رئيس التحرير
عصام كامل

حسين حمودة: المقررات الأدبية بالمدارس «نمطية» تحتاج لثورة تغيير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكد الناقد الدكتور حسين حمودة، أن هناك مشكلات كبيرة، متعددة الجوانب، ترتبط بمقررات التعليم قبل الجامعي في مصر، ومن ضمنها ما يتصل بالمجال الأدبي، وهي مشكلات تطال الأسماء أو اللجان التي تضع هذه المقررات، ومفهومها عن الأدب، وما تختاره منه، وتصورها عن طرائق تدريسه، ففي فترة من الفترات، كانت هناك عناية باختيار من يقومون بوضع المقررات الأدبية، فكان من هؤلاء مثلا أسماء مثل: طه حسين، وأحمد أمين، وزكى نجيب محمود وغيرهم، أما الآن لا نجد مثل هذه العناية.


وأوضح في تصريح لـ«فيتو»، أن أغلب القائمين الآن على وضع مقررات الأدب، لا يؤمنون بقيمة التعدد ولا بأهمية التفكير النقدي أو الخلّاق المستقل، ولذلك يتعاملون مع الطلاب على أنهم مجرد "ذاكرات" صماء لا تعي، وعليها أن تسلك طريقا واحدا لا شريك له في تلقي الأدب، الذي هو نشاط إبداعي يمكن تلقيه بطرائق متنوعة لا حصر لها.

وأشار إلى أن النصوص الأدبية، بأنواعها المختلفة، الشعرية والقصصية وغيرها، يتم اختيارها بذائقة تقليدية تقف عند حدود أزمنة غابرة قديمة، وتكرّس لأسماء دون سواها، ولا تكاد هذه الذائقة تعترف بالنتاج الأدبي الحديث، المصري والعربي، خلال العقود الحديثة الأخيرة، أحدث ما تراه هذه الذائقة التقليدية من الأدب العربي رواية تاريخية مبكرة كتبها نجيب محفوظ في نهاية الثلاثينيات، أو "سيرة" كتبها طه حسين قبل ذلك، أو قصيدة وطنية كتبها صلاح عبد الصبور مع حرب 1973، وكأن هؤلاء لم يكتبوا غير هذه الأعمال، أو كأنه لا يوجد مبدعون ومبدعات بعد هؤلاء.

وتابع: أن النصوص الأدبية في المقررات الأدبية بعيدة تماما عن عالمنا المعاصر، وعن قضاياه ومشكلاته وإيقاعه المتسارع، وهي باختصار نصوص "غريبة" على الطلاب والطالبات مثلما هم "غرباء" عنها، ونتيجة لذلك يتعاملون معها كعبء ثقيل مفروض عليهم، وتقريبا تنتهي علاقتهم بها إلى شكل من أشكال "الكراهية"، وكراهية هذه النصوص، وكراهية اللغة العربية الفصحى التي كتبت بها هذه النصوص، وبجانب هذا، فطريقة التعامل التي تفترض هذه المقررات أنها الطريقة "النموذجية" في دراسة الأدب، هي طريقة تقوم على "الاستظهار" أو "الحفظ"، أو "التلقين"، ولا تهتم أبدا بتنمية ملكات التفكير أو التقويم أو النقد أو الإبداع، ويجب على الطلاب أن يلغوا عقولهم ويتخلصوا من ذواتهم، وألا يتجاوزوا حدود "الذاكرة" كي يحصلوا على أعلى الدرجات، ووهذا كله يؤدي إلى "تنميط" عملية تلقي الأدب الذي هو بعيد في جوهره عن أي تنميط.

وأكد أن تجاوز كل هذه المشكلات في مقررات الأدب المدرسية يحتاج إلى حلول جذرية ومبدعة في الوقت نفسه، تبدأ من العناية باختيار القائمين على وضع هذه المقررات، ومن الاهتمام بالنصوص الأدبية التي تنتمي إلى عالمنا الراهن، ومن إعادة النظر في أهداف دراسة الأدب، ومن الحرص على تنمية قدرات التفكير والنقد والإبداع عند الطلاب، فتحتاج المقررات الأدبية الراهنة إلى عقليات أخرى تحترم عقول الطلاب وذائقاتهم، وتراعي أعمارهم، وتنطلق من اهتماماتهم وقضاياهم، وتستطيع أن تجعل علاقتهم أفضل بالأدب، وبأنفسهم، وبوطنهم، وبالعالم من حولهم.

الجريدة الرسمية