رئيس التحرير
عصام كامل

سماسرة «الحباية الصفرا».. 2 مليار جنيه فاتورة مكاسب «أباطرة الاستيراد».. فوضى استلام القمح المحلى وراء زيادة الأرقام المضروبة.. وقرارات «التموين» الخاطئة تشعل الأزمة.. وا


إذا كان للحروب تجار يربحون منها، ويجنون الأرباح فإن للأزمات سماسرة يجمعون الثروات من قوت الغلابة، ويظهر ذلك بوضوح في أزمة القمح الذي تتجه الدولة لاستيراد جزء كبير من احتياجاته من الخارج؛ لسد العجز في إنتاج القمح المحلي، وتسيطر مافيا كبيرة على عمليات الاستيراد من الخارج.


ووفقا لمصادر «فيتو»، فإن سبب استحواذ أباطرة القمح على السوق هو القرارات الخاطئة لوزارة التموين، الخاصة باحتفاظها بأرصدة إستراتيجية من القمح تعفيها من نقل القمح من الشون إلى المطاحن مباشرة أثناء موسم التوريد، في ظل تواجد 140 مطحنا من القطاعين الخاص والعام لإنتاج الدقيق اللازم لصناعة الخبز المدعم بعد الانتهاء من تعميم المنظومة الجديدة للخبز في 27 محافظة بالجمهورية.

و أضافت المصادر أن المطاحن تعمل طوال 24 ساعة، واللجان غير كافية ومؤهلة للرقابة على هذه المطاحن طوال هذه الفترة الزمنية، بما يستوجب وجود 140 لجنة، ومثلها على 368 شونة لتسليم القمح.

وفجرت المصادر مفاجأة من العيار الثقيل، مؤكدة أن معدلات التوريد لا تتعدى الـ 5 ملايين طن، بجانب أن مستوردى القمح استعدوا منذ عدة أشهر لجلب القمح المستورد من الخارج، وتخزينه لإعادة تسويقه وتدويره وخلطه بالمحلي؛ للحصول على فارق سعر يصل إلى أكثر من 1000 جنيه في الطن، بما يحقق مكاسب لمافيا التوريد تصل إلى 2 مليار جنيه باسم القمح المستورد؛ نتيجة لخطأ ارتكبته التموين، وهو الطحن مباشرة أثناء موسم الحصاد بالمخالفة لما كان متبعا خلال الأعوام السابقة؛ حيث سمحت التموين بالطحن أثناء التوريد وأصبحت لديها سعة تخزين استفاد منها قراصنة القمح، بما يفتح الباب على مصراعيه للتلاعب في موسم التوريد.

وتدلل المصادر على التلاعب، التي تؤكد من مؤشرات التوريد أن ما تم توريده لشون بنك التنمية والائتمان الزراعى تجاوز 700 ألف طن، والشركة المصرية للصوامع مليونا و509 آلاف طن، والعامة للصوامع أكثر من مليون طن، بما يكشف عن تراجع التوريد للبنك الذي تنتشر شونه بجميع المحافظات؛ لكونها لم تكن لها نصيب من القمح المستورد، بقدر ما حصلت عليه شركتا العامة والمصرية للصوامع، كما أن نقل الأقماح بهذه الكميات خلال فترة وجيزة يحتاج إلى مراجعة، وأن المساحة المنزرعة التي تتجاوز 3.1 ملايين فدان من القمح لا تغطى إنتاجيتها هذه الكميات الموردة؛ لأن إنتاجية الفدان تصل إلى 18 إردبا.

وحلت محافظة الجيزة على رأس قائمة أكبر المحافظات الموردة للشركة العامة والمصرية بـ 707 آلاف و554 طنا من القمح، والغربية وردت ما يقرب من 117 ألفا و336 طنا، والمنيا 181 و621 طنا من القمح، مع أن الجيزة التي تفوقت عليهم خلال مرحلة من مراحل التوريد ليست محافظة زراعية، لتتقوق على الدقهلية والمنوفية والغربية والمنيا، وهى محافظات ذات إنتاجية عالية، إلا أن التلاعب هو الذي أدى إلى هذا الترتيب غير المنطقى في كميات التوريد.

كما أن فشل البنك في التوريد، دليل شبهة فساد في الموسم مع شركات الصوامع من المصرية والعامة، التي تخزن 15% بالصوامع والباقى بالشون، مع أن السعة التخزينية للصوامع تبلغ 1.6 مليون طن، ولكنها فارغة.

ويرى محمود دياب، المتحدث الرسمى باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، أن تجاوز الوزارة معدلات التوريد للقمح المحلى التي توقعتها هذا العام يرجع إلى الإعلان عن سعر الضمان لتوريد القمح مبكرا بـ 420 جنيها للإردب، لافتا إلى أن اللجان المنوط بها الفرز والاستلام تتابع موسم توريد القمح المحلي، وترفض استلام أي كميات من الأقماح المخالفة للمواصفات واشتراطات التوريد، كما أن تجاوز معدلات التوريد 4 ملايين و385 ألف طن، جاء نتيجة تقارير الجهات المنوط بها الاستلام، ومنها الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.

ومن جانبه، أكد المحاسب عطية سالم - رئيس بنك الائتمان والتنمية الزراعية - أن البنك تعاقد على سعات إضافية في القطاع الخاص تبلغ 2 مليون طن؛ لمواجهة أي طارئ حال امتلاء شون البنك في ظل زيادة التوريد هذا العام، خاصة في ظل أزمة الشون الترابية المغلقة، التي رفضت وزارة التموين الاستلام فيها لكثرة نسبة الفاقد منها التي تبلغ 20%، وهو ما أثر على التوريد، وفتح الباب أمام التجار لاستغلال الفلاحين وشراء القمح مقابل 400 جنيه للإردب، بدلا من 420 جنيها، السعر المحدد من الحكومة للإردب، وخلطه بالأقماح المستوردة الأقل جودة.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية