رئيس التحرير
عصام كامل

Tom & Jerry إبداع حمصي.. ماذا عنا؟!


انقسم الشعب المصري عشية شهر الخير والرحمة، فهناك من تهيأ للصيام والقيام والطاعة والعبادة، ومن أعد قائمة بما لذ وطاب يلتهمها يوميًا وقت الإفطار.. قلة هم الخونة والعملاء وأبناء "الإرهابية"، الذين انشغلوا بأحكام إعدام قادة الخيانة والتخابر واقتحام السجون، وعمد هواة "الشو الإعلامي" إلى تحليل فتوى إباحة الصيام لذوي المهن الشاقة في ظل الحر الشديد، ومناقشة الدعوة إلى حظر النقاب بعد استغلاله في التخفي لارتكاب الجرائم والإرهاب.

في المقابل، يترقب الغالبية عرض الأعمال الدرامية والبرامج التي تحاصر الصائمين ليل نهار، وزادت كلفة إنتاجها عن المليار جنيه، لكن ماذا عن المستوى الفني وأهمية الطرح وتكنيك التنفيذ؟.. هنا المعضلة.

عشرات المسلسلات والبرامج تعرض كل عام في رمضان، لكن ينطبق عليها القول "كثير من الإنتاج وقليل من الجودة"؛ إذ لا يستحق المتابعة من بينها سوى أعمال تعد على أصابع اليد الواحدة، والغالبية تبرز أسوأ ما في المجتمع وتهدم أكثر ما تبني.. أما البرامج، فحدث ولا حرج، سخافة وتفاهة وافتعال وأحيانا "فبركة".. واعتبارا من الغد حيث يبدأ عرض الأعمال، نتمنى أن تختلف الصورة النمطية المعتادة، ونجد دراما تلتزم بالقيم والأخلاق المصرية الحقيقية مع طرح كوميدي يشيع المرح والفكاهة، ويخفف عن كاهل الشعب ما يحيط به من مشكلات ومؤامرات خارجية وداخلية.

أما إن تكررت مأساة السنوات الماضية بأعمال "قليلها سمين وكثيرها غث"، فلنقل على الفن المصري السلام، وننصرف إلى متابعة أعمال لا يمكن مقاومة مشاهدتها، حيث الضحك بلا حدود، ومن أشهرها، ثنائي الرسوم المتحركة Tom & Jerry فهو ليس مجرد مسلسل أضحك مئات الملايين، بل سجل حافل بالطرائف والحقائق غير المعروفة نذكر منها:

مغامرات القط الذي يطارد الفأر، والعداوة صار يضرب بها المثل لمن لديه مشاكل وعداوة مع أحد. ورغم أن الجمهور تابع المسلسل تلفزيونيا إلا أنه كان يعرض في السينما الأمريكية في بداية إطلاقه، ثم تحول إلى التليفزيون.

يقف وراء المسلسل الرائع ثنائي من أنجح العاملين في الرسوم المتحركة هما وليام حنا ابن الفنان إبراهيم عبود حنا من أصل سوري، ونشأ في قرية تابعة لمحافظة حمص وسط سوريا، والثاني هو جوزيف بربارة كان يعتقد أنه من أصول لبنانية ولكن ثبت أنه إيطالي.

عرضت أول حلقة من المسلسل عام 1940 بعنوان Puss Gets the Boot، وبعد نجاحها تابع الفنانان عملهما بطلب من مدير استديو "مترو جولدن ماير"، واستمر عرض المسلسل لحين إغلاق الاستديو، وبلغ عدد الحلقات وقتها 114 حلقة.

نجح المسلسل لاعتماده على الرؤية البصرية والقليل من الحوار، ما جعله بسيطًا وسهل الفهم عالميًا؛ استنادا على حركات وإيماءات شخصيات المسلسل، التي تكشف ما يجرى من أحداث، ومن أسباب دوام نجاح العمل استخدامه الموسيقى الكلاسيكية التي تلعب دورًا مهمًا في مجريات الحلقة، واستعانته بأوركسترا كاملة لتنفيذ المؤثرات الصوتية التي ميزته عن غيره من مسلسلات التحريك.

في بداية عرض المسلسل كان اسم القط Jasper، وتغير لاحقًا ليصبح توم، والأمر نفسه بالنسبة للفأر جيري، حيث كان اسمه Jinx، قبل تغييره بناء على مسابقة تبنتها شركة الإنتاج.

رغم أن "توم وجيري" مسلسل أمريكي بإبداع سوري، إلا أن الإنتاج انتقل خلال ستينيات القرن الماضي إلى تشيكوسلوفاكيا، عبر شركة نفذت حلقات بأسلوب مختلف ومؤثرات صوتية غريبة، متضمنة عنفا أكثر من المعتاد.
 
ومع فشل التجربة، عاد المسلسل مجددا إلى هوليوود؛ لإنتاج 34 حلقة بين عامي 1963 و1967، وتميزت هذه الحلقات بطابع خاص.

خلال سنوات عرض المسلسل نال 7 جوائز أوسكار، كأفضل فيلم رسوم متحركة قصير، بينها جوائز في 4 سنوات متتالية ليصبح الأكثر فوزا بالجائزة، حتى أنتجت آخر حلقة بإشراف جوزيف بربارة، قبل موته وتم عرضها في السينما بعنوان The Karate Guard في 27 سبتمبر 2005.. أما نحن فنظل نحلم بالإبداع المصري المستحق.
الجريدة الرسمية