رئيس التحرير
عصام كامل

زيارة برلين وإضراب المحامين


أصدق أن الوفد الشعبي الذي سافر لمؤازرة الرئيس عبد الفتاح السيسي في برلين، قد ذهب دون تنسيق رئاسي أو أمني، ولن أتحدث عن أن أحد الإعلاميين الذي سافر للتغطية الإعلامية خرج من مطار القاهرة وعاد مرة أخرى رغم وجود حكم قضائي واجب النفاذ، ويحمل رقم حصر حبس 5341 لسنة 2015 في تنفيذ الأحكام لدى وزارة الداخلية، ويوجد إنذار على يد محضر لكل من وزير الداخلية ومدير أمن المطار ومأمور ورئيس مباحث مدينة نصر للقبض عليه، لكن دون جدوى؛ نظرًا لنفوذه الرئاسي والحكومي.

ولن أشير إلى أن من ضمن المناصرين في الوفد أحد المنتمين لحركة "لازم حازم" التي كانت حملة ترشح حازم صلاح أبو إسماعيل للرئاسة، والآخر من حركة "أبناء مبارك" سافرا تحت اسم شباب الثورة، بل إنني لن أتطرق لنتائج الزيارة وانعكاساتها السياسية والاقتصادية، رغم أهمية هذه الزيارة لألمانيا بالذات؛ نظرًا لتشدد موقفها من 30 يونيو، وما نتج عنها عدا شيء واحد، الذي بسببه قامت نقابة المحامين بإضرابها من أجله.

فقد لاحظنا من خلال متابعتنا للصحف الألمانية وأسئلة الصحفيين للرئيس، تركيزهم على الحقوق والحريات في مصر، نعم هي الحقوق والحريات الغائبة عن مصر منذ آلاف السنين، التي يوجد باب يحمل هذا الاسم في كل الدساتير المصرية، آخرها دستور 2014 الذي يعد هذا الباب فيه من أروع ما كتب في الحقوق والحريات، ورغم الثورة العظيمة 30/25، التي قامت من أجل هذا الباب بالأساس لكن لا حياة لمن تنادي، فقد قامت نقابة المحامين بالإضراب بعد أن طفح بها الكيل مثلها مثل كل الشعب المصري، فلا يمر يوم إلا ونسمع عن محامٍ قُتل من التعذيب أو ضرب داخل أقسام الشرطة أو خارجها أو تمت معاملته بشكل غير لائق، ونال حظه من الألفاظ النابية والشتائم المقززة أو لفقت له قائمة من التهم الجاهزة والمعروفة لدى الجميع، وأصبحت محل سخرية من الشعب.

ناهيك عن اقتحامات للمنازل دون إذن نيابة، وانتهاك حرمات البيوت بل من غير المسموح لك أن تسأل الضابط "فين إذن النيابة؟"، بل لا أنصحك بأن تسأل هذا السؤال؛ حيث إنه يؤدي إلى سحل سائله، ويتبادر هنا إلى ذهني أسئلة مهمة جدًا، فقد وجد المحامون نقابة لهم تحميهم وتدافع عنهم وتقوم بالإضراب من أجل الضغط على النظام لترد كرامتهم، فما بال المواطن المصري الغلبان الذي ليس لديه نقابة تحميه وتحافظ على حقوقه وكرامته التي تنتهك من الشرطة بشكل يومي وممنهج، فمن أين يأتي بنقابة تحميه؟؟.. وماذا يفعل لو أنه مواطن عادي لا يستطيع إيصال صوته إلى الصحافة والإعلام؟؟.. بمن يستنجد بعدما كان يظن أن لديه دستورا يحميه وخرج ليصوت عليه "بنعم" بنسبة تصويت غير مسبوقة؟؟

في حقيقة الأمر، إنني لم أستطع الإجابة عن هذه الأسئلة بعد تفكير عميق، سوى أنه عليه أن يستنجد بالله سبحانه وتعالى فهو حسبه، وهذا بالفعل ما يحدث من الغلابة الذين تنتهك حقوقهم من الداخلية وغيرها من الوزارات.

أذكر أنني ومجموعة من شباب الثورة، جمعنا لقاء بمجموعة وزارية، كان من ضمنها وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم بكل مساعديه أيام حكومة الدكتور حازم الببلاوي، وكان من ضمن المجموعة رئيس الوزراء الحالي إبراهيم محلب، وقت أن كان وزيرًا للإسكان، وكل من الوزير أحمد البرعي وزير التضامن السابق والوزير منير فخري عبد النور وزير الصناعة الحالي، ووجهت كلامًا لاذعًا وقتها لوزير الداخلية السابق، وقلت من ضمن ما قلت نصًا "أعلم تمامًا أنكم تحملون بداخلكم ثأرًا لشباب الثورة ولـ25 يناير ولمن شاركهم فيها من الشعب، وأعلم تمامًا أن بداخل شباب الثورة لكم احتقان مرير لكنني أقسم لك أننا مستعدون أن نتجاوز عن كل شيء لصالح الوطن، وفي سبيل ألا تعودوا إلى سابق عهدكم مرة أخرى".

بل توجهت إلى وزير الداخلية بسؤال لم يستطع الإجابة عنه؛ حيث قلت له "لو أنني أسير في الشارع واستوقفتني عربة الشرطة وقاموا بتفتيشي واعترضت وقلت لهم إنه ليس من حقكم أن تفتشوني بدون إذن قضائي مسبب، كما جاء في باب الحقوق والحريات في الدستور، وقمت بإبراز الدستور لهم كحماية لي، فماذا هم فاعلون؟؟"، فلم يستطع الإجابة، فقلت له أجيبك أنا "هياخدوا مني الدستور وهيقطعوه وهيضربوني وهيرموني في البوكس"، ولم يعقب الوزير على إجابتي.

في نهاية المقال، أوجه كلامي للسيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي "قلت في أحد خطاباتك، إنك لا تقبل الإساءة الشخصية على نفسك، وهذا بالطبع حقك، فلماذا ترضاها على شعبك؟؟".

أيها الرئيس لم ولن يقبل الشعب المصري الإساءة على نفسه، فقد ثار على من أساءوا إليه، وعقد العزم على عدم العودة إلى الوراء فقد مضى عهد الإساءات.
الجريدة الرسمية