ملوك على عرش التلاوة.. المنشاوي ونعينع و"النهاوند"!
كان منطقيا أن نتناول الشيخ محمد صديق المنشاوي منفردا، ثم نتناول القارئ الطبيب أحمد نعينع - كما يحب هو أن يلقبوه - إما منفردا أو جمعا مع أستاذه ومؤسس مدرسته في القراءة الشيخ مصطفى إسماعيل، إلا أن سببا آخر يدفعنا لجمعهما معًا في مقال واحد!
كثيرون ربما لن يصدقوا أن كل هذا المجد الذي صنعه الشيخ محمد صديق المنشاوي، ورحل عام 69 قبل أن يكمل الخمسين من عمره.. إلا أن ما يجمعه مع نعينع هو شهرتهما معًا في التلاوة بمقام النهاوند.. وهو اختصارًا ومن دون تفاصيل، هو المقام الباكي سواء كانت التلاوة لآيات تحمل وعدا أو وعيدا.. وهو المقام الذي يحمل خشوعًا كبيرًا ويحلق بصاحبه إلى آفاق بعيدة، كأنه يطوف بالمستمع إلى السماء!
بهذا المقام اختط الشيخ المنشاوي لنفسه طريقا فريدا في التلاوة لم يسبقه - فيما نظن - إليه أحد.. ورغم أن الأمانة تقتضي القول إن الدكتور أحمد نعينع هو الوحيد الذي وصل إلى المكانة التي وصل إليها دون أن يبتدع لنفسه طريقة في التلاوة لم يسبقه إليها أحد، إلا أن عذوبة صوته وما أضافه من جمال على تلاوته، فضلا عن النفس الطويل الذي يتمتع به، وكلها هبات من الله ربما - ربما - جعلته يتفوق على أستاذه الذي هو امتداد له الشيخ مصطفى إسماعيل، حتى صار وبصدق صاحب "أشيك" تلاوة للقرآن الكريم - إن جاز التعبير!
إلا أن المقام المذكور هو الذي يجمع كلا القارئين العظيمين.. المبدع الخاشع الباكي المبكي الكبير محمد صديق المنشاوي، مع قارئ العالم الإسلامي الأول، وهو اللقب الذي يحتكره منذ سنوات الدكتور أحمد نعينع، الذي ساعدته تكنولوجيا الاتصالات أن يمثل مصر في الخارج شرقا وغربا، وهو ما لا يتعارض مع كون المنشاوي أحد أهم المقرئين في تاريخ التلاوة القرآنية كله، وهو أبرز من يمكن تمييزهم من أول كلمة، فلا يلتبس صوته أو تلتبس تلاوته مع غيره بأي حال!
رحم الله المنشاوي.. وأطال الله عمر نعينع.. وأثابهما بما قدماه للعالم الإسلامي من نور ترتيل وتجويد آيات كتاب الله العزيز كأروع ما يكون!