رئيس التحرير
عصام كامل

أمين "الأعلى للثقافة" : منع "أفلام السبكي" لن يفيد ومراقبة الأعمال الثقافية والسينمائية مستحيلة


  • • الأعلى للثقافة "مخ" الوزارة وقصور الثقافة "عضلاتها"
  • • تطوير الثقافة والتعليم هو الحل الأمثل للمشكلات المجتمعية
  • • ثورة 1919 هي أزهي العصور الثقافية و"النكسة" بداية التراجع الثقافي
  • • "الإخوان والانتخابات" أعاقا سير ثورة يناير نحو النجاح
  • • على الدولة تدعيم الثقافة وليس السيطرة عليها
  • • المؤسسات الثقافية حاليًا تعاني من حالة إرهاق وإعياء كامل
  • • ما نشاهده من أفلام قديمة هو 5% فقط من الأعمال المنتجة 
  • • لو عرضت الأفلام القديمة الرديئة الآن لاتهمنا العالم بالكفر
  • • الوزارة تحاول تغيير الذوق العام للشعب 
  • • يمكن تحقيق ثقافة ثقيلة للرأي العام في 5 سنوات فقط
  • • "التوعية" هي الحل للأخطاء التاريخية في الأفلام الأجنبية 
  • • أرسلنا تقرير بالأخطاء التاريخية لشركة إنتاج مسلسل "سرايا عابدين"
  • • لايمكن للوزارة مقاضاة شركات الإنتاج السينمائية والدرامية
  • • "المجلس" يحاسب ويراقب الوزارة.. ومن حقه الاعتراض على قرارات الوزير
  • • مفهوم "المواطنة" أكبر الأخطاء التي تتداولها مناهج التعليم 
  • • ميزانية ندوة اللجان في المجلس تبلغ 2000 جنيه
  • • "المرور" السبب وراء قلة جمهور الندوات في مصر
  • • نحاول منع ازدواجية الأعمال المنشورة
  • • ميزانية النشر في المجلس تبلغ 700 ألف جنيه في العام
  • • ميزانية جائزة الرواية تخرج من صندوق التنمية الثقافية
  • • لا أتدخل في لجان الجوائز حتى لا أفقد احترامي لنفسي
  • • مشكلة "الغيطاني وطاهر" غير صحيحة 
  • • اسم الفائز بجائزة الرواية تلقيته عبر الهاتف
  • • قانون الخدمة المدنية يعمل على حل مشكلة تكدس العاملين
  • • الفائض في ميزانية الوزارة يخص باب الإنشاءات فقط
  • • "مصيف مرسي مطروح" أبرز مشروع أعمل على إكماله
  • • تقسيم تكلفة ترميم المتاحف السبب وراء التأخير الطويل
  • • ميزانية المجلس هي أضعف ميزانية بين قطاعات الوزارة
"الثقافة" تلك اليد الناعمة التي أهملها الوطن، حتى طالها صدأ الزمان، فصارت في آخر الأجندات، مذيلة عن أخواتها من الأولويات التي تعتني الدولة بتفعيلها، ولم يكن باليسير على دولة بأهمية مصر أن تصير ثقافتها هي آخر هامش يمكن النظر إليه، وقد آلم هذا العديد من المثقفين في مصر والوطن العربي، ذلك لأن هذا الوطن هو بوصلة العرب ورائده.

وتحاول الدولة جاهدة خلال الآونة الأخيرة أن تصنع منظومة ثقافية جديدة، ترقى بالمستوى الثقافي والأخلاقي في المجتمع المصري، ترعى هذه المنظومة وزارة الثقافة، التي تعاني دائما من مشاكل عديدة، من نقص ميزانية وتكالب على المناصب، فخيوط الوزارة والثقافة صارت معقدة، وتبدو الثقافة للشباب وكأنها شخص عجوز ألم المرض بأعضائه فصار خربًا لانفع منه ولا ضرر.
وماكان أحد جديرا بفتح الأبواب المغلقة بالوزارة وإطلاعنا على كواليسها، أكثر من الدكتور محمد عفيفي، الأمين العام للمجلس الأعلى للوزارة، والرجل الثاني بالوزارة تبعًا لمنصبه.
وفي حوار جمع "فيتو" بالأمين، دار الحوار على النحو التالي:

