رئيس التحرير
عصام كامل

من «ووترجيت» إلى «ويكيليكس».. فتش عن المستفيد


كيف تخيف ويكيليكس حكومات العالم؟.. هكذا كان عنوان أحد تقارير المواقع الدولية، وهي تتحدث عن هذا الموقع وعما فعله بعد أن سرب عددا كبيرا من الوثائق الخاصة بالمملكة العربية السعودية، معظمها تتناول مراسلات المملكة مع مصر وأخرى جمعت بين إعلاميين وصحفيين مصريين وبين السفارة السعودية، ناهيك عن عروض المملكة من أجل الإفراج عن مبارك.


يقول الأستاذ - وأقصد بالطبع الكاتب محمد حسنين هيكل - إنه لا توجد وسيلة إعلامية تعمل في الفراغ حتى تلك التي نطلق عليها مستقلة، إنما هي مستقلة أي لا رسمية ولا حزبية، ولكن هذا لا يمنع وجود سياسة تحريرية وأهداف لها، والآن هل لنا أن نسأل أولا ما هي السياسية التحريرية وراء ويكيلكس؟

ولسنا في حاجة إلى تبيان، أن ما يحصل عليه هذا الموقع من مستندات هو شيء غير عادي، وبالطبع فسيحتاج الأمر إلى أكثر من مجرد صحفي أو حتى هاكرز يستطيع اختراق الأجهزة ويحصل على الوثائق، وهو الغموض الذي يحيط بهذا الموقع، خاصة أنه حينما صدر لأول مرة عام 2007، كان بلا أسماء محددة وبعد أن عرف أحد مؤسسيه «جوليان أسانج» كان أقصى ما وصلنا إليه تحديد 8 أشخاص آخرين يديرون الموقع، بينما الباقي - كما عبر الموقع نفسه - هم مجموعة من المتطوعين، أي أننا أمام موقع مجهول السياسة التحريرية مجهول المحررين، ولكنه رغم ذلك يحصل على أخطر وثائق في العالم.

وثائق السعودية لماذا الآن؟، كان هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرح بدلا من اللهث وراء ما تتضمنه تلك الوثائق، خاصة أنها لم تأتِ بجديد فمحاولات السعودية للإفراج عن مبارك واضحة، أما عن مطالب بعض الإعلاميين للأموال فهو أمر متوقع!

طبيعة الوثائق التي تم تسريبها حتى الآن، من أصل آلاف الوثائق، تشير إلى أن الدفعة الأولى كانت فقط "عربون" أننا نملك الوثائق، وهذا ما أكدته المملكة العربية السعودية في ردها على الأمر، بأن هناك اختراقا قانونيا لها، أما مضمون الوثائق فكان طبيعيا ومتوقعا، والخطر الآن في باقي تلك الوثائق التي يبدو أنها في طريقها للنشر ويترقبها الجميع.

لا يمكن أن نفصل تلك التسريبات التي خرجت بعد يوم واحد من زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا، ولقائه مع «يوري أشاكوف» مساعد الرئيس الروسي، وهي الزيارة التي تكتمت عليها السعودية ولم تعلن إلا قبلها بساعات قليلة!

الزيارة لم تتناول أمورا عادية بل كان محورها تفاهمات حول قضية اليمن وسوريا، يبدو واضحا أن هناك تغييرا في المسار الإقليمي بعد أن أثبتت أمريكا أنها لا تريد لأي حرب أن تنتهي، وتريد استنزاف الدول العربية في حروب أهلية، وكانت الضربة الحاسمة هو الاتفاق النووي مع إيران - عدوة السعودية الإقليمية - وهو السبب الأقوى الذي دفع السعودية إلى الاتجاه لروسيا بجانب مصر، لتشكيل ما يبدو أنه محور جديد، ولن نفصل ذلك كله عن الاتفاقيات التي وقعتها السعودية مع روسيا قبل زيارة ولي العهد ووصل عددها إلى 6 اتفاقيات.

من له المصلحة في إحراج السعودية في ذلك الوقت بالتحديد؟.. ولماذا كانت الوثائق التي تم تسريبها تقصد أولا وأخيرا استفزاز الشعب المصري، وإظهار أن السعودية دفعت أموالا طائلة للإفراج عن الرئيس الأسبق مبارك؟.. وإذا كان الشعب المصري يعرف فلماذا التكرار؟

كان أول ما طرأ على ذهني بمجرد الاطلاع على تلك الوثائق، هي قضية «ووترجيت» التي أطاحت بالرئيس نيكسون، بعد أن أثبت الصحفيان «كارل برنستين» و«بور وود ورد» أن نيكسون تجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس له، بدا الأمر عظيما وقتها وبرهن على حرية الصحافة قبل أن تقول كتابات أخرى وتطرح التساؤل الأهم هل كان للحزب الديمقراطي المنافس دور في حصول كارل برنستين على تلك التسجيلات؟.. بمعنى أدق هل تم استخدام الصحفيين بعلم أو دون علم من أجل الإطاحة بالرئيس نيكسون؟

نفس الأمر قد يكون هو الحادث الآن مع ويكيليكس، فهل يكون تمرير تلك التقارير الصحفية من أجل مساومة ما؟، أو تلجيم للانطلاق السعودي نحو القلعة السوفيتية؟، ولو كان الأمر كذلك فمن هو وراء تلك الوثائق؟.. وما عمق الدور الأمريكي؟.. وهل حان الآن دور السعودية؟!
الجريدة الرسمية