رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وجنوب أفريقيا علاقات تاريخية ولقاءات متبادلة.. «مانديلا» وضع أسس إستراتيجية لتوثيق التعاون في جميع المجالات.. «السيسي وزوما» يدشنان صفحة قوية من العلاقات.. ويبحثان حلولا للأزما


وصل مطار جوهانسبرج اليوم السبت، المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء للمشاركة في قمة "النيباد" والقمة الأفريقية التي تعقد دورتها الخامسة والعشرين في عاصمة جنوب أفريقيا، وذلك نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي.


كلمة محلب


ومن المقرر أن يلقي "محلب" كلمة مصر في القمة الأفريقية التي يؤكد خلالها على عمق العلاقات المصرية الأفريقية، وسبل دعمها وتطويرها خلال المرحلة المقبلة، خاصة بعد انعقاد قمة التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة بشرم الشيخ الأسبوع الماضي.

علاقات تاريخية


وترتبط مصر وجنوب أفريقيا بتاريخ طويل من التعاون مع حزب المؤتمر الوطني إبان فترة نضاله ضد النظام العنصري السابق.

مانديلا

وحمل الرئيس الأسبق مانديلا وأعضاء حكومته؛ تقديرًا خاصوصا للسياسة المصرية تجاه بلاده، وكانت مصر في طليعة الدول التي زارها مانديلا بعد توليه منصب الرئاسة عام 1994، وإعلانه ضرورة قيام تعاون إستراتيحي بين جنوب أفريقيا ومصر في جميع المجالات.

القارة الأفريقية


وتلعب كل من مصر وجنوب أفريقيا دورًا هامًا على مستوى القارة الأفريقية، وقد انعكس ذلك في مبادرة النيباد التي تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتنسيق بين المواقف من أجل مواجهة التحديات التي تهددها.

مصر قوى فاعلة

كما حدد الرئيس السابق ثابو مبيكي سياسة بلاده تجاه مصر، عندما أعلن أنه يجب على جنوب أفريقيا أن تنهض بأفريقيا بمشاركة القوى الأفريقية الفاعلة مثل مصر.

نيويورك

وفى السادس والعشرين من سبتمبر 2014، التقى الرئيس السيسي برئيس جمهورية جنوب أفريقيا جاكوب زوما على هامش المشاركة في أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتناول اللقاء عددا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، خاصة التطورات في ليبيا، حيث توافقت وجهات النظر حول خطورة الوضع، وتداعياته السلبية على دول الجوار.

الأزمة الليبية

وأكد الجانبان على أهمية وقف إمدادات السلاح والمال إلى الجماعات المسلحة، وكذا على أهمية العمل المشترك من خلال الاتحاد الأفريقي حتى يتسنى إيجاد تسوية سياسية للأزمة الليبية وتحقيق الاستقرار، كما تطرق اللقاء إلى آخر التطورات بالنسبة للوضع في قطاع غزة، حيث أعرب زوما عن تقديره لدور مصر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والعمل على تثبيته، فضلا عن اضطلاعها بالمفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

الدور المصري في غزة

واستعرض السيسي الخطوات التي تتخذها مصر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتحضير لمؤتمر إعادة الإعمار، كما أعرب عن الأمل في نجاح المفاوضات بين الجانبين، بما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.

وزيرا الخارجية


وفى الثاني عشر من أكتوبر 2014، قامت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا مايتي نيكوانا بزيارة لمصر استقبلها سامح شكرى وزير الخارجية، تبادلا تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وأهمية العمل على تطويرها في مختلف المجالات بما يحقق مصالح البلدين، كما تم تناول الأوضاع في القارة الأفريقية وفى منطقة الشرق الأوسط.

تقدير مصر

وأعربت نكوانا عن تقدير بلادها الكامل لدور مصر القيادي في أفريقيا والعالم العربي، مؤكدة أنه لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتسوية القضية الفلسطينية بدونه، والدور المصرى الريادي معربة عن سعادة بلادها بعودة مصر؛ لتتبوأ مكانتها القيادية مجددة احترام بلادها لإرادة الشعب المصرى.

لقاء الزعيمين بالقاهرة

وفى الثاني من أبريل الماضي، استقبل الرئيس السيسي، "زوما" حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين، واستعراض حرس الشرف، وعقب انتهاء مراسم الاستقبال الرسمي، تم عقد جلسة مباحثات مغلقة بين الرئيسين، تلتها جلسة موسعة بحضور وفدي البلدين استهلها الرئيس باستعراض لمجمل تطورات الأوضاع التي شهدتها مصر على مدى العامين الماضيين، والتي جاءت اِنعكاسًا لإرادة المصريين الحرة، ورغبتهم في الحفاظ على هويتهم وتحقيق آمالهم وطموحاتهم.

التطرف والإرهاب

وتناول الرئيس التطورات التي تشهدها المنطقة جراء انتشار الفكر المتطرف والإرهاب، وما لهما من تداعيات مدمرة على الدول ومستقبل الشعوب.
وشدد الرئيس على العلاقات الإستراتيجية المستقرة بين البلدين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في مايو 1994، مؤكدًا على أهمية العمل على دعمها وتعزيزها في كافة المجالات، وذلك لتحقيق المصالح المشتركة سواء في الإطار الثنائي أو الأفريقي.

