الإخوان فى دواليب التاريخ
من يقرأ مشوار جماعة الإخوان، يجد أنها على مدار سنوات عديدة، انتقلت إلى كثير من أقطار العالم، إلى أن تبلورت صورتها الحالية فى تنظيم مصرى سياسى، يقود تنظيما دوليا من خلال شبكة شديدة التعقيد غير مسبوقة فى بيروقراطيتها، إلا أنها أيضا فريدة فى ترهلها ومنغمسة فى شيخوختها وإذا أردنا أن نقرأ حالة الإخوان قراءة صحيحة بعد الثورة المصرية العظيمة إلى أن وصلت للحكم، نجد أنها كانت وما زالت تمر بمرحلة "أزمات" وقد اختلف المحللون حول مبعث هذه الأزمات.
فمنهم من ألقى بتبعة "الأزمة" على الأنظمة السابقة على الثورة ومواجهاتها الأمنية للإخوان، ومنهم من ألقى بالتبعة على الإخوان أنفسهم بسبب استغراقهم فى العمل السياسى التنافسى وهجرهم للعمل الدعوى، إلا أن كلا الفريقين لم يقترب من الصورة الحقيقية "للأزمات والأوجاع والترهلات" تشخيصا لها أو تحذيرا منها أو بحثا عن الوسائل الفعالة لمحاربتها.
وأبرز أزمات الإخوان التى تتحكم فى مستقبل حركتها، أنها لم تستطع قراءة الثورة بشكل صحيح، حيث اعتبرتها وسيلة للقفز على كرسى الحكم دون أن تنتبه لمفاهيم الثورة، كما لم تقم بتصدير هذه المفاهيم إلى داخل الجماعة وبالتالى فقد أصبحت فاقدة القدرة عن التعبير عنها، والحقيقة أن الشعور بالثورة وقراءة مفاهيمها ومن ثم ممارسة هذه المفاهيم ليس شيئا ترفيا، إذ لابد فى الثورات أن تحدث ثورة داخلية فى المؤسسات والهيئات.
ومن لم يستنشق عبير الثورة يعش أبد الدهر بين الكهوف، تسبقه الأحداث والأزمان، والثورة فرصة، والفرصة لا تتكرر، ومن لا يرى القطار فلن يستطيع ركوبه من أبوابه المشرعة إذ سيكون وقتها تحت قضبانه، وإذا كان لكل زمن فكرته ولكل واقع ما يناسبه، فإن واقع مصر الحالية يختلف عن واقعها السابق، لذلك فإن الذى يقف مكانه جامدا على ظن منه أن الوقوف والجمود ثبات على الموقف، تسبقه حتما الأحداث والأفكار، حينها سيبيت نائما فى دواليب التاريخ.