صلاح جاهين يكتب..رمضان زمان
تحت عنوان (رمضان زمان) كتب صلاح جاهين مقالا بمجلة صباح الخير عام 1966 قال فيه:
رمضان كريم..الصيام سهل هذا العام.. معتدل نهاره قصير.. تقوم من فطورك تجهز سحورك "كناية عن قصر الفترة الزمنية بين الصباح والمساء.
وها أنت الآن تقوم من سحورك لتشترى السلطة والمخلل لطعام الإفطار، ثم ينبغى عليك أن تسرع وإلا ضرب عليك مدفع الإفطار وأنت في الطريق، لأنك إذا عدت متأخرا وجدت العيال قد لهفوا نصيبك، وعندئذ فقط تصوم إلى وقت السحور.
صحيح ياجدعان الدنيا بتتغير، مواعيد العمل الرسمية تبدأ في العاشرة صباحا، والمدفع يضرب في الخامسة.. يعنى اليوم كله بما فيه ساعات العمل وركوب المواصلات والعودة للمنزل، كل هذا في سبع ساعات.
فأين هذا من أيام زمان عندما كان رمضان تشرق فيه الشمس في الخامسة صباحا وتغرب في الثامنة ليلا.. ثم تظل الشمس تنقح في أمخاخنا بإصرار عجيب حتى ولو اختبأنا منها داخل البيوت.. كانت تخرم السقوف وتعود تنقح في أمخاخ الصائمين المفرهدين الغلابة ــــ الذين هم نحن ــــ ومهما نمنا من ساعات طوال نستيقظ فإذا بها لاتزال في كبد السماء.
كان ذلك في الأربعينات في القرن العشرين، وكان أخوكم كاتب هذه السطور في ميعة الصبا، وكان مع الجميع من أقرانه يتسابقون إلى الصوم لاتقربا إلى الله وتعبدا فقط وإنما إثبات لشخصية الواحد منهم، وأنه قد أصبح رجلا قوى الاحتمال.
لست أعرف بالضبط هل هذه النزعة مازالت موجودة بين النشء حتى الآن.
هل ما زال الصبى أو الفتى أو الشاب متطلعا إلى إثبات صلابته وقوته أمام الشدائد؟ أم أن للأجيال الجديدة نزعاتها الخاصة التي يثبت الواحد منهم بها شخصيته أمام نفسه وأمام الآخرين.