في رأيك.. لماذا توضع "الثقافة" دائما في مؤخرة أجندة الدولة في علاج المشكلات المجتمعية؟
إنها مشكلة تاريخية كبيرة منذ أمد طويل، حيث يسود بيننا اعتقاد أن المشكلات الاجتماعية دائما تتعلق بالاقتصاد والأمن القومي، حتى أصبح ذلك الاعتقاد يمثل استراتيجية دولة ومعتقد للحكم لفترات طويلة من الزمن، فعلي الرغم من أن الشعب يعاني من مشكلات اقتصادية وأمنية بالفعل، إلا أن الحل يتمثل في تعليم متميز، وثقافة جديرة ببناء عقل يستطيع حل باقي المشكلات، لذا فإن المعادلة غير محسوبة بالشكل الصحيح.
وبعد أي ثورة يكتشف الشعب أن المشكلة التي كانت تعاني منها الدولة لم تكن تتمثل في الأمن والاقتصاد، وإنما تتمثل في ثقافة الشعب والمجتمع نفسه، فالاقتصاد يعني إستراتيجية سياحية متكاملة، وهذا يعني تقديم معاملة جيدة للسائح، وأن يعرف المرشد السياحي كيفية إعطاء معلومة صحيحة، والمنظومة الأمنية يتخيل البعض أنه يمكن تحقيقها من خلال انتشار الجنود وما إلى ذلك، إلا أن الدول الأوربية على سبيل المثال تحقق أقل نسبة لانتشار الجنود، وذلك لأنها نجحت في زرع الثقافة الأمنية داخل المواطنين، لذا فإن المشكلة ثقافية تعليمية في المقام الأول.

ماهي أزهى الحقبات الثقافية التي عاشتها مصر، وأدناها؟
أزهى الفترات الثقافية كانت بعد ثورة 1919، لأن المجتمع أدرك أهمية الثقافة والتعليم في التقدم، لذا أنشئ في هذا الوقت مشروعات ثقافية كبرى مثل ستوديو مصر والمسارح ودور العرض، وبدأ انحسار دور الثقافة وتراجعها بعد هزيمة 1967، وانسحب دور الدولة من الثقافة، لذا تعد هذه الحقبة هي أسوأ فترات الثقافة وبدأ الانحدار منها إلى ماتوصلنا إليه في عصرنا الحالي.

إذا كانت الثورة هي السبب في ازدهار الثقافة آنذاك، إذا لماذا لا نعيش الآن ازدهارا ثقافيا رغم امتلاكنا لثورتين متتاليتين؟
المشكلة تتمثل في أن ثورة 1919 نجحت، أما ثورة يناير فقد تم إعاقتها بعد وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم، وذلك لاختلاف النهج الذي سلكته كلا الثورتين، فثورة 1919 أعقبها دستور نظم سير الأعمال في الدولة ونسقها، ومن ثم الوصول إلى الحكم، وتحويل الجامعة من أهلية إلى حكومية عام 1925، لذا حظيت هذه الثورة بزخم ثقافي ضخم، وحسن إدارة ثقافية.
أما ثورة يناير فكانت أولي خطواتها النداء بالانتخابات أولا، وكأن كل مشاكل الدولة تتعلق بتزوير الانتخابات، على الرغم من أن مشاكلنا أكبر من ذلك وأعمق، فلم تغير الثورة النمط الثقافي ولا التعليمي.

يتخوف البعض من دخول الدولة وسياساتها في الثقافة، وتحكمها في حركة النشر، فهل تؤيد ذلك التخوف أم تخالفه؟
أؤيد فكرة دعم الدولة للثقافة، وليس السيطرة عليها، وأن تفهم الدولة وكبار المستثمرين ورجال الأعمال أن الاستثمار في الثقافة والتعليم، ماهو إلا استثمار لهم فيما بعد، لأنه من شأن الثقافة والتعليم أن تخرج كوادر مهنية عالية تستطيع بناء مستقبل ومساعدة رجال الأعمال على تطوير أعمالهم.
أما التحكم في حركة النشر فهو طبقًا للمرحلة التي تمر بها الدولة، ومرحلتنا الحالية تسمي في التاريخ"مرحلة انتقالية"، وهي مرحلة شائكة جدا، لا تستطيع الدولة إفلات الزمام فيها لكل شيء، حتى تستعيد عافيتها وتعود المؤسسات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني إلى الدور المنوط بها.

