«القومي للترجمة» يواجه «المجهول» بين سياسات رؤسائه ووزراء الثقافة
مجموعة من القوانين والسياسات هي دائما السر، وراء تدهور الحالة الثقافية في أي قطاع، خاصة القطاعات الحكومية الثقافية التابعة بدورها لوزارة الثقافة، والتي تعني في المقام الأول بإيصال الوعي والعلم والمعرفة الثقافية إلى عقول المواطنين المصريين، والارتقاء بأفكارهم ودعمها وتوطيدها بأفكار مستنيرة جديدة، ولكن كيف لهذا الهدف أن يتحقق في ظل تلك السياسات التي من شأنها إحباط همة العاملين على تحقيق ذلك الهدف، وكان من بين أبرز القطاعات الثقافية التي عانت من السياسات، والقوانين التعسفية في الفترة الأخيرة هو المركز القومي للترجمة.
ومهمة المركز الأولى هي ترجمة الأعمال والمؤلفات العلمية إلى اللغة العربية، لمساعدة الشباب والمثقفين والباحثين على قراءة تلك الأعمال التي لايستطيعون قراءتها في أغلب الأوقات، وحقق المركز سمعة طيبة بين فئة المثقفين لما يصدره من كتب وأعمال فلسفية وتاريخية، لايمكن الحصول عليها إلا في المركز، فهي لا تتوفر في أي مركز أو قطاع مستقل أو خاص، وذلك لما تطلبه ترجمة الأعمال من موافقة كاتب العمل الأصلي، والحفاظ على حقوق الملكية، وعلى الرغم من الدور المهم الذي يلعبه المركز، إلا أن القوانين والسياسات التي طبقت على أنفاسه في الفترة الأخيرة كانت بمثابة طعنة وراء الأخرى في عمق قلبه، وتنوعت تلك القرارات ما بين الإدارى والتضييق المالي، إلى جانب المصير المجهول الذي يحدق بالمركز.
ميزانية المركز
كانت أولى الخطوات الغريبة والغير متوقعة التي أثرت على المجلس، هو توجه الدكتورة رشا إسماعيل رئيس المركز الأسبق، إلى وزارة المالية واستغنائها عن جزء ضخم من ميزانية المركز، والتي كانت تبلغ حينها 15 مليون جنيه، وتبدو تلك الخطوة غير محسوبة على الإطلاق، فمن الطبيعي أن ميزانية الثقافة المصرية من أقل الميزانيات على مستوى العالم، فما الذي يدعو رئيسة مركز للترجمة للتنازل عن جزء كبير من ميزانية المركز ؟!
مشاكل إعادة الطبع
مشاكل إعادة الطبع
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل وصلت إلى مشاكل ضخمة في إعادة طبع الأعمال والمؤلفات الموجودة في المركز، وكان من بين الكتب التي نفذت ولم تلق أهمية لإعادة نشرها هو كتاب "المثنوى" لجلال الدين الرومى، والذي يتكون من 6 أجزاء، حقق الكتاب شهرة واسعة بين الشباب خاصة، وقد نفذت كل نسخة من المركز، إلا أنه لم يعاد طبعه للجمهور مرة أخرى، وقد أرجع العاملون في المركز السبب إلى قرار الدكتور عبد الواحد النبوى وزير الثقافة، الذي أوقف إعادة الطبع عقب فترة قصيرة من توليه للوزارة، لأنه يرى أن المركز "غير مربح" – على حسب تصريحات العاملين بالمركز-، على الرغم من أنه قطاع حكومى ومن أولى سياساته أنه لا يهدف للربح وإنما لنشر الوعي والثقافة.
حملات تفتيشية
حملات تفتيشية
ازداد الوضع سوءًا في الفترة الأخيرة، بسبب المناخ المشحون بالسلبية داخل جميع قطاعات الوزارة، خصوصا القومي للترجمة، حيث كلف وزير الثقافة بعض الأشخاص للقيام بحملات تفتيشية أسبوعية للمركز، حيث تفتش الحملة في إدارة المالية ومكتب رئيس المركز الخاص الدكتور أنور مغيث، ويكون التفتيش في جميع الأوراق المالية والقرارات التي يصدرها رئيس المركز، ولكن العاملين في المركز يؤكدون أن الحملة فشلت في إيجاد أي أوراق تدين المركز، وقد شوهدت الحملات من جميع العاملين بالمركز، مما تسبب في إهانة لرئيس المركز أمام العاملين بالقطاع.
ضيوف الندوات
ضيوف الندوات
وكانت آخر القرارات التي أصدرها وزير الثقافة، هو ألا يتم إقامة أي فعالية أو ندوة بأي قطاع يتبع وزارة الثقافة إلا بعد مشورته، وإطلاعه على قائمة الضيوف الذين تمت دعوتهم، وتبعًا للقرار يحق للوزير استبعاد أي شخصية حتى لو كانت ذات قيمة ثقافية كبيرة، مما يضع جميع القطاعات في موقف محرج مع المثقفين.
مصير مجهول
مصير مجهول
أما الآن، فمصير المركز القومي لايزل مجهولا بعد انتهاء ندب الدكتور أنور مغيث كرئيس للمركز مساء أمس الأول، وعدم إعلان وزير الثقافة عن الرئيس القادم للمركز، على الرغم من تداول بعض الأنباء عن تولي الدكتور شكري عبد المنعم مجاهد، إلا أن الأنباء لم يتم تأكيدها بقرار رسمي من وزير الثقافة، مما يؤدي إلى ترك المركز بدون رئيس في انتظار "الفرج".