رئيس التحرير
عصام كامل

نيابة النقض توصي برفض طعون حبارة وآخرين في "مذبحة رفح الثانية".. تطلب تأييد أحكام الإعدام والحبس المؤبد والمشدد.. الدفاع يطلب نقض الحكم وإعادة المحاكمة.. ويؤكد عدم صحة تحريات "الأمن الوطني"


أوصت نيابة النقض برفض طعون المتهمين جميعا وتأييد الأحكام الصادرة بحقهم سواء بالإعدام أو السجن المؤبد والمشدد، وذلك أمام محكمة النقض في الطعن المقدم من المتهمين بقضية مذبحة قتل جنود الأمن المركزي برفح في أغسطس 2013، المعروفة إعلاميا بـ"مذبحة رفح الثانية"، والشروع في قتل جنود الأمن المركزي ببلبيس، والتخابر مع تنظيم القاعدة بالعراق، والمتهم فيها الإرهابي عادل حبارة.


طلبات الدفاع
وطالب الدفاع بنقض "إلغاء" حكم الجنايات الصادر بإدانة المتهمين وإعادة محاكمتهم من جديد، في حين عقدت الجلسة برئاسة المستشار محمد عيد سالم، وعضوية المستشارين عثمان متولي، ونبيل عمران، وأحمد الخولي، ومحمد عبد الحليم، ووائل أنور، وحاتم عزمي، وكاظم عطية، ومحمد عبد السلام، نواب رئيس محكمة النقض، وبسكرتارية خالد إبراهيم، ومحمد عمران وحسن سعد.

وتلا المستشار محمد عبد الحليم، مقرر الجلسة، ملخصا لوقائع القضية وأوجه الطعون المقدمة من دفاع المتهمين، والتي كان من أبرزها الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة نظرا لكونها أجريت في معهد أمناء الشرطة بمنأى عن علانية الجلسات المقررة قانونا، ولعدم تمكين أسر المتهمين من حضور المحاكمة، واستناد الحكم الصادر بالإدانة إلى تحريات جهاز الأمن الوطني، والتي زعم الدفاع أنها جاءت "مكتبية ولا تعدو كونها أقوالا مرسلة" على حد وصفه، واكتفاء المحكمة بسرد ما ورد بقائمة أدلة الثبوت في تسبيبها للحكم بالإدانة.

وتضمنت أوجه الطعون أيضا الزعم بأن محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم "اعتنقت الإدانة وأفصحت عنها قبل الفصل في الدعوى" بإصدارها لأحكام بحبس المتهمين عن اتهامات إهانة هيئة المحكمة والقضاء، وعدول بعض شهود الإثبات عن شهاداتهم، وأن تحريات الرائد أحمد مرجان ضابط جهاز الأمن الوطني جاءت مستندة إلى مصدر سري لم يفصح عنه للوقوف على صحة الوقائع الواردة بتحرياته من عدمه.

كما تضمنت بطلان التسجيلات الصوتية للمتهم عادل حبارة لكونها أجريت من غير مختص، وكذا بطلان عملية تفريغها، وبطلان إذون ضبط المتهمين وتفتيش مساكنهم، وعدم استجابة محكمة الجنايات لطلب الدفاع بضم تحريات جهاز المخابرات الحربية بالعريش حول الوقائع موضوع الاتهام.

وطالب ممثل نيابة النقض المحكمة برفض الطعون المقدمة من المتهمين جميعا، واستمعت المحكمة إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المتهمين، والذي طالب بنقض "إلغاء" الحكم، زاعما أن محكمة جنايات جنوب القاهرة التي أصدرت الحكم بالإدانة قبل المتهمين، غير مختصة "مكانيا" بنظر الدعوى والفصل فيها.

واعتبر أن انعقاد الاختصاص كان يجب أن يكون إما لمحكمة جنايات شمال القاهرة، أو محكمة جنايات الزقازيق، أو محكمة جنايات العريش، استنادا إلى أن القانون حدد اختصاص انعقاد محكمة الجنايات لمحاكمة أي متهم في ضوء 3 اعتبارات على سبيل الحصر هي مكان ضبط المتهم، أو مكان وقوع الجريمة، أو محل إقامة المتهم.

وأوضح الدفاع أن المتهمين مقيمون إما بشمال سيناء أو الشرقية، وتم إلقاء القبض على عدد منهم في سيناء والبعض الآخر في الشرقية وآخر في مطار القاهرة الدولي، فضلا عن كون الحادث وقع في سيناء، وهو ما يجعل محكمة جنايات جنوب القاهرة غير مختصة بالمحاكمة، وانعقاد الاختصاص إما لمحكمة جنايات الزقازيق أو جنايات العريش أو جنايات شمال القاهرة.

