التعليم.. سمك.. لبن.. تمر هندى
ما يحدث فى التعليم المصرى لا نظير له فى أى دولة فى العالم، من ناحية المناهج، والشهادات، والمدارس، والمدرسين، والقوانين الحاكمة لهذه المنظومة، الأمر الذى يعتبره الخبراء التربويون بمثابة الكارثة التعليمية التى تهدد الانتماء للوطن، وتنذر بقتل الهوية الثقافية، والقومية للنشء المصرى.
فمن ناحية المناهج تتعدد أنظمة المناهج التى يدرسها الطلاب المصريون، فبالنسبة للمدارس الحكومية التى تخضع لوزارة التربية والتعليم، هناك المدارس الحكومية العادية وهى تدرس منهجا واحدا لكل طلاب الجمهورية، فيما عدا مادة اللغة اللغة العربية، حيث يدرس طلاب الصف الثالث الإعدادى قصة كفاح شعب طيبة للرائع نجيب محفوظ، بينما يدرس أبناء الوجه البحرى قصة صقر قريش، وفى الصف الرابع الابتدائى فى كتاب الدراسات الاجتماعية يدرس طلاب كل محافظة جغرافية محافظتهم، فيما عدا ذلك فالمناهج تعد واحدة فى جميع المراحل.
تختلف المناهج المقدمة لأبناء المدارس التجريبية التابعة للوزارة عن أبناء المدارس الحكومية العادية، وفى القاهرة وحدها 150 مدرسة تجريبية، هناك ثلاثة أنواع من تلك المدارس، فمنها العربى ومنها ما يعتمد اللغة الإنجليزية كلغة أولى للتدريس بتلك المدارس، ومنها ما يعتمد اللغة الفرنسية كلغة أولى للتدريس بها، وكل هذه المدارس مناهجها تختلف عن الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك يوجد نوع ثان من التجريبيات يسمى بمدارس المستقبل، وهى مدارس تعتمد المنهج التجريبيى وتمتاز عن التجريبيات العادية بأن كثافتها أقل فى الفصول حيث يتراوح عدد التلاميذ بين 29 و32 تلميذا، بينما يصل العدد فى التجريبيات العادية إلى 45 تلميذا، ويوجد فى القاهرة 16 مدرسة من مدارس المستقبل، ومصروفات تلك المدارس أعلى من التجريبيات العادية، كما أن معلميها يحصلون على مخصصات مالية أكثر.
المدارس التجريبية تعد نوعا من الازدواجية أصاب جسد التعليم المصرى، وهو يكشف عن تناقض بين الفكر والتطبيق، ويغيب مبدأ تكافؤ الفرص بين المصريين فى الحصول على نفس نوعية التعليم.
ومن المدارس التى تتبع وزارة التربية والتعليم وتعد مدارس عامة، وتزيد أيضا من مبدأ الازدواجية فى التعليم، يوجد 39 مدرسة تتبع قطاع المعاهد القومية، وهى مدارس الجاليات الأجنبية التى أممتها ثورة 52، ولتلك المدارس قانون خاص بها هو القانون رقم 1 لسنة 1990 ووفقا لهذا القانون فإن الوزارة غير مسئولة عن تلك المدارس إلا فيما يتعلق بجزئية الإشراف الفنى، وهى مدارس تعتمد على مناهج الوزارة بجانب بعض المناهج الإضافية، كما أن الدراسة بها تختلف من مدرسة إلى أخرى، من حيث اعتماد اللغة الأولى فى التعليم بها، ولكل مدرسة مجلس إدارة خاص بها، وللمعاهد ككل مجلس إدارة يشرف على أعمال إدارات تلك المدارس، وهى مدارس بمصروفات أعلى من التجريبيات.
بين هذا وذاك هناك مدارس النيل التى أنشأها الدكتور أحمد نظيف بالقرية الذكية، لتقديم خدمة تعليمية حكومية تضاهى الخدمة التعليمية التى تقدمها المدارس الدولية، وهذه المدارس تعتمد مناهج دولية، وغير معلوم ميزانيتها، أو حجم إنفاقها، وهى تقبل أبناء الصفوة فى المجتمع نظرا لارتفاع مصروفاتها التى تصل إلى 15 ألف جنيه فى العام الواحد، وهى لا تتبع وزارة التربية والتعليم إلا من الناحية الإشرافية، وتتبع رئاسة الوزراء من الناحية الإدارية.
وبعيدا عن المدارس الحكومية هناك المدارس الخاصة، وهى تضم مدارس خاصة عادية منها العربى، واللغات، ومدارس خاصة دولية تعتمد مناهج أجنبية تستوردها من البلد الذى تحمل اسمه وتصريحه، وطلاب تلك المدارس عادة ما يكونون من علية القوم نظرا لمصروفاتها الباهظة التى تتراوح بين 30 إلى 40 ألف جنيه فى العام.
ومن المدارس الموجودة فى مصر أيضا مدارس القنصليات، أو السفارات وهى مدارس غير خاضعة للحكومة المصرية، وتعد جزءً من سفارات دولتها، وهى مقامة فى الأساس لتقديم خدمة تعليمية لأبناء جالية دولتها، مثل المدرسة الفرنسية والكندية، إلا أن بعض أولياء الأمور من المصريين مزدوجى الجنسية يفضلون تعليم أبنائهم فى تلك المدارس، وتلك المدارس تعمل فى مصر وفقا لاتفاقيات دولية.
وهناك مدارس أمريكية تدرس منهجا أمريكيا فقط وفقا للقانون رقم 255 لسنة 2000، وغير تلك المدارس هناك نوع آخر من المدارس الدولية الموجودة فى مصر لها حرية اختيار مناهج دولية أجنبية، وهى لا تخضع لقانون منظم، وتحصل على تصاريح إنشائها من المراكز الثقافية الإقليمية مثل المركز الثقافى الروسى، والإسبانى.
كذلك توجد فى مصر مدارس الدبلومات الأجنبية، والتى تقدم دبلومة تعليمية، وأغلبها يتبع هيئة المعونة الأمريكية وبعضها يتبع منظمات دولية عاملة فى مصر.
وبعيدا عن التعليم العام، يوجد فى مصر التعليم الفنى، بأنواعه من تجارى وصناعى وزراعى، والتعليم الأزهرى، والتعليم المفتوح.