رئيس التحرير
عصام كامل

نكسة قردوغان وصفعة الإخوان


هدية رائعة من القدر أن يتزامن احتفال مصر بمرور عام على حكم الرئيس السيسي، مع صدمة ودموع قادة الإخوان في تركيا، بعد نكسة حلت على حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات البرلمانية.


ولأن الإخوان "عميان" احترفوا الكذب وأمعنوا في النفاق، فلم يروا إنجازات مصر في عام الخروج من نفق مظلم أدخلتنا فيه الجماعة الإرهابية.. وفي وقت يشيد العالم بأداء وقدرة الرئيس السيسي، الذي حقق في عام واحد إنجازات 50 سنة، وجدنا "إخوانجي" مثل فهمي هويدي، يغض الطرف كعادته عن نجاح وفرحة مصر، ويعتبر في تصريح لوكالة "الأناضول" التركية، أن "نتائج الانتخابات البرلمانية التركية، إشارة واضحة على أن حزب العدالة والتنمية كسب التاريخ والديمقراطية، بخسارته المقاعد في تلك الانتخابات".. هل هناك إفك وتضليل أكثر من هذا؟!

وعلى منوال الإفك ذاته، وكما يقال شر البلية ما يضحك، يؤكد خبير تركي: "شاهدت بأم عيني مجندين من الأمن المركزي المصري يصوتون في لجان الانتخابات التركية ضد حزب أردوغان، وتلك مؤامرة واضحة"!!.. ولم يفسر الأول إذا كانت الخسارة هي كسب التاريخ والديمقراطية، فبماذا نصف الفوز الانتخابي؟!.. ولم يقل الثاني كيف يشارك جنود مصريون في انتخابات تركية؟.. وكيف عرف أنهم يصوتون ضد أردوغان، إلا إذا كان الاقتراع غير سري؟!

الحقيقة أن "الإخوان" خيبتهم ثقيلة حتى في الكذب والتبرير، وهذا يعيدنا إلى تبرير قردوغان، سبب انتقاله إلى "القصر الأبيض" الذي أمر ببنائه ليعيش فيه كسلطان عثماني، وكلف خزانة تركيا أكثر من 600 مليون دولار، بأن "الصراصير والحشرات تملأ مبنى الرئاسة ولا يليق أن يعيش فيه مسئول بحجمه".. فهل هذا منطق أو فكر حاكم ينشد الترف والرفاهية، ويعالج مشكلة الصراصير ببناء قصر يضم أكثر من 1000 غرفة ومساحته تزيد 30 مرة عن مساحة "البيت الأبيض" الأمريكي، وأكبر أيضًا من قصر "فرساي" الفرنسي.

حديث الصراصير هذا وضع قردوغان في مرمى السخط والسخرية من الشعب كله، واستغلته الأحزاب المنافسة لضرب حزبه في الانتخابات، بتناول البذخ غير المبرر لنفسه وأسرته على حساب خزينة الدولة التي تعاني منذ فترة، فضلا عن انجرافه إلى التعامل بأسلوب سلطان عثماني له سلطات مطلقة يأمر فيطاع، ومن ملامح ذلك تراجع الديمقراطية لصالح الثيوقراطية.. وتدخله السافر في شئون الدول الأخرى "أزمات الإقليم"، ورد فعله النزق على الأزمات الدبلوماسية وتصريحاته الوقحة ضد الزعماء وتطاوله على حكام الدول الأخرى، ما جعل غالبية العالم يبتعد عن تركيا.. وداخليًا زاد الفساد في محيطه بين أهله وعشيرته، وحتى يرهب من يطالبون بمحاكمة الفاسدين جنح للحد من حرية الصحافة، وأغلق مواقع التواصل الاجتماعي لكبح الرأي والتعبير، وبسط هيمنة الشرطة على مفاصل الدولة مع تقليص سلطة الجيش خشية الانقلاب، وضرب استقلال القضاء وهاجم منظمات المجتمع المدني والمتظاهرين السلميين؛ لخطورتهم على استقرار تركيا.

انقلب الشعب التركي في الانتخابات على طغيان قردوغان، الذي مُني بنكسة كبيرة مع خسارة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم للأغلبية المطلقة التي يحتفظ بها منذ 13 سنة، ما يعني تحطم آمال قردوغان في تغيير الدستور ونظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، ويقوض حلمه بصلاحيات حكم مطلق مثل أي سلطان عثماني.

نكسة قردوغان ابتسم لها الجميع، ولم يحزن ويتلقى صفعة سوى قطر و"الإخوان" ومن يعلقون آمالهم على وقاحة وتهور العثماني المهزوم قردوغان، فهو فقد الأغلبية وكثير من تأثيره وقوته، ولم يعد أمام "العدالة والتنمية" إلا سيناريوهات ثلاثة، أحلاها مر كمرارة الفوز في الانتخابات التي فقد فيها الأغلبية والسلطة المطلقة.

أول السيناريوهات وأقلها خطرًا هو تشكيل حكومة ائتلافية تضم جميع الأحزاب الفائزة، ما يعني محاسبة قردوغان على كل كبيرة وصغيرة، ولجم اندفاعه وتهوره وتدخله في شئون الدول الأخرى، والأهم تضييق الخناق على الإخوان.. وإن فشل هذا السيناريو، يبرز خيار الدعوة إلى انتخابات مبكرة، ما يعني نهاية أسطورة قردوغان إلى الأبد.

والسيناريو الثالث يتمثل في تكتل الأحزاب الفائزة ضد "العدالة والتنمية"، فيتحول الحزب مجبرا إلى المعارضة، وهنا تبدأ التغيرات الدراماتيكية في تركيا؛ نتيجة العقد الشخصية والغرور والصلف القردوغاني.. ولأنني أبغض الإخوان وفي مقدمتهم "بائع البطيخ" قردوغان، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يرينا فيه عجائب قدرته.
الجريدة الرسمية