وهل تستطيع الدولة السيطرة على المؤسسات الثقافية في الوقت الحالي، في ظل التطورات التكنولوجية؟
بالطبع لا تستطيع، لأن التكنولوجيا أعطت للعالم وجوهًا مختلفة عن السابق، فقبل أن تنتشر كل هذه التطورات كان الأمر يسيرا على الدولة أن تطبق يدها على مؤسسة ما وتمنع الطباعة فيها وتمنع كتبها، أما الآن فهذا الأمر مستحيل، حتى لو حاولت أو أرادت هذا.

ماذا عن فكرة "الرقيب" على الأعمال الإبداعية والثقافية، هل تؤيدها؟
من الصعب تحقيق فكرة "الرقيب" لأن مصر دولة مؤسسات يحكمها القانون والدستور، والدستور المصري ينص على حرية الإبداع، بدليل الحكم الذي صدر في قضية فيلم "حلاوة روح" وقد كفل الحكم آنذاك حرية الإبداع.

ماهي المشكلات التي تعاني منها المؤسسات الثقافية حاليا؟
تعاني كل المؤسسات من حالة إرهاق وإعياء كامل، فهي تحاول استعادة حالتها التى كانت عليها لتنطلق من بعدها، وهذا ليس بالأمر الهين واليسير، إنما يتطلب مجهودا كبيرا، وكانت أولى الخطوات لاستعادة نشاط المؤسسات هي إحياء الفعاليات التي توقفت، منها ملتقى الرواية العربية الذي توقف عام 2010، وتم إحياؤه هذا العام.

طرحت في الآونة الأخيرة أفلام سينمائية وصفها البعض بأنها دون المستوى، فهل تقع مسئولية تدنيها على عاتق لجان الرقابة والتصنيف؟
وظيفة لجان الرقابة والتصنيف ماهي إلا تحديد ما إذا كان العمل يتفق أو يخالف الآداب العامة، وهل يضر الأمن القومي أم لا، ومشكلة الأفلام السينمائية الحالية لها بعدان مختلفان، يتعلق الأول بأن السينما هي صناعة، وهذه الصناعة تمتلك الأفلام الجيدة والأفلام الغثة، ومانشاهده من أفلام الزمن الجميل ماهي إلا 5% من الأفلام التي بقيت من ذلك الزمن، فهناك أفلام من هذا الزمن لو أنها عرضت الآن لاتهمونا بالكفر، مثل فيلم "المذنبون".
ماأريد أن أقوله هو أن الأفلام الجيدة هي التي تبقى، والأفلام السيئة يمحوها الزمان بطبيعة الحال، لأن السينما هي سوق تجاري، لذا إن تم إنتاج أفلام سينمائية ذات مستوى جيد تستطيع منافسة الأفلام الضئيلة فلن يلتفت الجمهور إلى الأعمال الضئيلة وسيتوجه للجيدة، أما منع أفلام السبكي وأمثاله فلن يفيد في شيء، لأن كل ممنوع مرغوب.

إذن ما الحلول التي تطرحها وزارة الثقافة لحل أزمة السينما؟
بالطبع.. منع الأفلام ليس هو الحل الأمثل، وإنما دعم الأفلام والأعمال الجيدة هو الحل ذو المردود الأقوى والأسرع، إضافة إلى محاولة تغيير الذوق العام حتى يستطيع الجمهور  تذوق الأفلام الجيدة من الرديئة وكيفية التعرف على أهمية العمل بالنسبة له، وعلى السينمائيين اختيار نوعية الأفلام التي يصنعونها ومراعاة الذوق العام، فالبعد عن الأفلام الوطنية الموجهة مهم، لأن الجمهور ذكي ويعي الرسالة التي يريد الفيلم إيصالها إليه، فالسينما المصرية كانت مصدرا للدخل فيما مضى، وليس شرطًا أن يربح الفيلم الجيد ويحقق أعلى إيرادات، بدليل فيلم "صلاح الدين الأيوبي" الذي كادت منتجته آسيا أن تعلن إفلاسها بعد إنتاجه، إلا أن الفيلم أصبح الآن من أهم 100 فيلم سينمائي، ومن أهم الكلاسيكيات السينمائية على مر العصور.

