رئيس التحرير
عصام كامل

الفنكوش في المحافظات


إلى أن قامت ثورة 25 يناير، كان المواطن المصرى قد تعود على المشروعات الوهمية لحكومات الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لدرجة تستطيع معها القول إنه حصل على «مناعة» ضد مشروعات «الفنكوش»، لكن ما لم يكن في الحسبان أن تقتدى بالخطيئة نفسها حكومات ما بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، فمشروعات «الفنكوش» أو المتعسرة دون مبرر فاق عددها التوقعات بكثير، هذه الحال لا تقتصر على محافظة بعينها، لكن «فيتو» من باب تخفيف الصدمة على المواطن، تلقى الضوء في هذا التقرير على مشروعات ثلاث محافظات فقط، هي الإسكندرية والقليوبية وبنى سويف كنموذج لباقي المحافظات.


جهود التطوير والإنجازات التي شهدتها مدن محافظة القليوبية لم تمنع قراها من الوقوع في بئر أزمات ومشاكل مياه الشرب والصرف الصحى، ومن الكوارث التي لا تنتهى وتلاحق المحافظين منذ سنوات حتى أصبحت بعض القرى حديث وسائل الإعلام مؤخرا، ومنها قرية البرادعة التي شهدت أولى حالات الإصابة بمرض التيفود عام 2009 بعد اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحى، ما أدى إلى إصابة أكثر من 600 شخص من الأهالي بالتيفود والأمراض المعدية، ثم مدينة قها وقرى عرب العيايدة التي تنتشر فيها الإصابة بالفشل الكلوى بسبب تلوث مياه الشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحى، واعتمادهم على جراكن المياه مجهولة المصدر أو الطلمبات الحبشية.

الكارثة التي تعانيها قرى القليوبية، أكدتها الأرقام التي أفصح عنها المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ القليوبية، إذ كشف عن معاناة أكثر من 55% من قرى المحافظة من غياب الصرف الصحى، و24% منها بها مشروعات صرف متعثرة، ورغم أن المحافظة تلقت دعما من الحكومة بنحو 350 مليون جنيه لتنفيذ بعض المشروعات الجديدة إلا أن نقص الاعتماد المالى حال دون تنفيذ العديد منها، لتستمر أزمة الصرف الصحى كما هي.

على رأس المشاريع الجديدة المتوقفة انتظارا للدعم المادي، مشروع توصيل الصرف الصحى بقرية ترسا التابعة لمركز طوخ، فلم يتم البدء في إنشاء محطة الصرف رغم توفر الأرض المخصصة لذلك، وكان من المفترض أن ينتهى المشروع منذ عامين، حيث بدأ العمل به مطلع عام 2009، لكن فجأة توقف العمل بسبب عدم سداد مستحقات المقاول من قبل المحافظة بحجة عدم وجود ميزانية.
كما تم تأجيل الانتهاء من مشروع الصرف الصحى بقرية «قرقشندة»، حيث توقفت الأعمال بسبب ضعف الميزانية، وما زالت مشروعات الصرف الصحى بشأن إقامة محطة معالجة مياه الصرف الصحى بعزبة الإبيارى بميت كنانة التابعة لمركز طوخ على مساحة 36 ألف متر مربع ملك وزارة الأوقاف، وهو ما لم يتم البدء فيه حتى الآن رغم صدور قرار من مجلس الوزراء بإنشائها، فضلا عن توقف مشروع الصرف الصحى بقرى العمار الكبرى وعدد من قرى كفر شكر وشبين القناطر لنفس السبب وهو توقف الاعتمادات المالية.

ولم يبعد تقرير صادر عن شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالقليوبية عن أرقام المحافظ، فهناك ٤٨ قرية فقط بها خدمة الصرف الصحى من إجمالى ١٩٧ قرية بالمحافظة، وجار تنفيذ خطة لإدخال خدمة الصرف الصحى بـ ٦٠ قرية بنسب مختلفة، كما أن محافظة القليوبية تعانى مشكلة أخطر، وهى نقص كمية المياه حيث تحصل المحافظة على ٥٥٠ ألف لتر يوميا لا تكفى ٥ ملايين نسمة.
وهناك بعض المشاريع التي تم الإعلان عنها خلال العام الأول من حكم الرئيس السيسي ولم تنفذ حتى الآن، رغم التصريحات الإعلامية من محافظ القليوبية بشأنها، لكنها في النهاية «فنكوش».

ومن أهم هذه المشروعات قرار إقامة أول منطقة صناعية للشباب بالمحافظة على مساحة 36 فدانا بمنطقة عرب العليقات بالخانكة لخدمة المشروعات الشبابية الصغيرة والمتوسطة، وكان من المفترض أن تضم المنطقة عددا كبيرا من ورش الصناعات الصغيرة، بهدف تشجيع الشباب على الاستثمار في هذه المشروعات وتوفير فرص عمل للخريجين والحرفيين بالمحافظة، لكن بسبب عدم الانتهاء من مد المنطقة الجديدة بالمرافق اللازمة لم ينفذ المشروع حتى الآن.

ثانى هذه المشروعات، قرار تخصيص 70 فدانا حول منطقة البحيرات بعرب العليقات بمركز الخانكة لإقامة أول مدينة طبية للسياحة العلاجية بالمنطقة، وطرحها للاستثمار السياحى العالمي، ورغم قيام محافظ القليوبية بإزالة التعديات عليها وتشكيل لجنة للقيام بعمليات الرفع المساحى على الطبيعة، إلا أن إسناد إعداد كراسة الشروط لم ينفذ حتى الآن، ولم يتم طرحه لأحد المكاتب المتخصصة لوضع التصور المبدئى لشكل المشروع الجديد.

عدوى مشروعات «الفنكوش» طالت مشروعات إنشاء الطرق والكبارى التي صدر بحقها قرار من رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، فلم ينفذ منها مشروع طريق يربط بنها والقاهرة بتكلفة مليار جنيه الذي أقره «محلب» بمنح التزام إنشاء وإدارة واستغلال وصيانة الطريق لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، ثم تعدل القرار مرة أخرى بإلغاء إسناد المشروع للخدمة الوطنية وإسناده للهيئة العامة للطرق والكباري، وحتى الآن لم يتم البدء فيه بسبب وجود مشاكل مع المواطنين على الأراضى الخاصة بهم واعتراضهم عن نسبة التعويض الصادرة لهم.
الجريدة الرسمية