رئيس التحرير
عصام كامل

موقف إسرائيل من ثورة «30 يونيو» يكشف تحالف اليهود مع الإخوان

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بدا واضحًا منذ بداية أحداث 30 يونيو، الموقف غير المحايد للدولة العبرية من الثورة والذي كشف انحيازها التام لجماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدة بما لا يدع مجالاً للشك تحالف الكيان الصهيوني مع الكيان الإخواني.


في البداية حاولت إسرائيل أن تشكك في مصداقية نجاح ثورة 30 يونيو وأعدت التقارير التي تدعو إلى تثبيط الهمم بأن المصريين لن يخرجوا إلى الشوارع وأن المعزول محمد مرسي هو الرئيس الشرعي للبلاد، وبلسان إخواني رددت أنه لم يتمكن خلال عام واحد فقط أن يصلح ما أفسده مبارك خلال ثلاثة عقود.

وفيما يخص الموقف الرسمي أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعليمات لأعضاء حكومته بالامتناع عن أي تعليق على أحداث ثورة 30 يونيو في مصر، وذلك يبدو أنه كان رغبة من إسرائيل في الانتظار حتى ترى إلى أين ستتجه الدفة، ولكن في المقابل بث الإعلام الإسرائيلي الموجه سمومه نحو الثورة.

غير أن وزير خارجية الاحتلال السابق، أفيجدور ليبرمان، لم يستطع مواصلة الصمت فخرج بتصريحات أعرب فيها عن قلق المؤسسات السيادية من تداعيات عزل تنظيم الإخوان في مصر وقال لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "إن الوضع بمصر مزعج؛ لأن الإخوان ليسوا الأشخاص الذين سيقبلون بهدوء عزل مرسي".

وعقب الأحداث أجرت القيادات الإسرائيلية اجتماعات أمنية لدراسة وتقييم الأوضاع في الأراضي المصرية، واعتزمت رفع حالة التأهب القصوى على طول الحدود الجنوبية مع مصر.

وأجمع المحللون الإسرائيليون على أن عام مرسي كان عامًا جيدًا لإسرائيل، وفي مدح مرسي قال البروفيسور الإسرائيلي، نمرود جورين، عقب عزله: "إن عام مرسي في الحكم كان في الواقع أقل تهديدًا"، فقد أكد أن الإسرائيليين وضعوا سيناريوهات مبالغ فيها عن حكم الإخوان، لكن الجمهور الإسرائيلي استنتج وبسرعة مدى بُعد هذه السيناريوهات عن الواقع.

وأظهرت استطلاعات للرأي بعد أشهر معدودة على حكم الإخوان، أن الشعب الإسرائيلي تخلص من القسم الأكبر من مخاوف كانت تساوره عند انتخاب مرسي.

وأضاف أن الإخوان أثبتوا أنه من الممكن المحافظة على معاهدات سلام مع إسلاميين، بالرغم من آرائه السياسية، إلا أن مرسي تمسك بمعاهدة السلام مع إسرائيل، معاهدتا السلام مع كلٍّ من مصر والأردن صمدت أمام التغيرات في القيادة، وصمدت خلال مراحل عصيبة من الصراع العربي – الإسرائيلي.

ولكن هذه كانت المرة الأولى التي تصمد فيها معاهدة سلام بوجه تغيير فكري لنظام الحكم، هكذا فند الادعاء الإسرائيلي القائل أن السلام مع الدول العربية لا يمكن الحفاظ عليه ولذلك لا جدوى منه، وأن انهيار النظام سيؤدي إلى إلغاء المعاهدات.

وأكد على أن السنة التي قضاها مرسي في الحكم شهدت تعيين سفير جديد لمصر لدى إسرائيل، وإرسال خطاب شخصي من الرئيس المصري إلى نظيره الإسرائيلي حينها شيعون بيريس، وشهدت تنسيقا أمنيًا مشتركًا ودعمًا مصريًا لمبادرة السلام العربية، وبالتأكيد فإن هذه الخطوات لم تكن لتتوقعها إسرائيل من رئيس قادم من صفوف جماعة الإخوان، المصالح الأمنية المشتركة والضغط الأمريكي على مصر لعبت دورًا هامًا في ذلك.

وأردف: "أن العلاقات المصرية الإسرائيلية في عهد مرسي، كانت مبنية بالأساس على التعاون الأمني، وأظهرت نجاح القيادة المصرية في التوسط بين قيادة حماس وإسرائيل، كان هذا هو الحال في زمن الرئيس الأسبق، حسني مبارك".

وأصرت إسرائيل في تقاريرها على وصف أحداث ثورة 30 يونيو بأنها انقلاب عسكري، كما اعتبرت أن سقوط الإخوان ليس في مصلحة إسرائيل بالمدى القريب كونهم كانوا عامل استقرار وقد يكون وجودهم في الحكم من هذه الناحية أفضل من فوضى محتملة ستأتي بعد سقوط مرسي، فضلاً عن أن التعاون بين الإخوان وإسرائيل فاق التوقعات بحسب صحيفة "معاريف" العبرية.

وفى ذلك اعتراف من إسرائيل أن الفوضى ستأتي بعد مرسي، وهو ما جرى بالفعل عقب عزل مرسي، حيث استشرى الإرهاب في سيناء التي لم تنسَ إسرائيل استرداد مصر لها فهي من أكبر المستفيدين من ارتفاع وتيرة الإرهاب في أرض الفيروز.

لم تكن تلك التصريحات الموالية للتنظيم الإرهابي بمعزل عن التحالف بين الكيان الصهيوني والجماعة التي جاء وصولها إلى حكم المحروسة بمباركة أمريكية، وبالطبع أمريكا لا تخطو خطوة إلا بأمر من اللوبي الصهيوني المسيطر على القرار في الولايات المتحدة.

وإسرائيل لم تطمح في وصول الإسلاميين للحكم من أجل "سواد عيونهم" بل يقينًا منها بأنهم الكوبري الذي ستتمكن من خلاله تحقيق حلم إسرائيل الأكبر من النيل إلى الفرات.

وبدا التحالف واضحًا من خلال الخطوات التي بدأ في تنفيذها المعزول مرسي خلال تواجده في الحكم، والتي تمثلت في منح الجنسية المصرية لـ10 آلاف فلسطيني، الأمر الذي كان بمثابة الطامة الكبرى.

كما وعد مرسي بمنح الفلسطينيين جزءً من سيناء لإقامة دولة فلسطينية وذلك ضمن مخططات خبيثة للتنظيم الدولي للإخوان، في تخلٍ صريحٍ عن الالتزام بمبدأ قدسية التراب الوطني.

وحاول الإخوان خلال عامهم في الحكم تهجير الحمساويين والغزاوية إلى سيناء وشراء الأراضي هناك بأسعار خيالية، ولكن اندلاع ثورة 30 يونيو أفسد مخطط الإخوان الذي يخدم الاحتلال وعرقل مشروع إسرائيل الكبرى؛ لذا شعرت تل أبيب بالخسارة عقب عزل مرسي واتخذت موقف غير مؤيد لثورة يونيو.

وهذا يبرر توسع الإرهاب في سيناء عقب سقوط تنظيم الإخوان وجعلها مرتعًا للتنظيمات التكفيرية، علمًا بأن الرابح الأول من تردي الوضع في أرض الفيروز هو إسرائيل، وهي الخدمة الجليلية التي قدمها التنظيم لتل أبيب بعد سقوطهم من الحكم.
الجريدة الرسمية