مارأيك في التصنيف العمري الذى سنته الوزارة مؤخرًا ؟
هناك من عارضوا فكرة التصنيف العمري على الأفلام، وهناك من أيدوها، ولكني أرى أنها جيدة جدا، لأن هناك أفلاما لايمكن للأطفال رؤيتها، وأخرى لاتصلح لمن هم من الـ16 أو 18 وهكذا، وهي خطوة تدل على رؤية الوزارة أن المنع لا يمكن تحقيقه في ظل الدستور والقانون الذي ينص على حرية الإبداع.

كيف يمكن للوزارة التعامل مع الأفلام الأجنبية ذات الأخطاء التاريخية التي انتشرت في الآونة الأخيرة؟
االتعامل معها يكون من خلال بث مقطع فيديو مدته لاتتجاوز الخمس دقائق، ويحمل هذا الفيديو رسالة للجمهور بأن "هذا الفيلم يحمل أخطاء تاريخية كثيرة في الحقبة التي يتناولها، ولكننا نقدمه للجمهور حتى يدرك تلك الأخطاء ويتفاداها إيمانا منا بحرية الإبداع"، بذلك نستطيع وضع الشركة المنتجة للفيلم في موقف محرج، أما لو منعنا عرض الفيلم من الأساس، فسيكون هذا المنع وسيلة للترويج له في قنوات أخرى غير شرعية، حتى أجعل من المواطن رقيبا على مايتناوله لنفسه، وذلك يسمى "صناعة الثقافة الثقيلة للرأي العام".

ماهي المدة التي يمكن استغراقها لتكوين هذه الثقافة الثقيلة للرأي العام؟
يمكن تكوين رأي عام ضخم وثقيل خلال 5 سنوات فقط، ولكن إذا تعاونت الصحف والقنوات الفضائية في الترويج للفعاليات الثقافية.

إذن إلى أين وصل عمل لجنة التاريخ التي اجتمعت عقب إنتاج مسلسل "سرايا عابدين" والذي حمل أخطاء تاريخية كثيرة؟
اجتمعت اللجنة وصنفت الأخطاء التاريخية التي ذكرها العمل، وقامت بإرسال تقريرها للشركة المنتجة، ولكن المسلسل كان قد تم تصويره وعرضه بالفعل.

وهل يمكن للمجلس أو الوزارة مقاضاة الشركة المنتجة على تلك الأخطاء؟
لايمكن مقاضاتها، فكما قلت الدستور ينص على حرية الإبداع، وعملنا يقتضي التنبيه والتوعية عن الأخطاء المذكورة، حتى يستطيع المواطن العادي معرفة ماإذا كان العمل صحيحًا أم لا.

ولكن المواطن العادي يستقي معلوماته حاليًا من التلفاز والأعمال الدرامية والسينمائية، وليس القراءة؟
كلامك صحيح، لذا يجب على الإعلام والتلفاز دعم الوزارة والمجلس في نشر التوعية، ذلك لأن سبل انتشار الإعلام أسرع وأكثر تأثيرًا من سبل الوزارة، فمهما حاولت الوزارة والمجلس عقد المؤتمرات والندوات لن يكون مثل تأثير شاشات التلفزة، التي تكدس مجهوداتها في بث برامج التوك شو "العبيطة" طوال الوقت، ويمكننا إلزام أصحاب الأعمال بكتابة أن العمل لايمت إلى التاريخ بصلة وأنه عمل درامي بحت.

كيف يمكن للجنة التاريخ في المجلس إلزام الجهة المنتجة بهذا الشيء؟
ليس المجلس من يستطيع إلزامهم، وإنما نحن من نطالب بهذا الإلزام ونرسله إلى الهيئة العامة للاستثمار التي تتبع لها القنوات الفضائية، وهذا الأسلوب متبع عالميًا ، لأنه يعالج الأفلام والأخطاء على المدى الطويل من خلال تكوين الرأي العام.

