رئيس التحرير
عصام كامل

جدراننا الخاليـة


منذ فترة بعيدة تعدت العشرين عامًا كنت في زيارة لأحد المعاهد العلمية في الخارج حينما لاحظت أن جدران القاعات الدراسية والمعامل الطلابية مليئة بصور علماء وأدباء وفنانين لهذا البلد وكذلك من كل أنحاء العالم وفى كل التخصصات.. وظللت أفكر في هذه الفكرة حتى اليوم ولم أجد سبيلًا لتطبيقها بعد... وها أنا أعاود من جديد لأطرح الفكرة مرة أخرى والوقت اليوم غير البارحة فقد كنت أنادي بها بالأمس بالرغم من أننا كنا في عز الخير والاستقرار وكان شبابنا ما زال بخير يحب بلده ويتغنى بالانتماء لها ولم يكن وقتها قد تم تجريف العقول والقلوب مثلما نحن الآن.


فاليوم شباب مصر تم ويتم حتى اللحظة تجريف ذاكرته بإعلام موجه ومُتعمد ومصروف عليه وقنوات فضائية تبث من تحت الأرض !! إعلام يشكك الشياب في أعز ما يملك (وطنيته وعروبته) إعلام مرئى ومقروء مدفوع الثمن يقدم معلومات من السذاجة أن نقول إنها مغلوطه بل الحقيقة إنها معدة بعناية فائقة.. معلومات لو لم تواجه بنفس الدرجة من المعرفة والحرفية ستكون عواقبها وخيمة..

يتم هذا ليس فقط لشباب مصر بل لكل الشباب العربى ولأن مصر هي القلب لكل العرب وهى حتى اللحظة رغم ما بها من مشاكل وصعوبات مازالت حامى العرب والمدافع عنهم.. إعلامهم عن عمد وإعلامنا عن جهل فقد ذاكرته ونسى وتناسى أبطاله ونسى وتناسى شهداءنا الذين ضحت بهم مصر في حروب التحرير والدفاع عن الوطن وعن الأمة العربية بأكملها وليس الشهداء فقط الذين نسيناهم وتناسيناهم بل علماء مصر وشيوخها الأجلاء وشبابها الواعد الرائع الذي يكتسح المسابقات العالمية كل هؤلاء يتم نسيانهم عن عمد لطمس الحقيقة وتقديم نماذج مشوهة عن مصر والمصريين !

ولنلاحظ أن الذين يتبارون لإظهار إهمال في مدرسة أو جامعة تحت مسمى كشف الحقيقة هم أنفسهم الذين يختفون حينما يكون هناك نموذج مشرف وناجح في نفس المدرسة أو نفس الجامعة.. هم نفس الأشخاص الذين مازالوا حريصون على أن يُظهروا أننا مختلفون وأن الخلاف يدب بيننا بينما يحجمون ويتوارون عن عمد كلما كانت هناك صورة مضيئة لمن يعمل في صمت..

والآن لابد من حلول نبدأها اليوم لننهى حالة مسح الذاكرة لشبابنا وننفذ الفكرة التي طالما رأيت فيها حلًا لما نحن فيه.. والحل في جدران مدارسنا وجامعتنا وبعيدًا عن السياسة والخلافات السياسية والأيديولوجية.. عمل للتاريخ وللزمن وليس لفترة أو لشخص.. الحل ياسادة أن تملأوا جدران مدارسنا وجامعاتنا بصور العلماء المصريين الأفزاز..

املأوها بصور شباب مصر الرائع الذي يرفع اسمها في كل المجالات ومن الفائزين بالجوائز العالمية في العلوم والرياضه وكل الأنشطة... املأوها بصور شباب مصر الذي يتحدى الإعاقة ليقدم نموذجًا لرجال وقامات كبيرة بما قدموا.. املأوها بصور طلابنا المتفوقين في كل الفرق الدراسية في المدارس والجامعات.. كل هؤلاء يمكننا أن نزين بهم حوائط مدارسنا وجامعاتنا الخاوية والخالية من الجمال.. ونستطيع أن نحولها إلى جدران جميلة ليس فقط في الصورة بل فيما تقدمه من مضمون واضح وصريح وهو إعادة الذاكرة لشبابنا وإعادة الانتماء لمصر والمصريين ولعلنا بذلك نكون تقدمنا خطوة لاستعادة ذاكرة الشباب.. فهل نفعل؟!
الجريدة الرسمية