رئيس التحرير
عصام كامل

اعتذارات الرئيس.. وخطايا المسئولين


الاعتذار من قيم وشيم وسمات الشرفاء والأقوياء وذوي القدرة والعلياء.. ولم يكن اعتذار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي (الأحد 7 يونيو 2015) للمحامين، خلال افتتاحه عددًا من المشروعات القومية، جرّاء اعتداء أحد رجال الشرطة على أحد المحامين، الأول من نوعه ولا نعتقد أنه سيكون الأخير.


فقد سبق هذا الاعتذار، اعتذاران آخران.. الأول حين قدم الرئيس السيسي اعتذاره إلى نساء مصر خلال زيارته لضحية التحرش في ميدان التحرير (11 يونيو 2014)، ووعد بمحاسبة الجناة وتنفيذ القانون بكل حزم، مطالبًا كل جندي بالدفاع عن عرض البلد.

وكان الاعتذار الثاني لأمير قطر، على هامش اجتماعات الجمعية العامة (سبتمبر 2014)، عن إساءة بعض الإعلاميين المصريين لوالدة الأمير الشيخة موزة، مؤكدًا أنه لا يمكن الإساءة إلى المرأة العربية بأي شكل من الأشكال.

وإذا نظرنا نظرة خاطفة إزاء هذه الاعتذارات، نجد أن السيد الرئيس يعتذر عن أخطاء وخطايا الآخرين خاصة المسئولين منهم، وإن كانوا هم مرتكبو هذه الأخطاء وتلك الخطايا.

فبالنسبة للاعتذار الأخير، فقد قضت محكمة جنح فارسكور الجزئية - في نفس يوم الاعتذار - بحبس رجل الشرطة ثلاثة أشهر مع إيقاف التنفيذ وكفالة قدرها ثلاثة آلاف جنيه؛ لقيامه بالتعدي على محامٍ واستعمال العنف والقوة دون مبرر قانوني، كما قضت بحبس المحامي لمدة شهر مع إيقاف التنفيذ وكفالة ألف جنيه بتهمة إهانة موظف عام أثناء تأديه عمله، ويتضح من هذا الحكم أن الاثنين - رجلي القانون - بعيدان كل البعد عن القانون ومفهومه وإنفاذه.

وعن الاعتذار الأول، نجد أن رجال الأمن من القوات المسلحة والشرطة - وقتذاك - ركنوا إلى ظاهر الأوضاع والأمور، غير مدركين للمؤامرات التي تحاك ضد الدولة والمجتمع من قِبل الجماعات الإرهابية العلنية والسرية لإفساد أي فرحة للشعب وإخماد أي بشرة خير في البلاد.

وعن الاعتذار الثاني، نجد أن الإعلام المصري - الذي لايزال ينحدر من سيئ إلى أسوأ - استخدم لغة هابطة لا تتفق أبدًا ولا تتناسب بتاتًا مع قيم المجتمع المصري الرفيعة وثوابته المتسامحة غير الشتّامة ولا السبّابة لأي كائنٍ مَن كان، مهما كانت الاختلافات والخلافات.

إن تطبيق القانون وإنفاذه بكل الحزم والحسم على الجميع بأرض مصر المحروسة، هو الرادع الوحيد لضبط الإيقاع في المجتمع وفي كل مؤسسات وهيئات الدولة، وإن محاسبة المقصرين والمتقاعسين وإبعادهم عن مواقعهم هي الخطوة الأولى نحو تدعيم أسس الدولة والمجتمع.

إن تطهير الإعلام المصري من الدخلاء والمأجورين والمتسلقين يجب البدء فيه فورًا دون تأخير، عبر ميثاق شرفٍ إعلامي وتشريعات إعلامية رادعة لمخالفة ذلك الميثاق؛ حتى يسترد الإعلام عافيته من جديد ويتبوأ المكانة اللائقة به في عالم اليوم وإعلامه.

سيدي الرئيس.. نتمنى أن يكون الاعتذار الأخير هو "الأخير"، وليتحمل كل مسئولٍ تبعات مسئولياته وأفعاله وأقواله.
الجريدة الرسمية