رئيس التحرير
عصام كامل

شعراء فلسطين «شوكة في جسد إسرائيل».. ليبرمان يتوعد مروان مخول بـ«حفلة في السجن».. حرمان «درويش» من التعليم العالي.. تهديدات بالقتل والاعتقال المنزلي لـ«القاسم».


لا تخف ممن يقتلون الجسد بل ممن يستطيع أن يهلك الجسد والروح معا، فكلماتك ومواقفك أنفاسك تحركاتك جميعها قادرة على أن تحجز لك مكانا في سجلات التاريخ بل تتخطى ذلك إلى صدور المحبين والعاشقين، هكذا عاش شعراء فلسطين، يؤمنون أن الخالق واحد، وهو القادر أن يتسلم وديعته وقتما وكيفما شاء، فجالوا ينثرون أشعارهم كزهور تفوح منها رائحة الحماسة التي تهدد العرش الوهمي لإمبراطورية اليهود.


مروان مخول
لعل زيارة الشاعر الفلسطيني ابن البقيعة مروان مخول إلى الأراضي اللبنانية، وما صحبها من ضجة كبيرة خاصة في وسائل الإعلام العبرية، والتي اعتبرت زيارة مخول إلى لبنان "زيارة إلى دولة عدو"، أعادت إلى الأذهان أسماء عديدة عرفوا بـ«شعراء المقاومة».

حفلة في السجن
وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان هاجم مخول بشدة وكتب على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي، قائلا: "أصدقاء مروان مخول الشاعر العربي- الإسرائيلي الذي وصل إلى بيروت رغم الحظر الموجود على السفر إلى لبنان كونها دولة عدو قالوا إنهم يخططون لإقامة حفلة له عند عودته، أنا أنصح أجهزة الأمن المعنية أن توضح لمخول أنه يفضل أن يبقى في لبنان لأنه في حال عاد إلى البلاد ستقام له الحفلة في السجن".

لست بحاجة للدفاع
من جانبه، رد الشاعر مخول قائلا: "لا أعرف ماذا ينتظرني بعد العودة من لبنان"، وعن إسرائيل قال: "لسنا نحن الذين جئنا إلى هذه الدولة، بل هذه الدولة هي التي جاءت واحتلتنا، من هنا لا أشعر دائمًا أنني بحاجة إلى الدفاع عن نفسي بقدر ما أشعر بحاجة إلى التعبير عن عتب معين على العالم العربي الذي يقول من دون هذين المليونين، إنهم رقم صغير ضمن الـ 200 مليون، ثمة إجحاف بحقنا، هذه الأرض هي التي خلقت أهم فلسطينيي العالم العربي من إميل حبيبي إلى توفيق زياد وصولًا إلى سميح القاسم ومحمود درويش وسالم جبران".

محمود درويش
قبل الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية بسبع سنوات بالضبط، وفي قرية "البروة" الصغيرة التي تقع بالقرب من مدينة الجليل القريبة من مدينة عكا الفلسطينية الشهيرة ولد الشاعر الكبير الراحل "محمود درويش" عام 1941، رحل عنها قبل إعلان دولة إسرائيل متجها إلى بيروت لكن سرعان ما عاد بعد إعلان دولة اليهود بعام واحد، ليكتشف أن قريته العربية الخالصة صارت قرية يهودية تحمل اسم "أحي يهود".

«أوراق الزيتون»
فضل درويش المواجهة ومصارحة نفسه بأن إسرائيل صارت أمرا واقعا يجب التعامل معه بجدية لإعادة الكيان الفلسطيني، فانطلقت أشعاره ومقالاته كسهام في صدور النظام لذا كان منطقيا أن تعتقله إسرائيل لأول مرة عام 1961 ثم خرج بعد ذلك لفترة ليصدر ديوانه الأول (عصافير بلا أجنحة) ويلقى قبولًا وشعبية كبيرة أكدها ديوانه الثاني (أوراق الزيتون) 1964، ليعطياه معا الشرعية ليحمل اللقب الذي سيلتصق به إلى الأبد "شاعر المقاومة" مؤكدًا أن فلسطين لم تمت في وقت شديد الحرج والحساسية، وقت أن كانت "جولدا مائير" رئيسة الوزراء الإسرائيلية حينذاك تتباهى بقولها "لايوجد ما يسمى بالفلسطينيين".

هجرة العصفور
ظل "درويش" يعود إلى السجون الإسرائيلية على فترات متقطعة بعدما ذاعت شهرته، كما تم تضييق الخناق عليه وحرم في لحظات الحرية من التحرك خارج "حيفا" بل منعته إسرائيل من استكمال دراسته العليا في الجامعات الإسرائيلية، وفي عام 1967 كان على "درويش" أن يأخذ القرار الصعب بالهجرة المؤقتة، هو قرار هاجمه فيه بشدة أصدقاؤه في الحزب الشيوعي، لكنه لم يندم عليه أبدًا، وهكذا كان من الطبيعي أن تتجه بوصلته صوب جنة الشيوعيين في هذا الوقت وهي موسكو.

في طريقه من "موسكو" إلى القاهرة اكتشف درويش أن صخب رحيله عن فلسطين لم يهدأ بعد كل هذه السنوات، لذا اتخذ قراره بعقد مؤتمر صحفي في القاهرة فور أن حط فيها الرحال ليعلن مايلي: "أنا لم أرحل عن المعركة فقط أنا قادم من منطقة الحصار إلى منطقة العمل".

سميح القاسم
لم يكن درويش وحده في صف شعراء المقاومة لكن سميح القاسم أيضا يعد أحد أبرز الشعراء المعاصرين، الذين ارتبطت أسماؤهم بـ"شعر الثورة والمقاومة" في العالم العربي، حيث كان عضوًا في "الحزب الشيوعي"، وتعرض للاعتقال في السجون الإسرائيلية عدة مرات، بسبب كتاباته الأدبية ومواقفه السياسية، وفرضت عليه الإقامة الجبرية والاعتقال المنزلي، وطرد من عمله عدة مرات، وقد قاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها، بل وواجه أكثر من تهديد بالقتل.

توفيق زياد
توفيق زياد أيضا لم ينقطع عن النضال من أجل حقوق شعبه، وتعرض للاعتداء في إضراب صبرا وشاتيلا 1982، كما تعرض للاعتداء في إضراب عام 1990، وفي إضراب مجزرة الحرم الإبراهيمي 1994، وفي مرات كثيرة أصيب أفراد عائلته وضيوفه بالجراح جراء الاعتداءات، غير أن أبشع الاعتداءات كان في مايو 1977 قبيل انتخابات الكنيست، إذ جرت محاولة لاغتياله نجا منها بأعجوبة.
الجريدة الرسمية