وأشار الدفاع إلى أن محكمة الجنايات التي أصدرت حكمها المطعون فيها، استندت في إصدار الحكم بالبراءة  بحق 3 من المتهمين الحاضرين، إلى عدم اطمئنانها إلى صحة ما ورد بتحريات الأمن الوطني بحقهم، معتبرا أن "كذب مجري التحريات في جانب منها، يقتضي بالضرورة عدم التعويل على التحريات برمتها".

التحريات
ولفت إلى أن المحكمة جانبها الصواب حينما أقرت جانبا من التحريات بحق عدد من المتهمين واستندت إليها في إدانتهم، وعدم إقرارها لما ورد بنفس التحريات بحق البعض الآخر منهم، قائلا: "من يكذب في الجزء فإنه بالضرورة يكذب في الكل"، على حد وصفه.

وذكر الدفاع أن المحكمة استندت في حكمها بإدانة عادل حبارة إلى التسجيلات الصوتية المقدمة من النيابة في القضية، في حين أن الدفاع قدم دليلا ماديا مغايرا، يؤكد أن "حبارة" أجرى تلك المكالمات على بعد 50 كيلو مترا من مكان الحادث في توقيت وقوعه، وذلك وفقا لما جاء بتقرير المحادثات الهاتفية لبرج الهاتف المحمول بمنطقة "الجورة" بشمال سيناء، وهو الأمر الذي يكون معه الدليل المادي الوحيد في الدعوى شابه الفساد، على حد قول الدفاع.

وقال الدفاع:"إن الحكم بالإدانة صدر منعدما من محكمة لا ولاية لها، باعتبار أن محكمة الجنايات غير مختصة بنظر القضية، وأن تشكيل الدائرة جاء مخالفا لأحكام القانون وقواعد تفويض الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف إلى رئيس محكمة الاستئناف في تشكيل دوائر المحاكم".

وأضاف أن قرار إنشاء قطاع الأمن الوطني بديلا عن جهاز مباحث أمن الدولة الذي ألغي في عام 2011، لم يتضمن النص على أن اختصاص القطاع يشمل كافة أنحاء الجمهورية، ومن ثم فإن قيام الرائد أحمد مرجان الضابط بالقطاع في محافظة الشرقية، بإجراء تحريات داخل محافظة شمال سيناء، يمثل إجراء باطلا.

وأشار الدفاع إلى أن المحكمة ارتكنت في إصدار حكم بالإدانة بحق المتهم محمد إبراهيم عبد الله عساكر، إلى أقوال لأحد الشهود عدل عنها لاحقا، فضلا عن كون المتهم كان يؤدي عقوبة جنائية خلال الفترة من 7 يونيو 2011 وحتى 7 يونيو 2012 عن جناية مخدرات، وسفره للخارج عقب انتهاء مدة العقوبة، لافتا إلى أنه (الدفاع) قدم ما يفيد بأن المتهم المذكور يتشابه اسمه مع متهم آخر، وأن موكله لم يرتكب الاتهام المسند إليه.

وأضاف الدفاع أن المحكمة دانت أيضا المتهم محمد نجيب إبراهيم استنادا إلى شهادة أدلى بها ضده أحد المسجلين الجنائيين، وعاقبته المحكمة بعقوبة السجن المشدد لمدة 15 عاما عن الاتهام بالانضمام إلى جماعة محظورة مضافا إليه الظرف المشدد للعقوبة المتمثل في أن الإرهاب أحد وسائل تلك الجماعة لتنفيذ أغراضها.

وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، سبق وأن قضت في ديسمبر من العام الماضي، بمعاقبة الإرهابي عادل حبارة (محبوس) و6 متهمين آخرين هاربين، بالإعدام شنقا، ومعاقبة 3 متهمين بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما لكل منهم، ومعاقبة 22 متهما آخرين بالسجن المشدد لمدة 15 عاما لكل منهم، وبراءة 3 متهمين آخرين محبوسين مما هو منسوب إليهم من اتهامات.

وصدر الحكم بصفة حضورية بحق 19 متهما، وغيابيا بحق 16 متهما هاربا من بينهم 6 متهمين عوقبوا بالإعدام شنقا، فيما كان المتهم الوحيد المقضي بإعدامه حضوريا هو الإرهابي عادل حبارة.

