة، وهل يدرك باسم حجم تأثيره؟
أظنه لو تيقن من حجم متابعيه وتأثيره، لابد أن يدرك على الفور حجم مسئوليته كبرنامج هادف، لا يضاهيه آخر فى فضائيات العرب.
أظن أن باسم أمام مسئوليات جسام تتفق مع حجم شعبيته، وشعبية برنامجه خاصة أنه ليس بحاجة إلى استنطاق الضحك المبكى من قلوب الناس، فهو ببساطته ولوذعيته يحقق أهدافا لم تحققها قنوات بأكملها، فحرية الإبداع تحمل معها مسئوليات كبرى، خاصة أن انتشار مثل هذه المصطلحات يسير فى المجتمع بشكل مذهل بين الشباب، وهو ما يذكرنا بما شاب مدرسة المشاغبين، رغم عظمة العمل المسرحى وقدرة كل من شارك فيه.
ولنا فى الساخرين فى عصرنا مناطق يجب العودة إليها، فقد اقتحم الراحل العظيم محمود السعدنى قلوب الناس وعقولهم، وأثر فيهم دون أن يسقط فى ابتذال، وسار على دربه الراحل الجميل جلال عامر، الذى رحل ولايزال يعيش بيننا، وهو ما يفعله الكاتب الكبير ورائد الكتابة الساخرة أحمد رجب، وأظن أن باسم يمتلك من الأدوات والإمكانيات ما يؤهله لريادة هذا المجال تليفزيونيا دون أن يسقط فيما سقط فيه على مدار حلقاته الماضية.