حكومة لجنة السياسات..وحتمية الموجة الثالثة للثورة !
بدأت بوادر الموجة الأولى للثورة المصرية التي انفجرت في 25 يناير 2011، والمستمرة حتى اللحظة الراهنة منذ ظهور جمال مبارك في المشهد السياسي، وقيام أمه بالتخطيط مع سدنة نظام أبوه لتوريثه حكم مصر، وتفتق ذهنهم أولا للبحث عن طريقة لفرض الولد على الساحة السياسية المصرية، وكان هناك أكثر من مقترح، تم تصفية المقترحات إلى مقترحين أساسيين: الأول إنشاء حزب جديد موازٍ للحزب الوطني يكون هو على رأسه، ويتم تصفية الحزب الوطني على حساب صعود الحزب الجديد على طريقة نشأة الحزب الوطني ذاته، موازيا لحزب مصر الذي انتقل أعضاؤه للحزب الجديد، الذي أصبح الحزب الوطني الديمقراطي.
والمقترح الثاني هو إنشاء لجنة من داخل الحزب الوطني ذاته يطلق عليها لجنة السياسات، ويتولى الولد رئاستها ويتم اختزال الحزب فيها، حتى تصبح هي المسيطرة والمهيمنة على الحزب والحكم، وبالفعل انتصر المقترح الثاني وأنشأت لجنة السياسات، ومعها بدأت بوادر التوريث؛ نتيجة سيطرة الأم وولدها على مقاليد الحكم وتراجع دور الأب الخاضع والخانع لهما، والذي أصبح لا حول له ولا قوة ولا حتى كلمة، هنا وفى نفس اللحظة بدأت بوادر الوعي الثوري تتشكل؛ لمقاومة عملية سرقة ونهب مصر بواسطة عصابة لجنة السياسات، وظل الصراع بين الحركة الثورية الوليدة ولجنة السياسات مستمرا لما يقرب من عقد من الزمن اشتد خلالها عود الحركة الثورية، وكبرت على طريقة كرة الثلج حتى تمكنت من الانفجار في يناير 2011، وأطاحت بالأب والأم والولد لكنها لم تتمكن من زحزحة لجنة السياسات المتغلغلة بعمق داخل مؤسسات الدولة المصرية.
وفى أعقاب الموجة الأولى للثورة تراجع الصف الأول من لجنة السياسات، وأفسح المجال للصف الثاني غير المعروف إعلاميا؛ ليسيطر على الحكم خلال فترة حكم المجلس العسكري الانتقالية، وفى هذه الأثناء تمكنت جماعة الإخوان الإرهابية من استغلال عدم توحيد الصف الثوري، وتناثر قواه الفاعلة وقامت بسرقة الثورة والاستيلاء على الحكم في غفلة من القوى الثورية والشعب معا، وحاولت الإطاحة بعصابة لجنة السياسات لكنها لم تتمكن لسيطرتهم على الجزء الأكبر من الاقتصاد الوطني، وكذلك وسائل الإعلام، وخلال عام واحد فقط استردت القوى الثورية وعيها ووحدت صفوفها وحشدت جماهيرها، وخرجت للإطاحة بهذا الفصيل الإرهابى سارق الثورة وسارق الحلم، وكانت 30 يونيو 2013 هي الانفجار الثاني للثورة.
وعادت القوى الثورية للتفتت من جديد بعد الموجة الثانية للثورة، واستغلت عصابة لجنة السياسات هذا الانقسام داخل الحركة الثورية؛ لتقوم بالعودة من جديد لدفع رجالاتها من الصفوف الخلفية؛ ليستولوا مرة أخرى على مقاليد الحكم، وسرقت الثورة للمرة الثانية، وفى هذه الأثناء اعتقد الشعب أن بإمكانه الانتصار بعيدا عن القوى الثورية المتشرذمة، فدفع بقائد الجيش؛ ليتولى حكم مصر أملا في تخليصها من براثن الجماعة الإرهابية وعصابة لجنة السياسات، وفعلا نجح الرجل بدعم الشعب في تحجيم وشل حركة قادة التنظيم والحد من عملياتهم الإرهابية، ومازالت المعركة معهم طويلة نظرا لتغلغلهم داخل بنية المجتمع.
لكن في ذات الوقت لم يتمكن حتى اللحظة الراهنة من مواجهة عصابة لجنة السياسات التي عادت؛ للاستيلاء على الحكم حيث دفعت بأحد أبرز أعضائها ليكون رئيسا للحكومة وهو المدعو إبراهيم محلب، وعادوا من جديد لفرض هيمنتهم وسيطرتهم على المشهد المصري برمته، واستغلوا ثرواتهم التي جمعوها بنهب قوت الشعب، للسيطرة على وسائل الإعلام؛ لتزييف وعي الجماهير وتجريف عقولهم، والعمل على إفشال ثورتهم وإفشال اختيارهم.
ومن هنا لابد على الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن يدرك جيدا أن حكومة لجنة السياسات المسيطرة على الاقتصاد الوطني، ووسائل الإعلام هي العدو الأول له وللشعب المصري، فحتى اللحظة الراهنة مشروعها الرأسمالي التابع أمريكيا وصهيونيا وخليجيا هو من يفرض نفسه على الساحة المصرية، ومازالت تستخدم الجنرال إعلام ضد إرادة الشعب في التغيير وتحقيق مطالبه المشروعة، في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ومازالت تحاول أن تصدر للشعب المصري أن الرئيس جزء لا يتجزأ من عصابتها، وأنه يعمل على تكريس سياساتها المضادة لإرادة الشعب.
وحتى المشروعات الكبرى التي يتبناها الرئيس مثل مشروع قناة السويس، يتم التعتيم عليه إعلاميا في الوقت الذي تبرز فيه الدعاية المستفزة لمشروعاتهم وإعلانات حديد عز الجديدة خير شاهد على ذلك، ويجب على الرئيس التحرك الآن وقبل فوات الأوان، فشعبية الرجل تتآكل وتقل يوما بعد يوم في ظل سيطرة وهيمنة حكومة لجنة السياسات، وإن لم يتحرك لإطاحة بها وتقويض دعائم مشروعها دون خوف، فالشعب ما زال معه وسيدعمه تماما في هذه المعركة وإلا فالموجة الثالثة للثورة حتمية، فالشعب لا يمكن أن يصبر كثيرا على عدم تحقيق مطالبه المشروعة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، والطليعة الثورية المتشرذمة مازالت ترفع شعار الثورة مستمرة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.