حتى متى ندفن رءوسنا فى الرمال؟
حقيقة ما أكثر الغرائب والطرائف فى ذات الوقت، مع أنه ليس هناك ما يبهج النفس، قد صار الغم والهم حالنا وهو دأبنا فكما يقول المثل الشعبى كثر الحزن يعلم البكى.
وما أكثر الأحزان فى هذه الأيام والتى أصبح لدينا رصيد وثروة هائلة منها .. وعلى الرغم من ذلك فإننا مازلنا نلف وندور حول أنفسنا ونحاول أن نلوى عنق الحقائق لخدمة أهداف معينة أو أطراف.. وتلك حقيقة ولكن الأمر ليس فى صالح أى طرف على الإطلاق وإننا بذلك نضل ونخدع أنفسنا.
ولعل أحد مصائب الحكومة الحالية هى أنها "لا تدرى"، بالقدر الكافى ما يدور ويحدث أو أن هناك من يحاول تضليلها ولكنها لديها استعداد لذلك فالأمر أصبح هين عليها ..ولكن هو الذى قادها فى النهاية إلى الوقوع فى ذلك المأزق الحرج والذى أوقعت فيه البلد أيضاً معها .. فهى قد هوت بنفسها وبالبلد فى مراغة لم تعرف كيف تقف لأن الأرض تحتهم قد أصبحت فى حالة طميية ورخوة..
فعلى سبيل المثال رغم كل ما يحدث حولنا ورغم كل ما هو معلن فى إضراب الشرطة والذى كلنا يعلم سببه، وكذلك شاهدنا فى الصحف ووسائل الإعلام بعض أفراد الشرطة البسطاء من الأمن المركزى وهم يحملون لافتات مكتوب عليها لا نريد المواجهة مع الشعب، لقد شعروا وأحسوا بأنهم داخل جملة غير مفيدة وأنهم مفعول بهم وليسوا فاعلا، على الرغم من أنهم يجدون أنفسهم فى موضع الفاعل لذلك أرادوا أن يكفوا أنفسهم مئونة ذلك الشعار وتلك الحالة من الـمرارة داخل نفوس بعض المواطنين أو معظم المواطنين الذين يجدون أنفسهم فى المواجهة معهم بحكم عملهم.
لذلك عندما قاموا بالإضراب وإغلاق الأقسام والاحتجاج فإن ذلك فى الواقع أسبابه سياسية فى المقام الأول وليس كما صرح مستشار رئيس الجمهورية لشئون المصريين سببه يعود إلى مطالب فئوية وأن إغلاق الأقسام هو بسبب المطالب الفئوية ولا يجب أن نحتسب ذلك على أساس سياسى.. فى حقيقة الأمر لا يمكن أن يكون ما قد دفع به مقبولاً بأى حال من الأحوال، فالمواجهات العنيفة وعمليات الكر والفر ما بين قوات الأمن والاشتباكات التى تقع ليل نهار فى المناطق المتفرقة من القاهرة وفى مدينة بورسعيد على نحو الخصوص والمنصورة ..
ذلك الكم الكبير من الضحايا الذين يسقطون من كلا الجانبين ذلك التهديد والوعيد من الألتراس لهم والتأكيد على أن المواجهة معهم آتية وأنهم سوف يجعلونهم يتمنون الهرب ولن يعرفوا، فإن ذلك يعد دوافع سياسية كبيرة وضخمة وأن القول بأنهم قد فعلوا ذلك من أجل مطالب فئوية فإن ذلك يزيد من تشويه رجل الشرطة وأهمية دوره الذى لا غنى عنه وأن الحفاظ على هذه المؤسسة الأمنية هو أحد الضرورات، إذ أن سقوطها يعنى أننا سنشهد حرب شوارع وتتحول مصر ومدنها إلى حلبة لصراع الضوارى من القوى والتيارات السياسية.
وأعتقد أن من يسقطون من رجال الشرطة فى مواجهة الإرهاب والبلطجة ليس دافعه هو الحصول على أية مطالب فئوية ولا حتى سياسية ولكنه واجب قومى وأيضاً عندما يتحاشون الصدام والمواجهة مع الشعب فذلك أيضاً قمة الوطنية والشجاعة فهم يمكنهم أن يتوقعوا المزيد من الضحايا ولكنهم يعلمون أنهم يقتلون أنفسهم ومن قبل وطنهم وأهلهم.