تعزيز التعاون المشترك

من جانبه، أعرب الرئيس "زوما" عن تقديره للحوار مع الرئيس، وما أتاحه من إيضاح إضافي مهم لحقيقة تطورات الأوضاع في مصر، فضلًا عما تمر به المنطقة والقارة الأفريقية من تحديات يفرضها التطرف والإرهاب، وهو الأمر الذي يقتضي تدخلا فعالا لدحره والقضاء عليه.

كما أعرب الرئيس الجنوب أفريقي عن تطلع بلاده لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك مع مصر على كافة المستويات سواء الثنائية من خلال تفعيل عمل اللجنة المشتركة التي أنشئت في عام 1995 لتحديد مجالات التعاون الواعدة، وتشجيع القطاع الخاص في مصر وجنوب أفريقيا على العمل معًا، أو على الصعيد الأفريقي؛ لتعزيز التنسيق بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي بغية إحلال السلام والاستقرار ومساندة الدول التي تشهد التوترات والنزاعات، منوهًا إلى أن مصر وجنوب أفريقيا دولتان مهمتان في أفريقيا، ومن الضروري أن تعملا معًا لتحقيق مصالحهما ومصالح القارة الأفريقية ومواجهة تحدياتها المختلفة.

التعاون والعمل المشترك


وفي هذا الصدد،أعرب الرئيس عن توافقه بشأن ضرورة إعلاء قيم التعاون والعمل المشترك والنأي عن أفكار التنافس والخلاف التي أدت إلى نتائج سلبية في العديد من دول المنطقة وأتاحت الفرصة للتدخلات الخارجية.

حوار جاد

وأشار الرئيس إلى أهمية عقد اللجنة المشتركة في المستقبل القريب بالقاهرة، وتوسيع مجالات التعاون التي تشملها؛ لتضم الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية إلى غير ذلك من مجالات التعاون الحيوية، وقد أعرب "زوما" عن اتفاقه التام مع الرئيس، مؤكدًا حرصه على عقد اللجنة المشتركة في أقرب وقت.

قضايا السلم والأمن


وأولى الرئيس قضايا السلم والأمن في أفريقيا اهتماما خاصا أثناء مباحثاته مع "زوما"، الذي أشاد بسياسة السيسي في الانفتاح على القارة الأفريقية، ولا سيما نهج التعاون الإيجابي البناء الذي تتبعه مصر في معالجة العديد من الموضوعات الحيوية، وتجنب الخلاف والمواجهات وهو الأمر الذي تجلى في توقيع إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة وزيارة الرئيس الأخيرة إلى إثيوبيا.

القضية الفلسطينية


كما تباحث الرئيسان في عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث أوضح النقاش اتفاق الجانبين حول مختلف الموضوعات.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية، أكد الرئيس أهمية العمل على تقديم الضمانات التي تشجع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على المضي قدمًا على صعيد السلام وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية تنفيذًا لحل الدولتين، وشدد الرئيس على أن تلك المسئولية لا تقع فقط على عاتق مصر والدول العربية، وإنما يتعين أن يضطلع المجتمع الدولي بمسئولياته إزاءها، وأن تتضافر جهود كافة الدول الصديقة والمحبة للسلام لتحقيقها.

ليبيا


وأعرب الرئيس "زوما" عن اتفاقه مؤكدا على أهمية إسراع المجتمع الدولي في تنفيذ حل الدولتين قبل أن يكون من الصعب تنفيذه.

وعلى الصعيد الليبي أكد الرئيس أن مصر تحترم إرادة الشعب الليبي الحرة، والتي عبر عنها من خلال انتخابه البرلمان الليبي منوهًا إلى دعم مصر للجهود الأممية المبذولة؛ لتسوية الأزمة سياسيًا وذلك بالتوازي مع جهود وقف إمدادات المال والسلاح للجماعات الإرهابية المتواجدة على الأراضي الليبية.

موقف أفريقي موحد

وعلى الصعيد الدولي تناولت المباحثات موضوع إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن؛ ليكون أكثر عدالة لا سيما في ضوء زيادة عدد الدول أعضاء المنظمة كما أكد الرئيس على أهمية الحفاظ على موقف أفريقي موحد، والتحدث ككتلة واحدة إزاء مسألة توسيع وإصلاح المنظمة الأممية بما يعزز الدفاع عن المصالح الأفريقية.

واتفق الجانبان على مواصلة التشاور والتنسيق حول هذا الموضوع، والعمل معًا للدفاع عن المصالح الأفريقية المشتركة.

صفحة جديدة


واِعتبر الرئيس "زوما" أن لقاءه بالرئيس يعد بدايةً لصفحة جديدة في العلاقات بين البلدين موجها الدعوة للرئيس للقيام بزيارة إلى جنوب أفريقيا، وكذا لحضور القمة الأفريقية المقبلة التي ستعقد في جنوب أفريقيا، وهو الأمر الذي رحب به الرئيس موجها بدوره الدعوة للرئيس الجنوب أفريقي لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، حيث رحب الرئيس "زوما" بذلك مبديا تطلعه لحضور هذا الحدث التاريخي بالإضافة إلى قمة التكتلات الاقتصادية الثلاثة التي ستستضيفها مصر خلال العام الجاري.
الجريدة الرسمية