رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ الأزهر الإمام الثائر

 شيخ الأزهر الدكتور
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

منذ وقت مبكر للغاية، أدرك شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، خطورة سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة، وعرف الإمام الأكبر أن الأزهر وشيخه لن يكونا بعيدين عن سطوة الجماعة التي طالما حلمت بإدخال المؤسسة العريقة بيت طاعتها، لذلك سارع إلى تغيير القانون الذي يعطى رئيس الجمهورية حق تعيين شيخ الأزهر، بحيث يتم اختياره من قبل هيئة كبار العلماء، وتم الحصول على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإصدار القرار بالجريدة الرسمية قبل يوم واحد من انعقاد مجلس النواب، وهدد الإخوان وقتها بإعادة طرح القانون للمناقشة مرة أخرى، لكن الطيب وقتها لوح لهم بالاستقالة من منصبه.


مشهد الطيب في جامعة القاهرة خلال أداء مرسي اليمين تحت القبة، كان علامة فارقة في علاقة شيخ الأزهر بالإخوان، يومها رفع الإمام الأكبر راية العصيان في وجه الجماعة وقياداتها، وأعلن انسحابه من الحفل؛ اعتراضًا على جلوسه في مكان غير لائق بقيمة وقامة شيخ الأزهر بعيدًا عن الصفوف الأمامية، ومن بعدها بدا واضحًا للجميع أن الجماعة لن تترك الطيب في حاله، وأن العلاقة بينهما وصلت إلى نقطة اللاعودة.

صراع الطيب مع الإخوان وصل ذروته عند تعيين نواب رئيس جامعة الأزهر.. كانت الجماعة تريد أن يكون من بين الـ3 نواب اثنان على الأقل من أساتذة الإخوان في الأزهر، بينما أصر الطيب على تطبيق المعايير الموضوعة لاختيار النواب، وأرسل أسماء من وقع عليهم الاختيار إلى رئاسة الجمهورية؛ لإصدار قرار بتعيينهم، وجاء الرد من الرئاسة برفض التصديق على قائمة الأسماء التي اختارها شيخ الأزهر، مع توصية بالبحث عن أسماء أخرى بديلة لمن وقع عليهم الاختيار.

ورغم استجابة الإمام وتغيير أسماء النواب واختيار 3 آخرين، إلا أن الرئاسة كررت رفض التصديق على القائمة الجديدة، وظلت جامعة الأزهر دون نواب لمدة ثمانية أشهر، ولم تنته الأزمة إلا بتلويح الطيب بالاستقالة من جديد، وقتها أدرك الإخوان أنهم لن ينجحوا في مواجهة “المخ الصعيدي” للإمام الأكبر.. في كواليس العلاقة بين الطيب والإخوان، كان الإمام الأكبر يتعمد عدم الذهاب إلى الكثير من الحفلات المهمة التي كان يشارك فيها “مرسي”، خصوصا تلك التي شهدت تكفيرًا لمعارضى حكم الإخوان أو الداعين إلى التظاهر ضد مرسي والمطالبين برحيله، ووصل الأمر في آخر أيام حكم مرسي، إلى مقاطعة تامة من الطيب للمشاركة في أي فعالية يحضرها مرسي...

وحين اشتد الخلاف بين مؤيدى الإخوان ومعارضيهم، انتفض الأزهر وأعلن الطيب - في بيان رسمى - حرمة الدماء التي يمكن أن تسيل من أي فريق، ودعا إلى نبذ الخلافات والوصول إلى توافق بين الأمة، وعدم منح الفرصة لأعداء الوطن لتمزيقه، ولأن الإخوان كانوا مصريين على المضى قدما في طريقهم غير عابئين بالمعارضين من جموع الشعب المصري، انحاز شيخ الأزهر لمطالب الجماهير وشارك في اجتماع 3 يوليو الشهير، الذي تم فيه عزل مرسي وإعلان خارطة طريق جديدة، يومها كان “الطيب” في بلدته في أقصى الصعيد، لكنه حرص على حضور الاجتماع، وتم نقله بطائرة عسكرية إلى القاهرة، ويومها رأى حشود 30 يونيو تملأ الشوارع فاقتنع بأهمية الظهور في مشهد 3 يوليو، قاطعا الطريق على الإخوان للمتاجرة بأن ما حدث حرب على الإسلام.
الجريدة الرسمية