رئيس التحرير
عصام كامل

وزارة تعليم الكتاكيت من رجليها!


مصر تعانى كارثة.. يا فتاح يا عليم على الصبح.. هكذا تَمْتَمْت..العبارة كانت أول اصطباحة على عدد من المواقع الإلكترونية منذ أيام.. قلت في نفسى إنه معارض مُشكِّك أو حاقد موتور.


المذهل أن صاحب الكلام وزير مسئول..هو الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعلم.. المناسبة كانت تصريحات لبرنامج "صباح أون" على فضائية "أون تى في".. قال إن مصر تعانى كارثة وهى وجود مليون و200 ألف طالب لا يقرءون ولا يكتبون.. ونسبتهم 50% من ضمن 2 مليون و800 ألف طالب أدوا الاختبارات في الصفين الثالث والرابع الابتدائى.

امتطى الوزير صهوة جواد الشجاعة وانطلق في اعترافه كالسهم وقال علينا أن نعترف بالمشكلة لأنها كارثة حقيقية تُعَرِّض مصر لمخاطر بسبب جهل أبنائها.

واضح أنه كان في حالة شفافية استثنائية عندما حدد بيت الداء وألقى باللائمة على المعلمين، مشددًا على حتمية نجاح تطبيق مشروع البرنامج العلاجى للقرائية الخاص بالمعلمين، وهو فيما يبدو من عنوانه برنامج لعلاج تشوهات القراءة عند المدرسين!!!.. وقال إن المعلم الذي تكون نتيجة نجاحه في تطبيق البرنامج 90% سيمنح مكافأة.. بيد أنه لم يقل هل يستمر المعلم الحاصل على أقل من 90% في التدريس أم لا؟

على مسئوليتى الشخصية أقول إن الوزير هنا مسئول بشكل مباشر عن استمرار تفريخ أميين بالمدارس الابتدائية لسبب بسيط هو أن المدرس الحاصل على أقل من الدرجة المطلوبة سوف يستمر في التدريس وتفريخ الأميين.. ولا تندهش لو أتى وزير للتعليم بعد عقد من الزمان ليقول نصف طلبة مصر أميين ولا بد من تطبيق مشروع الارتقاء بمستوى المعلم.. أو أن تتحول الوزارة إلى وزارة تعليم الكتاكيت من رجليها.

الوزير بدا كما لو أنه عثر على اكتشاف جديد.. والحقيقة أن الكارثة ممتدة منذ ما يربو على الثلاثين عامًا، كان التعليم خلالها وما زال يدك منه والقبر، وأرجوك اعفنى من الخوض في التفاصيل وضرب الأمثلة من خلال جرائم لغوية ومعرفية يرتكبها النخبة في جميع المؤسسات.. وحسبنا ما نعانيه من التشوهات والقبح اللغوى الذي يخرج من أفواه نجوم الإعلام بالفضائيات وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أختم بواقعة تتماهى مع كلام معالى الوزير عن كارثة التعليم الابتدائى الذي هو الأساس في العملية التعليمية برمتها.. أيام مظاهرات التحرير الأولى، مذيع بإحدى الفضائيات كان ينقل الأحداث من الميدان سأل شابًا ثلاثينيًا: إنت جاى هنا ليه؟ قال الشاب: أنا تعبان في حياتى زهقت طهقت و" جاى أعبَّر عن تعبيرى".. سأله المذيع: إنت بتشتغل إيه؟.. قال له مدرس ابتدائى.
أحيانًا لا أجد رد فعل حيال بعض المواقف سوى بأصابع زينب أو أنف انشراح.
الجريدة الرسمية