رئيس التحرير
عصام كامل

البابا الحكيم.. كان الأول على دفعة الكلية الحربية 1948.. فى عهده زاد عدد الكنائس فى مصر والعالم الخارجى

البابا شنودة الثالث
البابا شنودة الثالث

لا يعرف الكثيرون القصة الكاملة لحياة الشخصية الكارزمية للراحل العظيم البابا شنودة الثالث، على الرغم من كون الرجل هو الوحيد الذى استطاع قيادة السفينة القبطية ببراعة شديدة، على الرغم من اعتراض البعض على أسلوبه فى الإدارة.


البابا شنودة الثالث هو بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رقم (117) فى تاريخ البطاركة، اسمه الأصلى نظير جيد روفائيل وقد ولد فى يوم الجمعة الموافق3 أغسطس 1923 فى قرية سلام بمحافظة أسيوط التابعة لإبراشية منفلوط، لكنه انتقل إلى دمنهور حيث عهد بتربيته الى أخيه الأكبر روفائيل، فدرس فى مدرسة الأقباط الابتدائية ثم بمدرسة الأمريكان ببنها، وانتقل مع الأسرة إلى القاهرة وسكنوا فى حى شبرا ، حيث درس بمدرسة الايمان الثانوية، حيث نال إعجاب معلميه لتفوقه ودماثة خلقه.. وبعد حصوله على شهادة الثانوية التحق بجامعة فؤاد الاول بكلية الاداب قسم تاريخ وحصل على الليسانس فى الآداب سنة 1947م، عمل بعد ذلك بالتعليم فى المدارس الثانوية ولكنه تركها لرغبته فى تكريس وقته لخدمة الرب.
التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها سنة 1948 م وكان الأول على دفعته، وقبل تخرجه من كلية الآداب التحق بالكلية الإكليريكية، وتخرج فيها 1949م بتقدير (ممتاز) وكان أيضا الأول على دفعته، وقبل تخرجه حضر فصولا مسائية فى كلية اللاهوت القبطى وكان تلميذاً وأستاذا فى نفس الكلية فى نفس الوقت، ثم أصبح مدرسا للكتاب المقدس واللاهوت بالكلية الإكليريكية، و كان يخدم بمدارس الأحد فى أماكن كثيرة خاصة بكنيسة القديس الأنبا انطونيوس بشبرا، وكنيسة القديسة مريم بمسرة، وجمعية النهضة الروحية بشارع فؤاد بشبرا، كما كان يرأس ملجأ مدارس الأحد بشارع روض الفرج، واختير مديرا لتحرير مجلة مدارس الأحد وكان عضوا بنقابة الصحفيين ,وفى الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا فى علم الآثار القديمة، كما كان من الأشخاص النشطين فى الكنيسة وكان خادما فى مدارس الآحاد ولكنه اشتاق إلى حياة الوحدة والسكون، فترك العالم ومضى إلى دير السريان ببرية شيهيت، حيث لم يمض زمانا طويلا لاختياره ،حتى رسمه الأنبا ثاؤفيلس أسقف الدير راهبا باسم الراهب انطونيوس فى يوم 18 يوليو سنة 1954م ،وكان عمره 31 عاما وقت رهبنته فأخلى ذاته وتدرج فى الخدمة فى الدير أمينا للمكتبة ، ومسئولا عن المطبعة ونشر المخطوطات، وعن الضيوف الأجانب وأحيانا كان مسئولا عن الزراعة والمباني.
وقد اشتاق لحياة التوحد فاعتكف فى قلايته داخل الدير، وتركها إلى أخرى بالحديقة خارج الدير الذى تركه بعد ذلك، فأرشده الله إلى مغارة أحد القديسين، تبعد عن الدير حوالى 12 كيلو مترا، وكانت تمر عليه فيها اسابيع لا يرى وجه إنسان، وكانت فرصة للخلوة مع الله والقراءة والتأمل والدراسة والتشبع بأقوال الآباء.
