رئيس التحرير
عصام كامل

«الأردن» آخر بؤر الاستقرار في الشرق الأوسط «في مرمى النيران».. المعارك بين النظام السوري والمعارضة تهدد شمال البلاد.. «عمان» تتحصن بـ«جبهة النصرة» لمواجهة «

فيتو

وسط بركان العنف الذي يهدد بحرق منطقة الشرق الأوسط وإعادة رسم معالمها، تحاول الأردن، إحدى الدول القليلة التي لم تتأثر كثيرا بما سمي بـ"الربيع العربي"، تجاوز الأزمات التي تعصف بالمنطقة بأقل الخسائر، فموقعها الجغرافي تجعلها محاطة بالنيران من كل جانب، بدءا بحدودها مع سوريا ثم العراق، بالإضافة إلى كونها شريكا لسلام، يبدو أنه ما زال بعيد التحقق بين الفلسطينيين وإسرائيل.


داعش في الأردن
إشارات الاطمئنان وعدم الخوف من تنظيم داعش التي يحاول المسئولون الأردنيون إرسالها في كل مرة، تبقى غير مقنعة في ظل وضع متقلب ومفتوح على كل الاحتمالات، خاصة بعد مقتل أردني وإصابة آخرين في حادث الرمثي شمال الأردن، إثر سقوط قذائف مصدرها سوريا، لكن ما هي خيارات الأردن في ظل الوضع الحالي وبعد فشل ما سُمي بـ"عاصفة الجنوب"، وهل النظام الأردني قادر على مواجهة كل التحديات المحيطة به؟

خطر من كل جانب

بحسب المراقبين، فإن وضع الأردن لا يقل خطورة عن وضع دول الخليج، ففي شماله - درعا السورية - حيث تدور معارك حامية الوطيس بين قوات النظام السوري وقوات المعارضة، وهي المعارك التي قد تنتقل إلى أراضيه، وشرقا مازالت الحرب مشتعلة في الأنبار بين تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وقوات الحشد الشعبي، أما على الحدود الغربية لا يبدو الوضع أفضل حالا، فكل تصعيد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سينعكس على الأردن المشغولة بحماية حدودها.

رهانات الأردن
رهانات الأردن بوضع مناطق عازلة تحمي حدوده لم تنجح حتى الآن، خاصة بعد فشل ما سُمي بـ"عاصفة الجنوب" التي شنتها قوى المعارضة السورية للسيطرة على درعا، ويقول حسن أبو هنية - الخبير الأردني في شئون الجماعات الإسلامية - إن الأردن أصبح أمام خطر حقيقي بعد فشل هذه العملية، ويضيف في حديث لـDW عربية: "الأردن في صلب الأزمة، فعلى حدودها مقاتلون أجانب وعرب ينتمون لأكثر من تنظيم متطرف ومنهم نحو 2000 مقاتل أردني".

عاصفة الجنوب
ويرى سلطان الحطاب، وهو كاتب ومحلل سياسي أردني، أن الأردن كانت حذرة من "عاصفة الجنوب" باعتبارها تتعاطف مع بعض الفصائل المشاركة فيها، وتحديدا الجيش الحر وبعض قيادات جبهة النصرة، ويضيف: "لكنها لا تؤيد فصائل أخرى مثل تلك التابعة لتنظيم القاعدة".

تنظيمات متطرفة
وعن الخيارات المطروحة لديه الآن يقول الخبير الأردني: "موقف الأردن طيلة ثلاث سنوات كان ثابتا ومحايدا، أما في حالة حدوث مستجد كسقوط نظام الأسد، فأعتقد أن القيادة الأردنية ستضطر للتدخل لمواجهة تنظيمات متطرفة على الحدود، بالإضافة إلى أطراف أخرى قد تدخل على الخط وقتها، أو في حال حدوث موجة نزوح كبيرة؛ لأن الأردن لن تستطيع إيواء المزيد من اللاجئين، لذا قد تقوم بتوسعة مناطق عازلة ليعيشوا فيها، وهذا ما يفسر أن الأردن تنظر بقلق لسيناريو سقوط نظام الأسد؛ لأنه لا يوجد بديل له حتى الآن".

