سيادة الرئيس.. عواد عاوز أرضه؟
سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي:
لم يتبق يا سيادة الرئيس سوى 31 يوما على المهلة التي قطعها على نفسه وزير الزراعة السابق الدكتور عادل البلتاجي، لتنفيذ تكليفك بزراعة مليون فدان، ولم نزرع منها فدانا واحدا.
وزير الري الدكتور حسام مغازي، تضامن يومها مع الدكتور البلتاجي، وأعلن أن المياه الجوفية في مصر كافية لزراعة الأربعة ملايين فدان، التي قررت سيادتكم زراعتها بنهاية 2017، لكنه عاد وقال - وأنا شاهد عيان - إن الدراسات غير كافية لإثبات مدى نفع المياه الجوفية لزراعة وتنمية مستدامة في أماكن الاستصلاح المستهدفة، كما حذر مدير مصلحة الري، من أن مصر هبطت تحت خط الفقر المائي بنحو 650 مترا مكعبا / للفرد، بدلا من 1000.
نعم "لو بطلنا نحلم نموت"، لكن الجبل مثل الأسد يا سادة، لا يصارعه الإنسان، بل يروضه على طريقة "فاتن الحلو".. والمصري الحلو، جسور، يبيع "حلق مراته، ونحاس أمه"، ليضيف الغلة إلى تحويشة عمره، فيستصلح عشرة أفدنة ويزرعها في عام، أو حتى 100 ليزرعها خلال خمسة أعوام، إذا كان "شاربا من ثدي أمه".
والجسور الذي إذا زرع عشرة أفدنة في عام، أو مائة فدان في خمسة أعوام، لا يمكنه التجاسر على ألف فدان، إلا إذا انفتحت له مغارة "علي بابا" في أي منطقة أثرية، أو غلا ثمن مخه في نظر عصابة مخدرات أو "ترامادول"، ليصبح خلال أعوام قليلة من أصحاب الأصفار التسعة، فـ "يقلّب عيشه" في الأراضي والتراب والهواء.
أما مشروع "المليون فدان" يا سيادة الرئيس، فتم سلقه مرة، وتعرّض لـ"القلي" مرات، ثم نتفرج عليه الآن وهو يحترق في "طاسة الخجل"؛ بسبب عدم قدرة الوزير الحالي على مصارحة سيادتكم بأن مصر ليست في حاجة حاليًا لزراعة مليون فدان.
يا سيادة الرئيس، والله إن هناك في أرض مصر، وزرع مصر، ومياه مصر، وأجواء مصر، ما يضيف لخزائن مصر عشرة أضعاف ما سنحرقه في بالوعة "المليون فدان" التي "افتكسها" فريق، أراد مزيدا من الأضواء فاحترق.
يا سيادة الرئيس، والله إن هناك أراضي أنفقت عليها الدولة مئات الملايين، وتتعرض للجفاف والتصحر مرة أخرى؛ بسبب الإهمال العمدي أو السهو، وكلاهما يعني "النوم في الخدمة"، وإليك بعض النماذج:
* 35 ألف فدان في قرى بحيرة المنزلة - دقهلية، تم تجفيفها من البحيرة، ووزعت على أهالي المنطقة الذين كانوا يعملون في الصيد، وإلى الآن لم تدخل سجل "2 خدمات"، أي أنها لا تزال دون "بطاقة حيازة".
* أكثر من 100 ألف فدان حول بحيرات مصر، خاصة في البرلس، كنج مريوط، البردويل، وناصر، وغيرها، تتشابه مع أرض المنزلة "عديمة النسب".
* أكثر من 500 ألف فدان في صحاري مصر، زرعها مصريون بطريقة "وضع اليد"، منذ أكثر من عشرة أعوام، ولاتزال غير محيزة أيضًا؛ بسبب المبالغة في تقدير حق الدولة، أو الإصرار على تقنينها بـ"حق الانتفاع" الذي يهين المصريين.
* 183 ألف فدان في المنيا، تقدمت بأوراقها كاملة شركة القناة للسكر، ودراسة جدواها مقدمة لمجلس الوزراء، ونسخة منها لهيئة التعمير، وصادر لها قرار جمهوري بضمها إلى ولاية هيئة التعمير، والدراسة تؤكد تشغيل 3000 مصري، والتعاقد مع 50 ألف فلاح في محافظات الصعيد لزراعة بنجر السكر، ومشروعها متوقف منذ أكثر من عام؛ بسبب البيروقراطية التي "طفّشت" المستثمرين العرب والأجانب.
يا سيادة الرئيس، هناك في مصر أكثر من ألف منطقة تتشابه من حيث المشاكل والـ"بلاوي" مع تلك النماذج من أرض مصر، فلا نحن تركناها للأجيال القادمة، ولا هي تركت أحراشا نأكل من أسماكها، ولا هي كُرِّمت كـ"أرض" وحُفِظت كـ"عرض"، ليرفع من شأنها مصريون أوسعوا "عواد" بما استحقه في التراث.
BARGHOTY@YAHOO.COM