مكافحة الإرهاب مسئولية الجميع !!
ما يحدث الآن في مصر كان متوقعا؛ لأن رئيس الجمهورية نفسه حينما كان وزيرا للدفاع قال إن هناك مواجهة شرسة ومرتقبة مع الإرهاب، بل وتوقع ما هو أبعد من ذلك حربا أهلية يقاتل فيها المصريون بعضهم بعضًا في حالة استمرار حكم الجماعة الإرهابية؛ ولذلك كان القرار بأن يتلقى رجال الجيش والشرطة الضربات نيابة عن الشعب، وهذا ما يحدث الآن.
الجيش والشرطة يخوضان حرب وجود مع الجماعات الإرهابية، في كل شبر على أرض المحروسة وفي سيناء بصفة خاصة، ومهما كانت الفاتورة التي ندفعها اليوم فهي زهيدة جدا في مقابل العبور ببلدنا إلى بر الأمان، الفاتورة التي ندفعها من الدماء الطاهرة لشهداء ومصابي رجال الجيش والشرطة،من أجل الحفاظ على هذا البلد كان من الممكن أن تضاعف في حالة استمرار حكم الإخوان، ولكن بعد ضياع مصر وتفتتها.
وهذا ليس مجرد كلام أو شعارات، ولكن الواقع من حولنا يؤكد هذه الحقيقة، فهناك دول انهارت باسم الدين، والله أعلم متى وكيف ستعود مرة أخرى؟ دول كانت ملء السمع والبصر انتهت ولن تقوم لها قائمة في القريب العاجل، ولكن المولى تبارك وتعالى سوف ينجي مصر بفضل قوة جيشها وتماسك شرطتها، ودعم الشعب لهما، ولكن الحرب على الإرهاب هل هي مسئولية الجيش والشرطة فقط أم كل أجهزة الدولة وأيضا الـ 90 مليون مواطن؟
صحيح أن المهمة الأكبر تقع على عاتق الجيش والشرطة، ولكن مكافحة الإرهاب مسئولية الجميع، كل أجهزة الدولة، الشباب والرياضة والثقافة والتعليم والإعلام والأزهر والأوقاف والخارجية وهيئة الاستعلامات، ولكنها فعلت مثل قوم سيدنا موسى فقالت لرجال الجيش والشرطة اذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا، نحن هنا قاعدون متفرجون ثم مشاركون في الجنائز وبرامج التوك شو، لدرجة أن الجيش هو الذي أنتج فيلما عن العملية الإرهابية الأخيرة في سيناء، وهو الذي قام بترجمته للإنجليزية وإرساله إلى وسائل الإعلام الأجنبية.
بعيدا عن مركز شباب الجزيرة في الزمالك أين آلاف مراكز الشباب؟ ما دورها ونشاطها؟ وكما أن رئيس الوزراء يفاجئ المستشفيات وأقسام الشرطة، عليه أن يفعل ذلك أيضا مع مراكز الشباب، وسوف يجد ما لا يسره، ويكتشف أن ميزانية الوزارة هي إنجازات على الورق وفي وسائل الإعلام فقط.
كل شارع في مصر فيه مسجد، وأتحدى إن كانت هناك جملة مفيدة أو درس ديني يخرج من أي مسجد يفيد البلد أو يشعر بآلامه وهمومه، كلها خطب دينية معلبة تتحدث عن الماضي، وليس لها أي علاقة بالحاضر ولا المستقبل، كل قرية فيها مدرسة أو أكثر، ولكن من أول يوم دراسة فالطلاب في مراكز الدروس الخصوصية، ومليارات تنفق على التعليم والنتيجة لم ينجح أحد في محاربة الجهل والتعصب، وتفكيك ذهن النشء على التفكير السليم وتقبل الآخر، وحب الوطن والانتماء الحقيقي له بالعمل وليس بالشعارات والأغاني، مئات القنوات الفضائية ضررها اليوم أكبر من نفعها، وبرامجها تزيد من رصيد الجماعة الإرهابية وتعجل بعودتها.
أكبر دولة في العالم لها تمثيل خارجي، سواء في السفارات أو هيئة الاستعلامات أو مندوبي الصحف، ووكالة أنباء الشرق الأوسط ومستشارين ثقافيين وتعليميين وتجاريين وعمال وسياحيين وإعلاميين في معظم دول العالم مليارات الدولارات تنفقها الدولة على كل هؤلاء، والنتيجة أن العالم ما زال يساند الإرهابيين ويتعاطف معهم أكثر من دماء شهداء الجيش والشرطة.
قصور الثقافة بالمئات لا هي قصور ولا هي ثقافة، هي مجرد مكان يتجمع فيه الآلاف من الموظفين يتحدثون في كل شيء، بعيدا عن الثقافة عن الأجور والمرتبات والحوافز والبدلات والأكل والطبيخ، ننفق مليارات الجنيهات لإنتاج أفلام ومسلسلات وبرامج خطرها على مصر أكبر من جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، والله حرام ميزانية هذه الأجهزة بالمليارات وإنجازاتها على الأوراق وعلى شاشات الفضائيات بعيدا عن الواقع، فإن لم تقم بدورها في مكافحة الإرهاب فخسارة كل جنيه تحصل عليه من موازنة الدولة المنهكة، أولى بالحكومة أن توجه هذه الأموال إلى الجيش والشرطة، ليس فقط للقضاء على الإرهاب بالمواجهة الأمنية، ولكن أيضا للقيام بدور الأجهزة الأخرى في التنمية والثقافة والتوعية والتعليم والإعلام.
egypt1967@yahoo.com