بصفتك الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة ما السبب وراء غياب دور المجلس عن المحافظات والأقاليم؟
هناك توزيع للأدوار بين قطاعات وزارة الثقافة، ودور المجلس يتمثل في أنه مخ وعقل الوزارة الذي يرسم المخططات والسياسات الثقافية ويلزم الهيئات والقطاعات بتنفيذها، لذا يكون بعض أعضاء المجلس هم رؤساء الهيئات والقطاعات إضافة إلى الشخصيات العامة التي تمثل أغلبية الأعضاء، ذلك لأن المجلس هو برلمان المثقفين القادر على محاسبة الوزير والوزارة والأمين العام، ولجان المجلس هي من تقترح تلك السياسات الثقافية والتعليمية، لذا دور المجلس يتمثل في التخطيط والمراقبة والمحاسبة.
أما دور العمل في المحافظات فهو دور الهيئة العامة لقصور الثقافة التي تنتشر على طول المحافظات المصرية، ويمكن للمجلس مساعدة الهيئة في رسم إسترتيجية عمل الهيئة، وأن تساعد لجان المجلس في العمل الميداني بالمحافظات.

ذكرت أن المجلس هو برلمان المثقفين، فهل يمكن للمجلس الاعتراض على قرارات الوزير؟
بالتأكيد من حقه.

إذا لماذا لايحدث ذلك؟
بالعكس، يحدث ولكنه يذاع على الملأ، فأعضاء اللجان دائما مايعترضون على بعض القرارات وينتتقد ونها بطريقة حادة جدا، على سبيل المثال، إصرار أعضاء اللجان على مشاركة وزارة التربية والتعليم في وضع المناهج وتصحيح خططها ومساراتها، وهو ماعرضته اللجان على وزير الثقافة السابق الذي تواصل مع وزير التعليم، وأتى به إلى المجلس لعرض سياساته، والتي قابلتها اللجان بنقد حاد وتوجيهات صارمة، واضطر وزير التعليم آنذاك لإرسال نسخ من المناهج التعليمية إلى اللجان، وقد اجتمعت اللجان في حلقة نقاشية استطاعوا خلالها نقد المناهج واستخراج أخطاء فادحة.
ولجنة الإدارة منذ 4 أشهر طلبت من الدكتور أشرف العربي عرض قانون الخدمة المدنية، وتكرم العربي بأخذ الملاحظات وتعديلها.

ماهي الأخطاء التي خرجت بها اللجان من خلال مراجعته للمناهج التعليمية؟
كانت هناك ملاحظات حول مفهوم المواطنة والمواد الاجتماعية، إضافة إلى نقص القيم الجمالية والبلاغية في المناهج، والتي من شأنها زرع الرقي داخل المواطن المصري، إلى جانب نقد المقررات التاريخية الإسلامية من تعريف للفن والعمارة الإسلامية، لإثبات أن الإسلام محب للجمال والفن.

ماهي الميزانية التي تتكلفها ندوات المجلس الأعلى؟
هناك ثلاثة أنواع للندوات داخل المجلس، الأولى ندوات اللجان، ندوات محلية، ندوات دولية، ويختلف كل نوع في ميزانيته، فندوة اللجان لاتزيد على 2000 جنيه، ومكافأة المتحدث فيها لاتزيد علي 200 جنيه، أما الندوات المحلية فتتكلف بضعة آلاف ضئيلة، أما الندوات الدولية فهي التي تتكلف ميزانية كبيرة، بسبب استضافة كتاب وأدباء ومثقفين من دول أخرى، وتكاليف تذاكر الطائرات والاستضافة والتنقلات الداخلية.

هل تتسبب التكلفة الضئيلة للندوات المحلية في قلة روادها وجمهورها؟
بالطبع لا، لاعلاقة لقلة الجمهور بالميزانية، ومشكلة جمهور الندوات هي مشكلة عالمية، ليست مصر وحدها التي تعاني منها، وذلك بسبب التطورات التكنولوجية التي اجتاحت العالم، فصار أيسر وأسهل على المواطن أن يتابع ويعرف مايريد من موقعه، وليس ملزما بالنزول إلى الشارع وحضور الندوات لاستقاء معلوماته، إضافة إلى عدم الترويج الكافي من قبل الصحافة والإعلام حول الندوات والموضوعات الثقافية، ولكن مشكلة جمهور الندوات في مصر أكبر وأعمق من أي دولة أخرى، وذلك لعدة أسباب، أهمها مشكلة المرور، فالمواطن ليس مضطرا أن يضيع نصف يومه في المواصلات للاستماع إلى ندوة ما، الأفضل عنده أن يحضرها على الإنترنت، لذا اتجه المحاضرون والمثقفون في أوربا والدول المتقدمة إلى تقديم ندواتهم  على شاشات التليفزيون وتحظي بنسب مشاهدة عالية جدًا.

