رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب.. ذكريات رمضانية


في مجلة "صباح الخير" عام 1958، كتب إحسان عبد القدوس عدة حلقات بعنوان ذكريات رمضانية، يتذكر في إحداها ويقول:

كنت أسهر يوما في رمضان بحى الحسين، وفجأة رأيت جارنا محمد مدبولي صاحب البقالة، يدخل المسجد ويقف للصلاة، صلى بحرارة وابتهال، ثم ارتكز على عمود منزوٍ وفتح المصحف بين يديه يقرأ فيه آيات الذكر الحكيم، راقبته وأنا "أطق" غيظا.

إني أعرف هذا المدبولى جيدا، إنه جشع، إنه لص كبير يسرق الزبائن ويغش في الميزان، كما أنه فى بيته وحش مجرم يضرب زوجته حتى يسيل دمها.

هو متدين فى الجامع، لص في دكانه، متوحش في بيته.. هنا توصلت إلى أن كل منا ليس واحدا ليس واحدا، إنما عدة أشخاص، وأي مجتمع يعيش في مجتمع حوله، ومجتمع في مجتمع آخر في داخله.

إن الشخص الذى يعيش في جسدي ويريد أن يذهب إلى النادى هو شخص يعبر عن حاجة جماعية إلى الاختلاط بالناس.. والشخص الذي يريد قراءة جريدة هو شخص يعبر عن حاجة جماعية بمعرفة أخبار الناس. 

والشخص الذي يشترى قميصا هو شخص يخضع للمجتمع الذي حدد القميص كلباس، والشخص الذى يريد أن يصلي يخضع لدين مجتمع يضم ملايين.

المهم أنني اكتشفت أنه ليس هناك مشاكل فردية، فليس هناك مشكلة فقر فرد أو مرض فرد أو خوف فرد أو حرية فرد؛ لأنه ليس هناك فرد وإنما هى مشاكل مجتمع لأي مجتمع.
الجريدة الرسمية