رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ الأزهر: القرآن الكريم حرم سب الصحابة في آيات واضحة

الدكتور أحمد الطيب،
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف

أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن القرآن الكريم حسم في آيات واضحة تحريم سب الصحابة، رضوان الله عليهم؛ موضحًا أنه بيَّن فضلهم وقرَّر أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار أو جيل التابعين لهم بإحسان، "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ".


وأشار إلى قوله "وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ" ثم قال: "خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا" ثم قال: ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، موضحًا أنه لا يجرؤ بعد هذه الآية إنسان في قلبه ذرة من إيمان بالله وتصديق بكتابه وبرسوله أنْ ينطق بكلمة واحدة تسيء إلى صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وأضاف في حديثه الذي سيذاع اليوم الخميس، على "الفضائية المصرية" قبل الإفطار: إن القرآن الكريم لم يتفرد بحسم موضوع تحريم سب الصحابة الكرام، بل إن الأحاديث النبوية الصحيحة صريحة في تحريم سبهم وإهانتهم والإساءة إليهم، مشيرا إلى قول النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ"، وهذا الحديث في البخاري ومسلم والترمذي ومسند أحمد وأبي داود، وفي معظم كتب السنة، والتي نجد فيها أبوابًا معنونة باسم "باب وجوب احترام الصحابة والنهي عن سبهم".

وبيَّن الإمام الأكبر أنَّ من أصول أهل السنة في هذا الموضوع هو تحريم سب الصحابة تحريما قاطعا وباتًّا، وهذا ما أكده الحديث الشريف من خلال تكرار النهي عن سبهم في قوله: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي" فالتأكيد اللفظي جاء لتأكيد هذا المعنى، فكأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يثبِّت هذا المبدأ في قلوب المسلمين جميعًا، ويقول لهم: إياكم والاقتراب من الإساءة إلى صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وأوضح أن المسلم ليس حرًّا في أن يأخذ من القرآن الكريم والسنة النبوية ما يتماشى مع هواه ويترك ما لا يتماشى معه؛ وإلا كان ممَّن قال عنهم القرآن الكريم: "يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ"، فمَن يأخذ ببعض آيات القرآن ويترك بعضها؛ فهذا هو الذي يؤمن ببعض القرآن ويكفر ببعضه، ويكون استدلاله ساقطًا؛ لأنه سيتطرق إليه النقد والاعتراض، فكيف يُستدل بدليل هو في الأصل منقوض ومعترض عليه؟! والاستدلال لا بد فيه من جمع الآيات كلها في الموضع الذي تتحدث عنه وتفهم على الوجه الصحيح، فلا يمكن أن يُستشهد بقوله تعالى: "فويل للمصلين" دون أن نربطها بالآية بعدها، ويُمنع الناس من الصلاة، إذ لابد أن تتصل الآيات ببعضها.

واختتم حديثه بأنَّ تفضيل الصحابة لا يكتسب بالقياس العقلي؛ وهو مَن يفعل أكثر أفضل ممَّن يعمل أقل، ولو كانت الفضائل بالقياس العقلي لكان الذي ينفق مثل جبل أُحُد ذهبا، أفضل بكثير من الصحابي الذي ينفق نصف مده، لكن لما بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الأمر على عكس منطق العقل، علمنا أن الفضيلة أو العدالة إنما هي من جهة أخرى غير جهة العقل، هذه الجهة هي جهة النص الشرعي أو ما يسمى "الدليل النقلي"، المقابل للدليل العقلي، ومِن ثَمَّ فإنهم أفضل المسلمين بالإجماع ويحرم سبهم والاجتراء عليهم بأي صورة من الصور، والذين يجترئون عليهم لو أعادوا النظر في هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية وتدبروا هذه المعاني؛ فإنهم سيراجعون أنفسهم ألف مرة قبل أن يطلقوا ألسنتهم في هذا الجيل الذي زكَّاه القرآن الكريم وزكَّاه النبي، صلى الله عليه وسلم.
الجريدة الرسمية