رئيس التحرير
عصام كامل

«تنظيم المرور» هي فوضى.. مصر الأولى عالميا في حوادث الطرق..نسبة تعاطى المخدرات بين سائقى المدارس%7.. والجيزة والقاهرة والقليوبية والإسكندرية تتفوق في «المزاج العالي»


«أصوات كلكسات.. تكدس في الإشارات.. سيارات تسير عكس الاتجاهات.. تكاتك بدون تراخيص تحول الطرق لمتاهات.. أنباء لا تنقطع عن حدوث حوادث هنا أو هناك».. هذا هو حال الطرق في مصر، فعلى الرغم من وجود قانون لتنظيم المرور، ما زالت مصر تتفوق عالميا في حوادث الطرق.

لغة الأرقام فضحت سوء الأوضاع المرورية في مصر، إذ تحتل -بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية- المرتبة الأولى في حوادث الطرق، وبلغ عدد الوفيات الناجمة عنها 12 ألفًا، وتشمل قائمة المصابين 40 ألفًا.

فيما يتراوح المعدل العالمى لقتلى حوادث الطرق، لكل 10 آلاف مركبة، ما بين 10 إلى 12 شخصًا، لكنه يصل في مصر إلى 25 شخصًا، أي ضعف المعدل العالمي، وأيضًا يبلغ عدد ضحاياها لكل 100 كم في مصر 131 قتيلًا، في حين أن المعدل العالمى يتراوح ما بين 4 إلى 20 قتيلًا، أي يزيد عدد القتلى في مصر على 30 ضعف المعدل العالمي، كما يوضح مؤشر الحوادث أن مصر تفقد 22 قتيلًا من كل 100 مصاب، في حين أن المعدل العالمى 3 قتلى فقط.

وإذا كانت هناك بعض الأصوات التي تتحدث عن إمكانية تهويل المنظمات العالمية من الحديث عن حوادث الطرق في مصر؛ فإن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أقر أن إجمالى حوادث السيارات التي وقعت في مصر خلال عام 2013 كان 24 ألفا و371 حادثًا راح ضحيتها 7 آلاف و40 شخصا بزيادة نسبتها 7.9% عن عام 2012.

هذه الأرقام تدفعنا إلى التساؤل عن مدى جدوى قانون تنظيم المرور المصري، وهى ليست المرة الأولى التي ننتفض فيها للحديث حول هذا القانون؛ فمع كل حادثة تهتز لها القلوب ينشغل الرأى العام بالبحث عن أسباب عدم تفعيل مواد هذا القانون، وتضيع الحقيقة ما بين اتهامات لرجال المرور، والشعب الذي اعتاد على «الفهلوة»، واختراق القواعد والنظام، وتخرج الأصوات المطالبة بتعديل القانون وتغليظ العقوبات، ولكن كل ذلك دون جدوى.

حادث أتوبيس البحيرة خلال شهر نوفمبر الماضى ليس ببعيد، فقد أودى بحياة 18 تلميذ، وإصابة 18 آخرين في حالات خطرة، أغلبهم طلاب كانوا يستقلون أحد أتوبيسات مدرسة خاصة، إذ انتفضت الدولة من صغيرها حتى كبيرها، مطالبين بضرورة تعديل قانون تنظيم المرور، والمراقبة على تنفيذه، وهو ما دفع قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار مجدى العجاتي، يوم التاسع من نوفمبر الماضى إلى الموافقة على تعديل بعض أحكام قانون المرور التي أرسلت له من مجلس الوزراء.

وجاءت أبرز التعديلات في وجوب وضع جهاز محدد للسرعات بمركبات السياحة ونقل الركاب والنقل والنقل نصف مقطورة، لا يتيح فنيًا لقائدى تلك المركبات تجاوز السرعات المقررة لها، وذلك كشرط لمنح ترخيص هذه المركبات، كما ألزم مشروع القانون قائدو مركبات النقل والنقل العام للركاب والميكروباص بالسير أقصى يمين الطريق، ويعاقب المخالف لمسار السير بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفى جنيه.
وحظر مشروع القانون قيادة مركبة بلوحات معدنية غير المنصرفة من إدارة المرور أو غير ظاهرة أو بياناتها غير واضحة أو يصعب قراءتها من مسافة مناسبة.