جبهة النصرة - الورقة الرابحة
ويقول أبو هنية: إن أمام الأردن خيارات أخرى؛ إذ ما زال ينسق ضمن غرفة عمان وهو حليف الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وسيحاول أكثر من أي وقت مضى التنسيق مع حلفائه الإقليميين والدوليين، وأيضًا مع العشائر داخل الأردن والقوى العشائرية في العراق أيضًا، "كما قد يكون هناك توجه نحو تعديل في عقيدة الجيش، ولعل أول إشارة على ذلك تسليم راية الهاشميين، أي راية "لا إله إلا الله"، في دلالة على تغير مصادر الخطر وهي الجماعات الإسلامية".

دعم جبهة النصرة
وتواجه الأردن اتهامات بدعم جبهة النصرة التي تقاتل ضد نظام الأسد، وسبق أن اتهم مسئولون سوريون عمان بـبدعم إرهابيين يقاتلون في سوريا"، وبحسب مراقبين، فإن عمان تسعى لاحتضان جبهة النصرة من أجل إبعاد خطر داعش وحزب الله والجماعات المؤيدة للنظام السوري عن حدودها.

ويقول أبو هنية: إن الأردن لا تقدم دعما مباشرا لجبهة النصرة على غرار تركيا والسعودية وقطر، وإنما هو "حتى الآن مجرد استثمار فقهي أيديولوجي للجبهة، وذلك ما ظهر من خلال إطلاق سراح قيادات تابعة للجماعة من سجون الأردن، ونرى الأخيرة تصدر فتاوى مضادة لأيديولوجيا داعش".

استثمار الخلافات
الأردن تحاول استثمار الخلافات بين هذه الجماعات لتعزيز الانقسامات بينها لصالحها، أما الحطاب فيقول: إن الأردن لديها علاقات مع أكثر من فصيل داخل الجبهة؛ إذ "حاولت تأهيلها وإقناع بعض قياداتها بالابتعاد عن القاعدة، وقدمها لأطراف دولية على أنها ليست جماعة إرهابية كما يُعتقد وقد نجح في ذلك نسبيا".

"الحشد أخطر من داعش"
الأردن لم تتأثر فقط بالأحداث الدائرة في كل من سوريا والعراق، وإنما أيضًا بما شهدته وتشهده مصر، الدولة العربية ذات الدور الحيوي في المنطقة ومهد أول تجربة إخوانية في الحكم، فالجماعة لديها تجمع قوي في الأردن، وتأثرت برياح الربيع العربي ووصول الإخوان للسلطة في مصر.

إخوان الأردن
ويقول أبو هنية: إن إخوان الأردن تأثروا أيضًا بمنع الجماعة في مصر وتصنيفها كمنظمة إرهابية "والسلطة في الأردن تحاول الآن شق هذه الجماعة إلى شقين: جماعة تكون المرخص لها والمقربة من السلطة وأخرى (وهي الأقرب للأصل) تحاول السلطة فكها وحظرها، وهذا يزيد من توتر الأوضاع في الأردن، فالجماعة ستضغط أكثر على النظام وربما تنزلق الأمور إلى توتر ثم أزمة ثم تصادم".

الحشد الشعبي
على حدود الأردن مع العراق لا يُطرح خطر دخول داعش فحسب، وإنما يتخوف الأردنيون أيضًا من قوات الحشد الشعبي التي توصف بالطائفية، وتتهم بتلقي الدعم من إيران لخدمة مصالحها في المنطقة.

المد الشيعي
الخوف مما أصبح يسمى المد الشيعي الإيراني لا يبدو أقل حجما من خطر الإرهاب - حسب المتتبعين - ويقول أبو هنية: إن "خطر الدولة الإسلامية بالنسبة لفئة كبيرة من الشعب الأردني أقل من خطر الحشد الشعبي، خصوصا أن هناك من يتعاطف مع داعش باعتباره يمثل الإسلام السني في مواجهة المد الشيعي".

ويضيف: "بالرغم من وجود تجانس مذهبي في الأردن، إلا أن المتربصين بأمنها يمكنهم استثمار اختلافات أخرى كأردني بدوي وغير بدوي مثلا".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل
الجريدة الرسمية