رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف زيدان والتصوف.. الكاتب: الله لا يتجلى لعبدين بصفة واحدة.. الصوفية ترقى بالعبد من أوهام الحياة الدنيوية إلى حقائق العيش الأبدي.. تمتزج بالفلكلور الشعبي.. ويؤكد: «القادرية» الأوسع انتشارً

يوسف زيدان
يوسف زيدان

"الطرائق إلى الله على عدد أنفاس الخلائق.. الله الذي هو كل يوم في شأن، لا يتجلى على عبدين بصفة واحدة".. هكذا افترش الكاتب الكبير يوسف زيدان، البساط لنفسه ليبدأ في كتابه "التصوف" الذي يحمل في طياته تعريفا بالتصوف والصوفية، الذي يشير إلى أن للكتاب غايةً تبدو من ظاهرها بسيطة، غير أنها في حقيقة الأمر صعبة المنال.


وكان لعمل زيدان كرئيس للمخطوطات بمكتبة الإسكندرية، أثرٌ كبير في تزويده بتراث الصوفية العظيمة.

ويشير زيدان في مقدمة كتابه، إلى أن للصوفية تراثا هائلا، منه ما هو مطبوع متداول، وهو الأقل، والأكثر لا يزال مخطوطًا يصعب الوصول إليه خلف خزانات الكتب العتيقة، وهو في مجمله تراث يتنوع بين النثر والشعر والعبارات الرمزية ذات الطابع الشعري، منه ما كتب للمريدين والمبتدئين في سلوك الطريق، ومنه ما كتبه كبار الصوفية.

طبيعة التصوف
يستعرض الكاتب في فصله الأول طبيعة الصوفية، بدءًا من أصل التسمية، التي أفرد لها المؤرخون والدارسون فصولًا عديدة للبحث، ويأتي التعريف كالتالي: "القول بكون التصوف مشتقًا من الصوف الذي كان رداء الأنبياء والزهاد، الذي يدل على التقشف"، ومنهم من يرجع التسمية إلى "الصفا" مما فيها من صفاء للنفس، ومنهم من أرجعها إلى الكلمة اليونانية "سوفيا" التي تعني الحكمة، باعتبار المتصوفة هم الحكماء الإلهيون، الذين جمعوا بين العلم الظاهر والمعرفة الباطنية.

ويعرف الكاتب الصوفية على أنها روح إسلامية تتخلل سريرة العبد، فتحمل حركاته وسكناته على جناحي المحبة والإخلاص لله، وتظل ترقى به من أوهام الحياة الدنيوية إلى حقائق العيش الأبدي، ولا يمكن فهم التصوف خارج إطار التجرية الدينية العميقة، وقد عرف القشيري – أحد المتصوفة - التصوف في رسالته القشيرية على أنه: "الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق"، ولكن يوضح الكاتب أن كل هذه التعريفات تبدو أولية؛ لاقتصارها على الدلالات الابتدائية للتصوف.

الطرق الصوفية
أما الفصل الثاني يستعرض فيه الكاتب عددًا من الطرق الصوفية المنتشرة في البلاد الإسلامية، مشيرًا إلى أن التصوف في البلاد العربية يلتقي مع التراث الشعبي (الفلكلور)، بل يمتزجان حتى يصعب فصل أحدهما عن الآخر.

الملامتية
وأولى طرق الصوفية التي يوردها الكاتب هي "الملامتية"، وهو اسم لجماعة من الأوائل، جعلوا أكبر همهم "لوم النفس"، فوفقا للنظرية الصوفية فإن النفس الإنسانية هي مصدر الغواية والتعلق الدنيوي، ومادام الإنسان مستسلمًا لأهواء نفسه فإنها تغلبه وتورده موارد الهلاك، وتأتي الطريقة القلندرية على طريق الملامتية ذاته.

القادرية
وتعتبر الطريقة القادرية واحدة من أوسع الطرق الصوفية انتشارا في العالم الإسلامي، ويقال إنها الأوسع انتشارا على الإطلاق، ويندر أن تجد بلدا إسلاميا ليس فيه جماعة واحدة على الأقل من القادرية.

وبدأت الطريقة في حياة مؤسسها الإمام عبد القادر الجيلاني، وأنشئت باسمه الأول، وإن كان البعض يدعوها بالجيلانية، نسبة إلى لقبه، ولكن التسمية الأولى هي الأشهر.

الدسوقية
وكانت الطريقة الرفاعية هي النبع الأصلي الذي تدفقت منه عدة طرق صوفية، بالإضافة إلى "فروع الرفاعية" المباشرة؛ حيث ارتبطت الطرق في نشأتها بالجماعة الرفاعية الأصلية، وصارت لهذه الطرق بعد ذلك فروعها المنبثقة عنها، ومن تلك الفروع: "الأحمدية" التي أسسها السيد أحمد البدوي الذي أرسله الرفاعيون ليخلف شيخ الجماعة الرفاعية بمصر.

الشاذلية
يذكر الكاتب أن الشاذلية هي أشهر الطرق الصوفية بمصر والمغرب؛ حيث تصل فروعها اليوم في مصر وحدها إلى قرابة التسعين فرعًا، لكل فرع منها شيخ فرعي، وتنتسب الطريقة إلى مؤسسها الشيخ أبي الحسن الشاذلي، وكان الشيخ أبو العباس المرسي هو خليفة الشيخ الشاذلي.

كما يورد الكاتب ذكر العديد من الطرق ومنها العزمية، التي كان مؤسسها الشيخ محمد ماضي أبو العزائم، والبرهانية المنسوبة إلى الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني.
الجريدة الرسمية