رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة البحرين تُهدد الأسطول الخامس الأمريكى


أعلن الملك البحرينى حمد بن عيسى آل خليفة مؤخرًا عن تعيين أكبر أبنائه، ولى العهد سلمان، فى منصب جديد وهو النائب الأول لرئيس الوزراء مع اضطلاعه بمسئولية مراقبة أداء العديد من الوكالات الحكومية.. واعتبرت هذه الخطوة كإشارة إلى المعارضة السياسية بأن القصر الملكى يرغب فى تسوية الأزمة التى بدأت منذ عامين عندما أخذت قوات الحكومة فى قمع المعارضين البحرينيين الذين ينتمون إلى الشيعة فى الغالب والمطالبين بزيادة مشاركتهم فى الحياة السياسية.


وخلال الأسابيع الأخيرة، عقد حوار وطنى قومى لجمع ممثلين عن الحكومة والبرلمان والجماعات السياسية السنية الموالية للحكومة وجماعات المعارضة الشيعية الرئيسية، وذلك فى وقت تعارض فيه بعض الجماعات الشيعية هذه المحادثات باعتبارها مضيعة للوقت وهى تدعم الشباب المجتمعين بشكل غير مترابط تحت اسم "حركة 14 فبراير" الذين يدخلون فى مناوشات منتظمة مع الشرطة.

ويبدو أن السعودية قد فوضت الأمير متعب بن عبدالله، أحد أبناء العاهل السعودى وقائد الحرس الوطنى السعودى الذى تشكل قواته شبه العسكرية غالبية الوحدات السعودية التى تدخلت فى البحرين فى 2011، لكى يجرى اتصالات مع ائتلاف الوفاق، والذى يمثل المعارضة الشيعية الرئيسية فى البحرين، لمطالبته بوضع مطالب معقولة، فضلًا عن مطالبة الأسرة الحاكمة فى البحرين بتقديم تنازلات من أجل نزع فتيل الأزمة الراهنة.

وتشير التطورات فى البحرين أيضًا إلى وجود خلافات سياسية فى منزل آل سعود، حيث إن الحالة الصحية للملك عبدلله (90) تزداد ضعفًا بينما يعانى ولى العهد الأمير سلمان (77) من أزمات صحية، وتأخذ إحدى فصائل الأسرة الملكية السعودية، التى تضم الأمير متعب وعمه، الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذين عين مؤخرًا فى منصب النائب الثانى لرئيس الوزراء، شكلًا إصلاحيًا على عكس العديد من أبناء الأمير الراحل نايف الذين يشتهرون بالاستبدادية المفرطة وهم وزير الداخلية الأمير محمد وأخوه الأكبر الأمير سعود الذى عين مؤخرًا حاكمًا لـ "المحافظة الشرقية".. وهذان الأخيران يشتهران بتفضيلهما للأسلوب الحازم فى الحكم تمامًا مثلما كان والدهما، إلا أنهما ربما يكونا أكثر اعتدالًا.. كما يستمد متعب الدعم من خالد التويجرى وهو شخصية رئيسية غير منتسبة للعائلة المالكة يتولى إدارة شئون بلاط الملك.

أما فى البحرين ذاتها، فنجد أنه على الرغم من حديث الملك وولى العهد فى الماضى عن إنشاء ملكية دستورية تشبه الملكية البريطانية فإنهما على ما يبدو مترددان فى التنازل عن سلطات حقيقية.. وقد اقترح البعض ضرورة عرض أى صيغة يتم التوصل إليها فى الحوار الوطنى على الاستفتاء الشعبى، إلا أن ذلك قد يتطلب الموافقة على حقوق التصويت، وهى قضية أخرى تشوبها المرارة الطائفية.. فقد اتهم الشيعة الحكومة بمنح الذكور الأجانب وعائلاتهم من السَّنة طريقًا سريعًا بشكل غير عادل للحصول على المواطنة عن طريق الخدمة فى قوات الأمن.. ونتيجة لمثل هذه الإجراءات، تغيرت نسبة السَنة إلى الشيعة بين مواطنى الجزيرة لتصل إلى نحو 45 إلى 55 فى السنوات الأخيرة بعد أن كانت 30 إلى 70.

ويعد التحدى الأكثر خطورة أمام الولايات المتحدة هو تشجيع العائلة المالكة على تقديم تنازلات سياسية دون تعريض مقر الأسطول البحرى الأمريكى الخامس للخطر، وهى منشأة إقليمية أكثر حيوية لا يمكن الاستغناء عنها على الأرجح لأنها تساعد على حماية طرق نقل الطاقة إلى خارج الخليج العربى، وعلى الرغم من ضرورة قيام واشنطن بتشجيع استمرار الحوار الذى لا يزال يسير بخطى بطيئة، إلا أن التفاؤل الأخير يجب أن يكون مصحوبًا بالحذر فى ضوء الخلافات السياسية الجارية بين أفراد العائلتين الملكيتين فى البحرين والسعودية، لا سيما مع احتمال استغلال إيران لأى أزمة جديدة. ويمكن لفصيل "الخوالد" فى المنامة أن يتقبل هذا الاحتمال كوسيلة لتوضيح مأزق العائلة المالكة ومبرراً للمسار المتشدد.. ولتجنب اكتساب هذا الفصيل المزيد من الجرأة، ينبغى على واشنطن مقاومة إغراء المناقشة العلنية لمقر قيادة الأسطول الخامس.

* نقلًا عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى..
الجريدة الرسمية