اللعب فى دماغ مرسى
احتفلنا منذ أيام بذكرى تحرير الكويت من احتلال قوات صدام حسين لها منذ اثنين وعشرين عاما، وبالتحديد عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين، بعد أن قام محترفو اللعب فى أدمغة القادة والحكام باللعب فى دماغ الرئيس العراقى وزينوا له فعلته وأوهموه أن الأمر لا يخصهم ولا يدفعهم إلى التدخل، ونجحت عملية اللعب فى دماغ صدام مثلما نجحت من قبل عملية اللعب فى دماغ عبدالناصر عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين ودفعوه إلى إعلان الحرب وحشد القوات المسلحة فى سيناء وإغلاق خليج العقبة وطرد القوات الدولية، بينما قواتنا الضاربة فى اليمن.
وقد اعترف أحد أصحاب اللعب فى أدمغة القادة والحكام بأنهم يحترفون هذه اللعبة وأنهم يكلفون أحد رجالهم بتقمص شخصية من يريدون دفعه إلى اتخاذ قرارات معينة تحقق أهدافهم، ويمارسون بذلك ما يطلقون عليه «لعبة الأمم» وهو اسم الكتاب الشهير الذى ألفه مايلز كوبلاند الذى تقمص شخصية الرئيس عبدالناصر وشارك فى وضع خطة توريطه فيما جرى خلال شهرى مايو ويونيو من العام ألف وتسعمائة وسبعة وستين وانتهى بأسوأ هزيمة عسكرية فى التاريخ الحديث، وتكررت القصة مع صدام حسين الذى قالت له السفيرة الأمريكية فى بغداد إن أحدا لن يهتم بما سيقوم به فى الكويت، ويشهد التاريخ أن حسنى مبارك حذره من هذه اللعبة، ولكن محترفى اللعب فى الأدمغة كانوا أكثر نجاحا.
ومن المؤكد أن ما حدث فى مصر وفى العراق يتكرر فى دول أخرى مع قادة وحكام آخرين، وأن لعبة الأمم تمارس على نطاق واسع، وأن هناك عشرات يقومون بنفس الدور الذى قام به مايلز كوبلاند ويتقمص كل منهم شخصية رئيس أو حاكم يجرى اللعب فى دماغه ودفعه إلى قرارات وتصرفات مرسومة له على مائدة اللعبة الخبيثة.
ويبدو أن أصحاب اللعبة درسوا جيدا كل ما يتعلق بالإخوان منذ زمن طويل، وأنهم يعرفون كيف يلعبون فى أدمغة قادة العشيرة وزعمائهم ويدفعونهم إلى قرارات وتصرفات مطلوب توريطهم فيها طبقا لحسابات معدة من قبل.
وإذا صح ذلك ــ ويبدو أنه صحيح ــ فإنه يفسر كل قرار يتخذه الريس مرسى وكل قرار يرجع عنه، وهو ما يشير إلى أنهم أحسنوا اللعب فى دماغه وفى أدمغة الذين يخضع لهم، ولا تزال لعبة الأمم مستمرة، وستبقى مستمرة.
ونسأل الله السلامة والعافية..