رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب يستهدف التاريخ والحضارة.. ومصر وسوريا تقاوم


تواجه المنطقة العربية هجمة بربرية من القوى الإمبريالية العالمية تستهدف منها القضاء على المشروع القومى العروبى المقاوم، والتخلص نهائيًا من بقايا القوى الصلبة داخل هذه المجتمعات والمتمثلة في الجيوش الوطنية في مصر وسوريا بشكل خاص بعد أن تمكنوا من تفكيك الجيش الوطنى العراقى القوى بغزو عسكري مباشر في 2003، وطمث المعالم الحضارية لهذه البلدان الضاربة حضارتها في أعماق التاريخ، وآثارها خير شاهد على ذلك فقد حاولوا مرارًا وتكرارًا سرقة هذه الآثار سواء بشكل مباشر حين كانوا يحتلون هذه البلدان خاصة مصر وسوريا والعراق، ثم بواسطة الأنظمة الحاكمة الخائنة والعميلة لهم والتي كانت تعتبر التجارة في الآثار أحد أهم مصادر تشكيل ثرواتهم الحرام، ومتاحف الدول الاستعمارية الغربية خير شاهد على هذه السرقات.


إذًا المشروع الإمبريالى الغربي الذي تقوده وتسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها الصهيونية يسعى أولا: إلى القضاء على المقاومة الشعبية العربية، بعد أن نجحت في استمالة غالبية الأنظمة الحاكمة والسيطرة عليها وإخضاعها لتنفيذ أجندتها، وثانيا: إلى التخلص من الجيوش العربية الحقيقية وهنا لا يمكن أن ننسى مقولة بن جوريون مؤسس الكيان الصهيونى حين قال: "لا يمكن لإسرائيل أن تعيش وتحيا آمنة إلا بالقضاء على ثلاثة جيوش عربية هي الجيش المصرى والجيش العراقى والجيش السورى"، وثالثا: إلى طمس المعالم الحضارية لهذه البلدان بهدم وتدمير آثارها بعد الفشل في سرقتها ونهبها، ولتحقيق هذه الأهداف كان عليهم أن يضعوا مخططًا محكمًا لتنفيذ ما يسعون إليه.

فكانت محاولات التدخل المباشر لتقسيم وتفتيت المنطقة من خلال التدخل العسكري في العراق وفشل المخطط في الانتقال إلى دول أخرى، رغم أنه قد حقق ما إرادة ولو جزئيًا، حيث تمكن من تحطيم القدرات العسكرية للجيش العراقى، وتحطيم الآثار العراقية، ومحاولة القضاء على المقاومة الشعبية العراقية، وهو ما لم ينجحوا فيه بشكل كامل حيث ظلت المقاومة الشعبية العراقية ومازالت شوكة قوية في حلق القوى الأمريكية المعتدية على العراق الشقيق، لكن يظل شبح التقسيم يسيطر على الواقع الاجتماعى في العراق.

ثم جاء الربيع العربي المزعوم ودخلت الولايات المتحدة الأمريكية وربيباتها الصهيونية على الخط لتحول هذا الربيع إلى ربيع عبرى بامتياز، واستمرت في تنفيذ مشروع التقسيم والتفتيت ولكن بآليات جديدة غير مباشرة، فبدلا من المواجهة المباشرة مع العالم العربي فقد قامت باستخدام ثلاث آليات غير مباشرة جديدة وكلها من قلب العالم العربي حيث سخرت أولا الإعلام العميل والمأجور لتزييف وعي الجماهير الشعبية العربية وتجريف عقلها الجمعى، ثم استخدمت ثانيًا الفتنة الطائفية والعرقية والمذهبية لتفجير هذه المجتمعات من الداخل وإشعال نيران الحروب الأهلية، ثم استخدمت ثالثا الإرهاب من خلال تحالف مع الجماعات التكفيرية المتدثرة برداء الدين، حيث قامت بمدها بالمال والسلاح لخوض حرب داخلية مع الجيوش الوطنية.

وبواسطة هذه الجماعات يتم تحقيق المراد، حيث تدمير قوى المقاومة الشعبية وإنهاك واستنزاف الجيوش الوطنية وأخيرًا تدمير التراث الحضارى الإنسانى لهذه المجتمعات بهدم آثارها بواسطة فتاوى مشايخ الجماعات الإرهابية وبأيدى عناصرهم المرتزقة وما حدث في العراق يتكرر الآن في سورية ومصر بواسطة داعش الوجه الأحدث للتنظيمات الإرهابية التي تصنعها أمريكا وربيبتها الصهيونية على أعينهم وتحت مظلتهم الداعمة بالمال والسلاح.

لكن في ظل النجاحات التي يحققها المشروع الأمريكى الصهيونى، حيث التمكن من إلهاء الجماهير الشعبية العربية عن مقاومة العدو الصهيونى والانكفاء على مواجهة الجماعات الإرهابية بالداخل والتناحر الطائفى والعرقى والمذهبى، وفى نفس الوقت سحب الجيوش لمعركة داخلية طويلة الأمد مع الجماعات الإرهابية لتنسى بذلك المواجهة مع العدو الصهيونى المغتصب للتراب العربي، إلا أن هناك بوادر أمل حقيقية، حيث مازالت مصر وسوريا تقاوم المشروع الذي يستهدف تقسيم وتفتيت الأمة العربية، وذلك بمواجهة عسكرية وشعبية للجماعات الإرهابية التي يستخدمها الأمريكان والصهاينة لتحقيق أهدافهم التدميرية.

فخلال السنوات الخمس الماضية تمكن جيش الجمهورية العربية المتحدة السورى في الإقليم الشمالى والمصرى في الإقليم الجنوبى ومن خلفهما الشعب العربي في سوريا ومصر من إجهاض أحلام الأمريكان والصهاينة، حيث تصدى الجيش والشعب للجماعات الإرهابية المسلحة وتمكنا من تجفيف الكثير من منابع الإرهاب، ونجحوا في التصدى لمحاولات هدم الآثار الذي يهدف في النهاية لطمث الحضارة العربية في مصر وسورية والعراق وفلسطين لنتحول لبقعة جغرافية دون تاريخ مثل هذه الحضارة الأمريكية والصهيونية اللقيطة عديمة التاريخ.

لذلك يجب على كل الشعب العربي أن يصطف الآن لمواجهة هذا المشروع الإمبريالى الغربي ومخالبه الخائنة والعميلة بالداخل العربي وعليهم أن يدركوا أن الإرهاب العميل والمأجور لن يستسنى أحدًا، وعلى من يسعون الآن لتشكيل جيش عربي تفعيلًا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك أن يتوجهوا بهذا الجيش ليس لضرب دولة عربية شقيقة كاليمن، بل يتوجهون لمحاربة الإرهاب بالداخل والعدو الصهيونى بالخارج، وعليهم أن يدركوا أن هناك جيشًا عربيًا معزولًا على الرغم من أنه يخوض معركة الدفاع عن شرف وكرامة الأمة العربية كلها وهو جيشنا الأول في سورية، وعليهم أن يدركوا أيضا أن المنطقة العربية لا يوجد بها جيوش حقيقية غير الجيش المصرى والسورى والجزائرى وبقايا الجيش العراقى، هذه الجيوش هي العقبة الحقيقية في سبيل تحقيق المشروع الأمريكى الصهيونى لأحلامه في تقسيم وتفتيت المنطقة فلنعض عليهم بالنواجذ وندعمهم في معركتهم الشرسة، فالمقاومة هي الحل، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية