الإنصات قبل الانفعال
وصلتني رسالة من موظف بأحد البنوك تفيد بأنه يعمل بإدارة الخزينة في بنك أجنبي وقد اتصل به أحد العملاء في يوم من الأيام التي بها زحام شديد ولكنه لم يكن في الحالة التي تسمح له أن يرد على العميل ثم عاود الاتصال به في المساء عدة مرات أيضا إلا أن الموظف زاد غضبه إلى الدرجة التي جعلته لا يرد على الاتصال فقط وإنما قد قام بإغلاق التليفون إلا أنه بعد فتح التليفون وجد رسالة من العميل تقول أرجو الاتصال إلا أنه بعدها قد استشاط غضبا.
في اليوم التالي وعند فتح أبواب البنك صباحا وعند رؤية الموظف للعميل قام بإعطائه درسا في الأخلاق وكيف أنه عاود الاتصال به عدة مرات وأنه كان لابد أن يقوم بالانتظار إلى يوم العمل التالي حتى لا يكون هناك إزعاج له ولا إلى أسرته بعد ساعات العمل وحينما طلب العميل أن يحدثه جانبا رفض الحديث وقال له تحدث أمام الناس وأنه ليس بينهم ما يجعله يستمع له على انفراد.
انتظر العميل كل كلام الموظف وحين انتهى من الحديث كان الرد بكل هدوء أنه قد أخذ إجازة من محل عمله ليأتي في ميعاد فتح أبواب البنك قبل أن يدخل إلى الموظف العملاء لأنه وجد 5 ورقات فئة 200 جنيه زائدة في المبلغ المصروف منه في اليوم السابق وأن اتصالاته العديدة كانت لإعلامه أن هناك مبلغا زائدا يعرف تمام المعرفة أن الموظف هو من سيقوم بدفعه من جيبه الخاص وهو ما جعله يحاول أن يخبره بهذا الإلحاح.
انتهت رسالة القارئ العزيز وأود أن أعقب بالآتى:
أشكر الراسل الكريم على رسالته التي أشعر بما شعر به فيها من ندم على رد فعله السريع ولا شك أن وسيلة الاتصال مهما كانت مزعجة إلا أنها في النهاية عنصر مهم لا يمكن أبدا أن نتغاضى عنه وأن عدم معرفة رقم المتصل ليس كفيلا لمنع الرد عليه وإنما قد يكون الرقم الغريب غير مدون في سجلاتنا من الأهمية القصوى التي لابد أن نعطيها كل تقدير.
هذا من جهة ومن جهة أخرى أن هناك كثيرين لديهم أمانة ويراعون الله في السر والعلن ويراعون أن يطعموا أولادهم من الحلال ولكن من كثرة ما نرى من صور مخيفة لعدم الأمانة أعطتنا صورة للمجتمع غير حميدة إلا أنه لا يمكن أبدا أن نعمم أي صفة على المجتمع فكل المجتمعات فيها الصالح وفيها الطالح وأن مع كل من يذكرون أي صورة سلبية هناك صور إيجابية كثيرة لابد من ذكرها وهذا هو العدل.
إلى كل من يراعى الله في طعامه وطعام من يعول.. أبشروا برزق الله الخفي وهو الأعظم في الدنيا والآخرة.