قصة القائمة الموحدة
الحديث عن القائمة الموحدة التي ظهرت للمشهد السياسي للمرة الثانية بعد دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرة الثانية أيضًا، عن ضرورة توحد الأحزاب في قائمة موحدة، حديث ذو شجون وذو مرارة أيضًا، يحكي عن المراهقة السياسية تارة، وعن الانسداد السياسي تارة أخرى، بالإضافة إلى تدخل السلطة الصارخ في إفشال أي تحرك سياسي خارج سيطرتها بحجة مكافحة الإرهاب، ولنشأة القائمة الموحدة قصة أحداثها كالآتي:
دعيت من قبل الرئاسة أنا ومجموعة كبيرة من القيادات الشبابية الثورية والسياسية إلى لقاء الرئيس عدلي منصور، وبلغ عدد الحاضرين ما يقرب من 45 قيادة شبابية مؤثرة ومعروفة لدى الكثيرين، وكانت الدعوة - كما قال المستشار الجليل الرئيس عدلي منصور - هي لمناقشة أمرين، الأول هو الانتخابات الرئاسية أولًا أم البرلمانية؟، والثاني هو قانون الانتخابات البرلمانية.
وأكد الرئيس على أنه فضل لقاء الشباب أولًا قبل لقاء الأحزاب؛ نظرًا لدور الشباب الحاضرين في قيادة ثورة 30/25 وخلال مناقشات استمرت لما يزيد على خمس ساعات، اختار أغلب الحاضرين أن تكون الانتخابات الرئاسية أولًا، ما عدا ثلاثة أشخاص هم نادر بكار المتحدث باسم حزب النور، وشاب كان ممثلًا عن حزب العدل، والعبد الفقير إلى الله، وأستطيع أن أجزم أن الرئيس عدلي منصور كان في صفنا نحن الثلاثة، لكنه لم يفصح عن رأيه فقد لاحظت ذلك من خلال النقاشات.
وقد اندهشت من اختيار الشباب للرئاسية أولًا، معللين بذلك بأن مطلب الجماهير في 6/30 هو انتخابات رئاسية مبكرة رغم أنه ومن البديهي سياسيًا أن تكون الانتخابات البرلمانية أولًا كتأسيس ديمقراطي لما هو قادم، بالإضافة إلى أن خطورة الرئاسية أولًا تكمن في تحكم الرئيس الذي سيأتي قبل البرلمان في قانون الانتخابات وفي مسار العملية الانتخابية، ومناصرة كتلة على الأخرى واستخدام مؤسسات الدولة في إنجاح هذه الكتلة الموالية لهذا الرئيس.
أما فيما يتعلق بقانون الانتخابات البرلمانية، فقد اختار الشباب المقترحات الآتية في الورقة التي مررت علينا للتصويت على مقترحات الأنظمة الانتخابية، وقد استطعت أن أرى معظم التصويت في الورقة؛ حيث إنني كنت قبل الأخير الذي يصوت على الورقة، وقام بالتصويت بعدي مباشرة النائب السابق باسل عادل مساعد وزير الشباب والرياضة وقتها، وهي كالآتي (50% قائمة نسبية على مستوى المحافظات و50% فردي)، (100% فردي)، (100% قائمة نسبية ما بين على مستوى المحافظات أو على مستوى الجمهورية)، (قائمة قومية مغلقة على مستوى الجمهورية)، ولم يكن أغلبية التصويت في جميع الأحول يذهب لصالح القائمة القومية المغلقة التي صوت لها القليل، كما لاحظت من نظراتي الخاطفة للتصويت داخل الورقة.
وبعد أن انتهى هذا الاجتماع التاريخي اقترب مني أحد الأصدقاء من الشباب - عزيز على قلبي - وسألني بصوت خافت، لصالح أي نظام انتخابي صوَّت؟!
عزيزي القارئ، إن الحديث عن قصة القائمة الموحدة طويل جدًا، وأجد أنه من واجبي شرح ما حدث في هذه اللحظات السياسية الفارقة والمؤثرة بتروٍ، التي كان لها تأثير وتبعات على ما نتعايش معه اليوم وبما نشعر به من إحباط وارتباك تسبب فيه مسئولون في الدولة وأحزاب ونخب سياسية، وسنمر معًا بإذن الله في أجزاء قادمة على محطات سياسية مرت بها القائمة الموحدة منذ ولادتها إلى يومنا هذا، لذلك سأقوم بتأجيل الإجابة على سؤال زميلي في المقال القادم؛ لأنها المفتاح للقائمة الموحدة.