رئيس التحرير
عصام كامل

«الجدار العازل الإسرائيلي».. دراسة ديموغرافية لسياسة التطهير العرقي

فيتو

صدر حديثا عن مركز دراسات الوحدة العربية أحد أهم المراجع التي درست ظاهرة الجدار العازل في فلسطين وهو بعنوان: "الجدار العازل الإسرائيلي-دراسة في السياسة الديمغرافية والتطهير العرقي (2002-2014)"، للباحث الفلسطيني الدكتور سعيد يقين.


وأشار مركز دراسات الوحدة العربية في تقديمه للكتاب بأنه دراسة ترصد حالة الجدار العازل الإسرائيلي بوصفه إحدى الجرائم العنصرية وأكثرها دلالةً على الجذور الفكرية الصهيونية التي أرست هذا الجدار نفسيًا وسياسيًا وثقافيًا قبل أن ترسيه ماديًا في فلسطين، كما أشار المركز بأن ميزة هذه الدراسة أنها تجمع بين محورين: التحقيق الأكاديمي والتشريح الثقافي والسياسي لحقيقة الجدار بما هو رمز لكل المشروع الاستيطاني في فلسطين.

ويتكون هذا الإصدار من خمسة فصول وملخص تنفيذي، فقد ارتكز الفصل الأول على إطار نظري يجمع بين مفاهيم التطهير العرقي والفصل العنصري من جهة ودراسة الأسس النظرية للفكر العنصري ومرجعياته الثيقراطية والأيدلوجية.

وفي الفصل الثاني فقد استعرض المؤلف المرجعيات الدينية والتاريخية والفكرية لمشروع الجدار العازل، وجاء الفصل الثالث الذي حمل عنوان الأبعاد الإستراتيجية للجدار العنصري في الرؤية الإسرائيلية ليرصد الأهداف العليا لهذا المشروع الإستراتيجي.

وعن تداعيات الجدار على المشروع السياسي الفلسطيني فقد رصد الفصل الرابع من هذه الدراسة الآثار المتمثلة بتقويض مشروع الدولة الفلسطينية وإفشال حل الدولة الواحدة في المنظور المستقبلي، وآثار الجدار الكارثية على النظام الاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني.

وفي الجانب التطبيقي جاء الفصل الخامس الذي حمل عنوان: في زمن الجدار-جغرافية الكارثة وآفاق الانعتاق ليقدم إطار معرفيًا حول اثنوقراطية النظام السياسي في إسرائيل وتصاعد عنف المستوطنين وتنامي حملة المقاوم الشعبية والمقاطعة الدولية لإسرائيل ثم خيارات وبدائل وآفاق سياسية أمام الشعب الفلسطيني.

وقد جاءت نتائج الدراسة لتثبت منظومة من القضايا: فعلى المستوى النظري توصلت الدراسة لحقيقة أن القوى الاستعمارية رغم أنها ذات تشكيلات تاريخية وقومية مختلفة إلا أنها تتمركز دائمًا حول ادعاءات السمو والقداسة والتوكيل الإلهي والوظيفية التنويرية، وأن المدى الزمني لسنوات الاحتلال أو الاستعمار لا تخفف من حدة الإجراءات الاستعمارية بحق الشعوب الاصلانية وإنما يزيد الاستعمار من جرعاتها التدميرية مع مرور الزمن، وأن توظيف الدين والعرق في أية عملية من شأنها أن تمنح القوى الاستعمارية قوة طاغية تنحو نحو الإبادة والانتقام والقتل ومصادرة الموارد الطبيعية. وعلى المستوى السياسي أثبتت الدراسة عدمية الادعاءات والمقولات الأمنية الإسرائيلية كأساس لبناء الجدار.

وفي ضوء الخطاب الديمغرافي الإسرائيلي أثبتت الدراسة بأن الجدار العازل لم يفصل فقط بين الفلسطينيين والمهاجرين اليهود بقدر ما أسس لعملية فصل تاريخية بين الفلسطينيين أنفسهم، كما أثبتت الدراسة بأن الجدار قد اعاد تأسيس الدولة اليهودية وطغيان جوهرها العنصري عبر الاعتقاد الإسرائيلي بأن حق العودة للشعب الفلسطيني لا يعني أبدًا العودة إلى الأماكن التي هجروا منها، وإنما جعل الأماكن العربية المتبقية من فلسطين بمنزلة معازل تستحيل الحياة الإنسانية فيها.

كما أثبتت الدراسة أن الجدار العازل والنظام التشغيلي المرتبط به لا يستهدفان عزل الفلسطينيين والسيطرة على مواردهم الطبيعية فقط، وإنما جعل الجدار نظامًا طاردًا للسكان الفلسطينيين، على اعتبار أن الطرد ليس مشروعًا مرتبطًا بحالة حرب وإنما فعلٌ مؤسسي دائم ومركزي للعمل الاستعماري في فلسطين.

وفيما يتعلق في الأبعاد والجذور التاريخية والدينية للجدار، فقد أثبتت الدراسة أن القيم الدينية الانعزالية والتمركز حول الذات العرقية هي ذات مكون تأصيلي حاكم في بناء هذا المشروع الإستراتيجي.
الجريدة الرسمية