رئيس التحرير
عصام كامل

مغزى بهدلة السفير الأمريكي في مبنى الخارجية!


منذ استدعاء الزعيم جمال عبد الناصر لـ"دوايت أيزنهاور"، السفير الأمريكي بالقاهرة، قبل 60 عاما، ليحذره من نتائج منع بيع السلاح لمصر، وهو ما انتهى بالفعل إلى تنفيذ ناصر تحذيره، وما عرف بصفقة الأسلحة التشيكية، لم تستدع مصر سفيرا لأمريكا إلا هذا الأسبوع!


هذه المرة جلس السفير الأمريكي "ستيفن بيكروفت" كالطفل الخائب البليد.. هذه المرة يجلس ليسمع فقط وتبدو تسريبات اللقاء لتشير إلى كونه تكلم كمن تم اعتقاله؛ حيث نشرت بعض الصحف أن "بيكروفت" قال في بداية لقائه مع ممثلي الخارجية المصرية "أنا عايز أعرف سبب استدعائي أيه؟"، فتم إبلاغه بغضب مصر البالغ إلى تكرار استقبال عناصر من جماعة الإخوان من مسئولين أمريكيين في واشنطن!.. فكان رد "بيكروفت" بقوله: "نريد أن نتواصل مع كل القوى في مصر لكن من يزورنا تعتبرونه خائنا"!

فكان الرد: "لا نعتبر أحدا خائنا، ولكن يجب أن تكون اللقاءات وفق الأعراف الدبلوماسية".. وهنا يقصد مسئولو الخارجية، ضرورة إخطار الجانب المصري بالاجتماعات وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.. وهناك تسريبات تقول إن مسئولي الخارجية اضطروا إلى فرض الأمر الواقع على الحوار والحديث عن تفاصيل القبض على قائد كتائب حلوان الذي ضبطته الأجهزة الأمنية، واتضح أنه كان يعمل في أمن السفارة الأمريكية!.. وهو ما دفع السفير الأمريكي إلى تقبل الطلب المصري بهدوء.. 

وهنا رواية أخرى تقول إن مسئولي الخارجية أبلغوا السفير بأن الإخوان جماعة إرهابية بحكم القانون المصري، ثم أعطوا للسفير نسخة من "بيان الكنانة" الذي دعا فيه التنظيم الدولي للإخوان للعنف والقتل، وهنا اضطر السفير للاعتذار والتحجج بأنه لم يقرأ البيان من قبل!!، وهو ما دعا واشنطن في اليوم التالي، إلى الإعلان عن رفضها استقبال وفد من الإخوان!!

ورغم عدم الإعلان رسميًا عن الاستدعاء إلا أن رفض كلا الخارجيتين المصرية والأمريكية، التعليق على الخبر يؤكده، كما أن الإعلان عن تراجع أمريكا عن استقبال الوفد الإخواني يؤكده أكثر وأكثر، ويبدو أن الخارجية المصرية هي من سربت خبر اللقاء؛ إمعانا في إحراج الأمريكان أكثر وأكثر في وقت يستحقون فيه كل الإحراج!

السؤال الآن: ما دلالة الاستدعاء؟ وما مبرراته وأسبابه؟ نقول: مصر أرادت توصيل رسالة للعالم أجمع من خلال معاملة مهينة لرئيس أكبر دولة في العالم، مفادها أنها في معركة الإخوان والإرهاب إلى النهاية، وأنها إن فعلت ذلك مع أمريكا فإنها حتما ستفعله مع من هو أقل من أمريكا، وإنها بذلك - أيضا - تغلق الطريق على أي مبادرات قد تقدمها دول عربية للصلح مع الجماعة، بما تعتبره مصر مرفوضا تماما، وإنها في مسيرتها إلى بناء مصر الجديدة ولن تعود إلى الوراء!
الجريدة الرسمية