رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس عودة «شهيد» إلى الحياة!


استدعى أطفاله.. أوصاهم بمواصلة «الجهاد» إن لم يعد إليهم.. احتضنهم.. طبع على جباههم قُبلة الوداع.. ثم ضم زوجته إلى صدره.. تحاشى النظر في عينيها؛ حتى لا تثنيه عن طريقه، الذي قرر خوضه حتى النهاية.. قَبَّلها بين عينيها، ونزل إلى باطن يديها ليطبع عليها قُبلة مماثلة.. ثم فتح الباب وانطلق؛ ليلحق برفقائه.


كان واحدًا من الذين وهبوا أنفسهم للدفاع عن «إسلامهم»، و«إمامهم»، و«جماعتهم»، و«رئيسهم».. فما أرخص الدنيا أمام الآخرة، وما أضأل الحياة أمام «الشهادة»، التي تربوا على شرف الحصول عليها!

أسرع إلى «رابعة العدوية».. فكان واحدًا من الذين شهدوا نزول أمين الوحي، سيدنا جبريل- عليه السلام، إلى الأرض؛ ليبارك الاعتصام.. وشاهدًا على «إمامة» رئيسه المعزول للنبي الأكرم- صلى الله عليه وسلم.. ومن أوائل الذين ارتقوا منصة الميدان؛ ليكشف للعالم حجم المؤامرة التي دبرها قادة في «الجيش»؛ للانقلاب على جماعتهم «الربانية»، وعلى «مرشدهم» المقدس..!!

رآه المشاهدون يعلن للعالم كله- عبر سيارات البث المسروقة من تليفزيون الدولة- أهم القرارات التي اتخذها «مجلس الحرب الثوري»، وعلى رأسها استمرار «ثورتهم»، حتى وإن كان الثمن موتهم جميعًا.

اتخذت الحكومة قرارًا بـ«فض الميدان»؛ فالاعتصام ينتشر كالورم السرطاني، وبات يشكل خطورة داهمة على المعتصمين أنفسهم، وعلى المارة، وعلى المناطق المحيطة به، بعد رصد وتوثيق انتهاكات تحدث بداخله، بحسب شهادات موثقة، وروايات شهود عيان.

هرج ومرج يسود الميدان.. أصوات الطلقات النارية غَطَّتْ على أصوات البشر.. ضحايا يتساقطون.. أشلاء تتناثر هنا وهناك.. خيام تُحرق.. أجساد تتفحم من آثار الحريق.. ثم.. وسائل إعلامية أعلنت خبر «استشهاده».. «خميس» مات..!

ارتقى «أبو الشهداء».. زفته الملائكة إلى الرفيق الأعلى.. والذين حملوا نعشه أكدوا أن النعش كان يُقطر مسكًا.. وكاد النعش يطير إلى السماء.. الشيخ «صفوت» الذي نفى أنه «إخوان» أكد- في مداخلة مع قناة الجزيرة- أن آخر لحظات الشهيد كان ينشد فيها «والموت في سبيل الله اسمي أمانينا» فانهمرت دموع الملايين؛ لتودع الشهيد، وطالبت بإنشاء «نصب تذكاري» له..!

ما سبق ليس «فيلمًا» سينمائيًا، لكنه حلقة من مسلسل إخواني هابط، مازال عرضه مستمرا إلى الآن..

الله- وحده- هو الذي يُحيي الأموات.. لكن يبدو أن «الإخوان»- بما أنهم جماعة «ربانية»- أسندوا إلى أنفسهم صفة من صفات الألوهية.. فها هو «الشهيد» نور الدين عبد الحافظ، المُلقب بـ«خميس»، يعود إلى الحياة بعد «استشهاده» بحولين كاملين..

عاد «رفيق الشهداء» إلى الظهور على شاشة قناة الإخوانية؛ لـ«يُصحح للناس مفاهيم روجها إعلام الغباء»، كما يزعم.. عاد مذيعًا، ووجهه- بسم الله ما شاء الله- يشع بـ«نور الشهادة»..!

«عريس السماء» عاد إلى الأرض في وقت تحاول فيه الحكومة «تبييض وجهها» أمام العالم؛ وعندما جاءتها الفرصة على طبق من ذهب، ضربت «لخمة»، وسقطت في إدارة معركتها مع الإخوان، الذين يتفوقون في «كذبهم» على «جوبلز»- وزير الدعاية النازي.

الإخوان يتفوقون إعلاميًا على حكومتنا.. هذه حقيقة.. لديهم منابرهم المؤثرة في الرأي العام العالمي.. يحترفون الكذب، كما لو كان دينًا لهم.. يحددون ماذا يريدون.. يعرفون إلى مَنْ يوجهون كلامهم.. يوظفون شخصيات شهيرة؛ لتنطق بلسانهم.. لديهم «إدارة للأزمات» وقسم خاص لـ«التمثيل»، بينما الحكومة لديها قسم خاص أيضا بـ«التمثيل على الشعب»، ولا تجيد- في أوقات كثيرة- إلا «صناعة الأزمات»، وإذا ما واجهت مشكلة، فإنها تكاد «تغرق في شبر ميه»!

إن السماء أرسلت هدية إلى حكومتنا «المحلبية»؛ فإنتاج فيلم وثائقي احترافي عن «خميس»، و«الجثث المتحركة» كفيل بكشف وفضح أكاذيب الإخوان، وتجريسهم في كل أنحاء العالم.. لكن يبدو أن الحكومة مشغولة بما هو أهم من الإخوان الآن.. مشغولة بالبحث عن «هبوط اضطراري»، ومتابعة خناقات «رامز واكل الجو»!!
الجريدة الرسمية