كما جرم قيادة المركبات السياحية ونقل الركاب التي تعمل بين المحافظات والنقل والنقل بمقطورة أو بنصف مقطورة، التي لا يوجد بها جهاز صالح للاستعمال لتسجيل المعلومات الخاصة بتحركات المركبة وتصرفات السائق وتخزينها بطريقة آلية يستحيل التدخل اليدوى فيها، وأيضا شدد المشرع على عقوبة السير عكس الاتجاه في الطريق العام داخل أو خارج المدن.

وفرض مشروع القانون عقوبة الغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه لعدم الالتزام بالجانب الأيمن من نهر الطريق المعد للسير في اتجاهين أو السير في اتجاه مخالف، وذات العقوبة لعدم اتباع إشارات المرور وعلاماته وتعليمات رجال المرور الخاصة بتنظيم السير.

كما قرر عقوبة الغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه لكل من ارتكب إحدى المخالفات الآتية: إساءة استعمال جهاز التنبيه، وتعمد التوقف أو السير ببطء شديد على الكبارى أوعند مطالعها أو منازلها أو في الأنفاق أو في تقاطع الطرق.

وبالنسبة لمخالفة قيادة مركبة دون الحصول على رخصة قيادة، قرر المشروع معاقبة المخالف بالحبس لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على ستة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين وقرر عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة لكل من قاد مركبة تحت تأثير مخدر أو مسكر، وعقوبة السجن مدة لا تقل عن سنتين وغرامة عشرة آلاف جنيه لكل من قاد مركبة تحت تأثير مخدر أو مسكر، إذا ترتب على ذلك إصابة شخص أو أكثر، فإذا ترتب على ذلك وفاة شخص أو إصابته بعجز كلى تكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وغرامة عشرون ألف جنيه، ويتعين فضلًا عما تقدم إلغاء رخصة قيادة قائد المركبة، ولا يجوز منحه رخصة جديدة إلا بعد رد اعتباره.

ولم يكتف المشرع بصرامة هذه التعديلات، بل أشار إلى عدة أمور يجب أخذها في الاعتبار قبل الحديث عن تنفيذ هذا القانون، ومن بينها ضرورة الاهتمام بمدارس تعليم القيادة والتوسع فيها بحيث لا يجوز منح تراخيص القيادة بكافة أنواعها إلا لخريجى هذه المدارس، حتى ولو كان طالب الترخيص يجيد القيادة، إذ أن إجادة القيادة لا تكفى وحدها ولكن يجب أن يكون بجانبها تعليم طالب الترخيص قواعد وآداب القيادة وإحاطته بأحكام قانون المرور والجزاءات المقررة على مخالفتها، فضلا عن إجادته لعلامات المرور، خاصة أن قانون المرور القائم تضمن في جملته أحكامًا دقيقة ومنضبطة بشأن الشروط والقواعد اللازمة لمنح تراخيص القيادة أو التسيير، ولكن الواقع الفعلى يشير إلى تحايل المصريين على القانون وحصول معظم قائدى السيارات على شهادات مزورة لهذه المدارس،أو بطريق الرشوة.

ولم يغفل أهمية التوسع في أساليب حملات الفحص الفنى بواسطة سيارات متنقلة وثابتة على الطرق الرئيسية والسريعة، وكذلك حملات الكشف عن المخدرات والمسكرات، وهو ما دفع بأربعة جهات حكومية لعقد بروتوكول تعاون للكشف على سائقى حافلات المدارس؛ حيث وقع كل من غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيسة مجلس صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، والدكتور عادل العدوى وزير الصحة والسكان، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق، والدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم السابق، على هذا البروتوكول.

وعلى الرغم من إدراك السائقين تشديد الدولة على هذه الفحوصات والعقوبات الصارمة التي يمكن أن توقع على من يثبت تعاطيه لمواد مخدرة أو مسكرة، فإن نتيجة الكشف الطبى على سائقى المدارس في بعض المحافظات والتي أعلنتها وزارة التضامن منذ أيام قليلة، أكدت أن نسبة تعاطى المخدرات بين سائقى المدارس بلغت 7%، وهي نسبة مزعجة وتؤكد أن الخطر لايزال قائمًا في ظل أن قانون تنظيم المرور مجرد حبر على ورق ولا يتم الانتباه إليه إلا وقت الحوادث والكوارث.
الجريدة الرسمية