كان الدكتور جابر عصفور قد أقر مشروع عدم ازدواجية النشر، فإلي أين وصل هذا المشروع؟
كان هدف اللجنة العليا للنشر أن تمنع ازدواجية النشر، ونشر الأعمال المنشورة من قبل، حتى تكون جهة النشر الأولى هي الهيئة العامة للكتاب، وأن تكون جهة النشر الأولى للوثائق هي دار الكتب والوثائق القومية، وأن تكون جهة النشر الأولى للتراجم هي المركز القومي للترجمة، حتى يتم تقنين النشر في قطاعات الوزارة المختلفة.
وحين رأست أمانة المجلس كان هناك 1200 كتاب على قوائم الانتظار لم يتم نشرها، والمجلس يمتلك ميزانية نشر محدودة هي 700 ألف جنيه في السنة.

هل مضاعفة قيمة جائزة الإبداع في ملتقى الرواية العربية، أثر على ميزانية المجلس؟
لا لم يتأثر المجلس على الإطلاق، لأن ميزانية الجائزة مأخوذة من صندوق التنمية الثقافية، والمجلس هو هيئة خدمية لذلك ميزانيته ليست بالكبيرة على الرغم من أنه واجهة الوزارة، لذا فهو يحتاج دائما لدعم صندوق التنمية الثقافية، لذلك فإن ميزانية المجلس تكون من وزارة المالية، أما المؤتمرات الدولية والفعاليات التي تقام في المجلس بالتنسيق مع الوزارة فتكون ميزانيتها من الصندوق.

هل تسبب فوز بهاء طاهر بجائزة الرواية في مشكلة للكاتب جمال الغيطاني، وماهي شهادتك بخصوص هذا الأمر؟
بهاء طاهر وجمال الغيطاني كاتبان وروائيان كبيران، والاثنان أعضاء بالمجلس الأعلى للثقافة، وأنا لا أتدخل على الإطلاق في أي جائزة، ولم أحضر أي اجتماع للجنة الجائزة، وإنما تم إبلاغي في النهاية باسم الفائز فقط، لأني أؤمن أن التدخل في مثل هذه الأمور لايولد إلا المشاكل والخلافات، وقامة كلا الكاتبين تؤهلهما إلى الفوز بالجائزة ولا خلاف على ذلك.

ولكن تداول البعض بعد منح الجائزة لبهاء طاهر أن المجلس يعد الغيطاني بالفوز بجائزة الدولة لامتصاص غضبه؟
ليس صحيحًا على الإطلاق، فأنا لم أر الغيطاني ولم أهاتفه طيلة هذه الفترة، والغيطاني أكبر من هذه التفاهات والخلافات التي لاطائل من ورائها، وأنا كذلك أكبر من أخوض في مثل هذه الأمور، ولم يحدث هذا الأمر، ولم نعد هذا الوعد أبدا، فالجوائز لايمكن منحها بهذه الطريقة، وأنا لا ولن أتدخل في الجوائز حتى لا أفقد احترامي لنفسي، وأنا لم ألتق بلجنة جائزة الرواية على الإطلاق، وتم إبلاغي بقرارهم عن طريق الهاتف.

هناك مشكلة كبيرة بالوزارة وهي عدد العاملين الكبير، فما هو السبيل لحلها إذا كنت أنت المنوط بحل تلك المشكلة؟
لا أخفي أنها بالفعل مشكلة كبيرة تؤرق وزارة الثقافة، وتتسبب في إضعاف الميزانية مما يؤدي إلى تدني المرتبات، وهذه المشكلة لاتتعلق بالوزارة فقط وإنما تشمل جميع قطاعاتها بما فيها المجلس الأعلى، لذا اتجهت الوزارة إلى حل المشكلة عن طريق كم وكيف العمل لدى الموظفين، فمن يعمل أكثر يتقاضى مكافأة على جهده وتفانيه، ومن الممكن أن يعمل قانون الخدمة المدنية الجديد على حل هذه الأزمة، حيث يسمح القانون بتقليل العمالة الزائدة من خلال الخروج المبكر للمعاش، والتوازي بين الراتب والمكافآت.
ولكن نعاني أيضا من مشكلة أخرى وهي أن الموظفين لا يقبلون ذلك، فبعد الثورة فهم العاملون مفهوم المساواة بشكل خاطئ، بحيث يتساوى الجميع في الأجر، من يعمل يتقاضي مثل من لايعمل، وهو أسلوب خاطئ بالطبع ومفهوم غير صحيح على الإطلاق.