ثم رسم قسا تحت إلحاح أبنائه الروحيين فى 31 أغسطس سنة 1958 م، ليختاره الأنبا كيرلس السادس بعد ذلك للأسقفية، ولكن لعلمه انه لن يقبل ان يترك البرية أحضره من هناك دون ان يعلمه بشيء ، خوفا من هروبه، فلما حضر الراهب انطونيوس وركع أمام البابا كيرلس ليأخذ بركته وضع البابا كيرلس يده على رأس ابينا انطونيوس قائلا : “شنودة أسقفا للإكليريكية، ومدارس التربية الكنسية، وسائر المعاهد الدينية” فلم يستطع ان يهرب من يد البطريرك، وبكى كثيرا، وبعد ذلك أمضى 10 سنوات فى الدير دون أن يغادره.
وتمت رسامته فى كاتدرائية القديس مرقس الرسول بالأزبكية فى 30 سبتمبر 1962م. صار أول أسقف للتعليم فاهتم بمدارس الأحد ومناهجها وتنظيمها واهتم بالإكليريكية ومستوى التعليم فيها وكان يقوم بعظته الأسبوعية لكل الشعب والتف الناس حوله فى حب شديد، كما كان أول أسقف للتعليم المسيحي، وعميد الكلية الاكليريكية، وذلك فى 30 سبتمبر 1962، وكان وهو أسقف للتعليم يقضى نصف الاسبوع فى المدينة يعظ ويدرس، والنصف الآخر فى الدير, على أن علاقة البابا بالرهبنة لا تقتصر على عيد رهبنته بل تمتد إلى حياته وعلاقته بالأديرة.
وحينما تنيح "توفى" قداسة البابا كيرلس السادس يوم 9 مارس 1971 م اجتمع المجمع المقدس برئاسة الأنبا انطونيوس القائمقام البطريرك، ليتدبر أمر اختيار البطرك الجديد لمرات عديدة طال فيها النقاش، حتى استقر الرأى على اختيار خمسة من مجموع المرشحين، تمت بينهم الانتخابات واستقرت عن اختيار ثلاثة منهم هم نيافة الأنبا شنودة أسقف التعليم، والأنبا صموئيل أسقف الخدمات، والقمص تيموتاؤس المقاري، وأجريت القرعة الهيكلية يوم الأحد 31 أكتوبر 1971م فاختارت العناية الإلهية الأسقف شنودة ليكون البابا الـ117 فى سلسلة باباوات الإسكندرية، و فى عهده بنيت كنائس كثيرة فى داخل مصر وخارجها فى كثير من بلاد العالم، واهتم قداسته بإكمال بناء الكاتدرائية، والمقر البابوى الجديد، ووضع حجر أساس مستشفى مارمرقس، كما تمت سيامة أكثر من 100 أسقف وأسقف عام؛ بما فى ذلك أول أسقف للشباب وأكثر من 400 كاهن، وعدد غير محدود من الشمامسة فى القاهرة والإسكندرية، وكنائس المهجر.وقد أولى اهتماما خاصا لخدمة المرأة فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وفى عهده أيضا زادت الابراشيات كما تم إنشاء عدد كبير من الكنائس، سواء داخل أو خارج جمهورية مصر, لكن بسبب اعتراضاته التى أبداها أثناء كتابة الدستور المصرى فى عهد أنور السادات، حدد السادات إقامته فى دير النطرون.
ومنذ ذلك الحين أصبح شنودة بطريركا للكرازة المرقسية ولم يفارقها إلا حين أبعده الرئيس الراحل محمد أنور السادات عنها فى اعتقالات سبتمبر 1981 الشهيرة إلا أنه عاد فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك بعد حكم المحكمة وقد رحل يوم السبت الماضى الموافق 71مارس 2102 عن عمر يناهز 98 عاماً.
الجريدة الرسمية