رئيس التحرير
عصام كامل

محطة مترو «هزمت الحكومة».. «السادات» مغلقة منذ فض «رابعة» لدواعٍ أمنية.. تعاقب عليها رئيسان و3 تعديلات وزارية.. و«الشهداء» تدفع ضريبة إغلاق المحطة.. ومطالب بإعا


رئيسان و3 تعديلات وزارية وذكرى أولى لثورة 30 يونيو وأخرى على الأبواب، ولا تزال أزمة إعادة تشغيل محطة مترو السادات عصية على الحل، معبرة عن عجز حكومي في إعادة الحياة لواحدة من أهم محطات المترو وأقدمها في مصر.


ورغم صدور حكم قضائي بإلزام الحكومة بإعادة تشغيل المحطة، إلا أن الجهات الأمنية ترفض فتحها أمام الركاب لدواعٍ أمنية، رغم تراجع زخم تظاهرات الجماعة الإرهابية، ومع مضي عام على جلوس الرئيس عبد الفتاح السيسي على سدة الحكم، يأمل البعض في صدور قرار أو تعليمات رئاسية بإعادة تشغيل «السادات» من جديد لتخفيف الزحام ورفع العبء عن الركاب.

زحام وحالات اختناق وتدافع وباعة جائلون، يزيدون فوق العبء عبئا، في الخلفية صراخ إحدى السيدات تستغيث بشرطي إثر تعرضها لحادث تحرش، متزامنا وصوت بائع عشوائي قصد إحدى عرباتها بحثا عن «أكل العيش» يختبئ خلسة بين ركابها؛ خوفا من غرامة قد تقضي على حصاد يومه.

هذا هو حال محطة مترو الشهداء «مبارك سابقا»، بعد أن قدر لها أن تدفع فاتورة الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، فعملت بالوكالة كبديل لنظيرتها «السادات»، تلك المحطة القابعة في هدوء تام، يراها البعض مستضعفة وصامتة مكبلة اليدين، حبيسة داخل قرارات حكومات تجد في غلقها حصن أمان لبقاء مناصبها وراء ستار «دواع أمنية»، فيما يراها البعض الآخر، رمزا للصمود والتحدي «محطة أهابها رئيسان وحكومتان» وقبلهم كانت وسيلة الثائرين ضد الظلم والاستبداد.

محطة مترو السادات، تلك المحطة الحيوية الرابطة بين محافظتي القاهرة والجيزة أسفل ميدان التحرير، كان يقصدها ما يقرب من نصف مليون مواطن يوميا لا تزال مغلقة منذ 16 أغسطس 2013، عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، الأمر الذي أدى بدوره إلى تفاقم ظاهرة التحرش داخل عربات ذلك المرفق الحيوي؛ نتيجة لتزاحم رواده عند عربات محطة مترو رمسيس «الشهداء»، بعدما باتت المحطة الوحيدة المتبقية للتبديل إلى مختلف اتجاهات الخط الأول والثاني.

تبدأ رحلة العذاب مع إعلان صافرات الإنذار والإشارات الحمراء؛ إيذانا بوصول المترو، ثوانٍ معدودات، لكنها تمر كسنوات طويلة، إحساس ينتاب ضحايا الزحام، ليبدأ مسلسل الرعب عند تدافع كتلتين من البشر أمام الباب الزجاجي، تمهيدا للنزول أو الصعود، حينها تمتد أياد شيطانية مستهدفة أجساد النساء، ليصبح هذا المرفق الذي كان لمصر الأسبقية في إنشائه عن شقيقاتها العربيات، مرتعا للمتحرشين وممارساتهم الشاذة.

كساد وركود خيم على ميدان التحرير الذي يتوسط العاصمة المصرية القاهرة، حاضرة أفريقيا ودرة الشرق، فباتت محاله ومتاجره خاوية على عروشها في انتظار مشتر يحنو عليها بعشرات الجنيهات، وسيلة أصبحت عقوبة تسبب في جزاءات مادية للعاملين الذين اعتادوا ركوبه؛ نظرا لتأخرهم عن مواعيد العمل الرسمية، كل هذا يجعل في إعادة فتح المترو ضرورة حتمية ومطلبا رئيسيا للجماهير.

مبررات الحكومة لإغلاق المحطة هي الحفاظ على الأمن العام، والحيلولة دون تحويل ميدان التحرير إلى رابعة جديدة، على الرغم من مرور ما يقرب من عامين على الفض، وهدوء الأوضاع بمحيط الميدان، ورغم شكاوى ملايين المصريين ممن يستخدمون هذا المرفق الحيوي من خطورة وجود محطة واحدة للتبديل، وإلغاء محطة السادات، فإن الشركة لم تنظر لهذا الأمر بعين الاعتبار، مستسلمة للتحذيرات الأمنية دون اتخاذ تدابير أو مسارات بديلة للتخفيف عن كاهل المواطنين، الأمر الذي دفع عددًا من المحامين المعنيين بالشأن العام إلى رفع دعوى قضائية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والفريق صدقي صبحي وزير الدفاع، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق.

وبالفعل استجابت هيئة المفوضين برئاسة المستشار محمد الدمرداش، نائب رئيس مجلس الدولة، للدعوى المرفوعة، وقررت إصدار حكم من محكمة القضاء الإداري أول درجة، بإلزام الحكومة بفتح وتشغيل محطة مترو السادات، كما أوصت المفوضين بإلزام الحكومة باتخاذ التدابير والإجراءات الكفيلة بتأمين المحطة وميدان التحرير المؤدي إليها.

فيما ذكرت في تقريرها، أن الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، تكبدت خسائر فادحة جراء غلق محطة السادات فقط، ما يعادل 216 مليون جنيه على مدى 18 شهرًا، ﻻفتًا إلى أن الحكومة ﻻ يحق لها تبرير غلق السادات، بعدم قدرة الأجهزة الأمنية على تأمين الميدان والمحطة بشكل كامل.

ليظل استمرار إغلاق محطة مترو أنور السادات علامة استفهام كبيرة، وعلى رأس المتطلبات الشعبية التي تقف أمامها الإدارة السياسية مكتوفة اليدين.
الجريدة الرسمية