هل تهتم الوزارة بتطوير الكوادر التي تعمل فيها بطريقة مهنية؟
بالتأكيد قمنا بعمل دورات تدريبية كثيرة للكوادر العاملة في الوزارة وجميع قطاعاتها، خاصة الشباب، فقمنا بتدريبهم على الإدارة الثقافية، وورش في التحرير الصحفي والعدالة الثقافية ورسم السياسات الثقافية، وإعادة تأهيل الكوادر الشابة، وكان هناك مشروع لعمل معهد إدارة ثقافية لإخراج كوادر أكثر مهنية لرفع مستوى العاملين، إضافة إلى جذب أوائل الخريجين للعمل لضخ دماء جديدة إلى الوزارة.

كان الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة قد أعلن أن هناك فائض ميزانية بالوزارة يبلغ 220 مليون جنيه، فلو أنك تملك هذا المبلغ كيف ستنفقه؟
أريد أن أوضح أولا مقولة الوزير وما كان يقصده من خلالها، فميزانية الدولة تقسم إلى عدة أبواب، وهذا الفائض في الميزانية يخص الباب السادس الذي يعتني بالإنشاءات، وكان يخشى الوزير أن نقترب من 1 يوليو القادم بدون استثمارها في هذا الباب، ذلك لأن الإنشاءات تستغرق وقتا طويلا من الأمور الإدارية فلابد أن تمر بالمناقصات والمزايدات حتى يتم الموافقة عليها، وهي جميعا إجراءات حكومية، ولا يمكن إنفاق هذه الميزانية في أي أبواب أخرى، لذا يكمن الخوف في اقتراب شهر يوليو بدون الإسراع في هذه الإجراءات، حتى يتم إنشاء المشاريع المقررة، وألايعود الفائض إلى ميزانية الدولة.
أما عني وكيف يمكنني استغلال هذا الفائض، فهناك "مصيف" خاص للعاملين بوزارة الثقافة في مرسي مطروح، وهناك مشاكل هندسية وإنشائية كبيرة فيه، مما سيحول دون العامل و"المصيف"، على الرغم من أنه حق من حقوقه، لذا أحاول جاهدًا خلال هذه الفترة أن أسرع من عملية ترسية المناقصات لصالح "المصيف".

ما سبب اختيارك لهذا المشروع على الرغم من وجود عدد كبير من المتاحف المتوقفة؟
لأن العامل في وزارة الثقافة لايمكنه تقديم خدمة ثقافية جيدة للجمهور دون أن تراعيه الوزارة وتعمل على راحته، أما مشكلة ترميم المتاحف وتأخرها فتستغرق الكثير من الوقت، ذلك لأن ترميم متحف واحد يتطلب على سبيل المثال 50 مليون جنيه، فتلجأ الدولة إلى تقسيم المبلغ على عدد من السنوات، وهو ما يحول دون ترميم المتحف بصورة سريعة، بسبب الكساد والضعف الاقتصادي الذي تعيشه الدولة المصرية، على الرغم من أن تقسيم المبلغ يكلف الدولة أموالا أكثر عن طريق شركات المقاولات التي تزيد فوائدها كلما طال الأمد.

ماهي النقاط التي يسعي محمد عفيفي إلى تحقيقها خلال فترة أمانته للمجلس؟
أسعي دائما إلى إعادة فعالية دور المجلس كما كان في السابق، إضافة إلى تفعيل مجلة أخبار الأدب، ذلك لأني ابن هذا المجلس، فكنت عضوا في لجانه، وشاركت في العديد من ندواته السابقة، وكل أمنائه السابقون هم أصدقائي، ونلت جائزة الدولة التشجيعية، وعديد من الجوائز الأخرى التي يشهد الجميع على أنها بمجهودي.

هل صحيح أن المجلس الأعلى للثقافة هو الطفل المدلل للوزارة؟
بالعكس، لانمتلك في المجلس أي ميزات إضافية، فميزانية المجلس هي أضعف ميزانية بين قطاعات وزارة الثقافة.
الجريدة الرسمية