المتهمون
والمتهمون الذين نظرت محكمة النقض الطعون المقدمة منهم هم كل من: "عادل حبارة (إعدام) ومحمد إبراهيم سعيد وأحمد مصبح سليمان وعلي مصبح سليمان (السجن المؤبد) وصبري محمد إبراهيم محجوب وبلال محمد إبراهيم نصر الله وأحمد سعيد عطية وأحمد مأمون محمد سليمان ومحمود سعيد عطية وعبد الحميد محمد الشبراوي طنطاوي وإبراهيم محمد يوسف وأحمد محمد عبد الله أحمد وشهرته أحمد المصري ومحمد عكاشة محمد على ومحمد نجيب إبراهيم يوسف ومحمد إبراهيم عبد الله عساكر وإسماعيل إبراهيم عبد القادر إبراهيم (السجن المشدد لمدة 15 عاما)".

جدير بالذكر أن التحقيقات في القضية، والتي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار الدكتور تامر فرجاني المحامي العام الأول للنيابة، جاء بها أن المتهمين جميعا قاموا بارتكاب الجرائم المسندة إليهم خلال الفترة من عام 2011 وحتى أكتوبر 2013.

وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين ارتكابهم لجرائم الإرهاب، والتخابر، وتأسيس جماعة تعمل على خلاف أحكام القانون بغرض الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وتخريب الممتلكات العامة، ومقاومة السلطات، وإحراز الأسلحة والذخائر والمفرقعات.

وكانت النيابة العامة تلقت إخطارات من الشرطة أن جماعة إرهابية ارتكبت مذبحة رفح التي راح ضحيتها 25 من جنود الأمن المركزي بقطاع "الأحراش" وأن عناصر إرهابية من تلك الجماعة أطلقت النار من أسلحة آلية على قوات الأمن المركزي بقطاع بلبيس، حال مرورهم بطريق أبو كبير – الزقازيق، على نحو تسبب في إصابة 18 ضابطا ومجندا.

وكشفت تحقيقات النيابة أن تنظيما إرهابيا يقف وراء ارتكاب تلك الجرائم، أسسه وتولى زعامته المتهم محمود محمد مغاوري وشهرته "أبو سليمان المصري" من محافظة الشرقية، والذي اعتنق أفكارا متطرفة قوامها تكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه، والاعتداء على مؤسسات الدولة وأفراد القوات المسلحة والشرطة، واستهداف الأقباط ودور عبادتهم.

وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم المذكور انضم إليه المتهمان أشرف محمود أبو طالب، وعادل محمد إبراهيم وشهرته "عادل حبارة" المحكوم عليه بعقوبة الإعدام "غيابيا" في قضية تفجيرات طابا، وتولى المتهمان المذكوران استقطاب بقية أعضاء التنظيم الإرهابي، وتكوين خلايا فرعية عنقودية تحت اسم "خلية المهاجرين والأنصار" بلغ عددها 31 شخصا.

كما توصلت التحقيقات إلى أن التنظيم الإرهابي ارتكب جريمة التخابر، بأن استعان بالمتهم عمرو زكريا شوق عطا، المكنى "أبو سهيل" وهو عضو مجلس شورى تنظيم القاعدة ببلاد العراق والشام – وذلك لإمداده بالدعم المادي اللازم لرصد المنشآت العسكرية والشرطية وتحركات القوات بسيناء، كي يتكمن من تنفيذ جرائمه.

وأضافت التحقيقات أنه تم إعداد أعضاء التنظيم فكريا وحركيا، وتدريبهم تدريبات عسكرية خاصة، وتسليحهم ببنادق آلية وذخائر وقنابل مجهزة بمتفجرات متطورة.

وكشفت التحقيقات أن المتهمين بعد أن رصدوا تحركات قوات الشرطة، نفذوا عملياتهم الإرهابية ضد جنود الأمن المركزي بقطاع بلبيس يوم 16 أغسطس 2013، حال مرورهم بطريق أبو كبير الزقازيق، وأصيب خلال الاعتداء 18 ضابطا ومجندا.

وأشارت إلى أنه في يوم 19 من ذات الشهر تربص بعض أعضاء التنظيم الإرهابي بسيارتين تابعتين لقطاع الأمن المركزي بقطاع الأحراش برفح، وقطعوا طريقهما، وأشهروا أسلحتهم النارية في وجهي سائقي السيارتين، وأجبروا الجنود على النزول منهما تحت تهديد السلاح، وطرحوهم أرضا، وأطلقوا النار تجاه الجنود واحدا تلو الآخر، فقتلوا 25 مجندا وأصابوا 3 آخرين.

وتمكنت قوات الشرطة من ضبط 11 شخصا من أعضاء التنظيم الإرهابي وبحوزتهم قنبلتان دفاعيتان والمفجرات الخاصة بهما، وقامت النيابة العامة باستجوابهم ومواجهتهم بالأدلة.

الجريدة الرسمية