رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس بنكهة الثورة


قبل أن تقرأ
قبل ما يقرب من الـ 4 سنوات كانت مصر من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، تتناقل شائعات يتم ترديدها عبر عدة منابر إعلامية تؤكد أن وزير الدفاع الجديد عبد الفتاح السيسي ــ الذي أتى به مرسي عقب الإطاحة بالمشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع، ورئيس أركانه سامى عنان ــ له أصول إخوانية ويتمتع بعلاقات قوية مع قيادات الجماعة، وقتها كشر إعلام الإخوان عن أنيابه وخرج يدافع عن السيسي وعن اختيار مرسي له، وبدلا من الحديث عن كفاءة الرجل العسكرية وتاريخه المشرف في القوات المسلحة، ودوره البارز في فترة رئاسته للمخابرات الحربية، راحت الجماعة وأذرعها الإعلامية ترد على منتقديها بقائمة من التصريحات الثورية للوزير الجديد، إلى الحد الذي علقت فيه جريدة الحرية والعدالة ــ الناطق باسم حزب الإخوان في ذلك الوقت ــ على اختيار السيسي بأنه «وزير دفاع بنكهة الثورة».


شهادة الإخوان في حق السيسي وتاريخه الثوري، صارت بينة وحجة لأنصاره ومحبيه يرفعونها في وجه أي إخواني يحاول تشويهه أو القدح في ذمته المالية أو العسكرية بعد انحيازه لمطالب الشعب وعزله للرئيس الإخواني.

الغريبة أن السيسي الذي كان في نظر الإخوان وزيرا بنكهة الثورة، يدافع عن المظلومين ويسعى إلى تغيير ثقافة الأمن الباطشة، تحول إلى «وحش كاسر» وقاتل بلا قلب، حين تجرأ وساهم في إنهاء حكم الجماعة، صب الإخوان غضبهم عليه، ولاحقوه بالشائعات فتارة أمه من أصول يهودية، وأخرى تؤكد أنه جاء لخدمة المشروع الصهيوني، وثالثة تشير إلى أنه متورط في مؤامرة كبرى لتقسيم الوطن العربي!

إعلام الجماعة حرص على تطمين مليشياته على أن السيسي مرضيٌّ عنه من الأمريكان والغرب، وأوضح أن المسئولين الأمريكيين والغربيين لم يلتفتوا إلى الشائعات التي تم تداولها بأن السيسي إسلامي التوجه، وله صلات سرية بجماعة الإخوان المسلمين، بل على النقيض من ذلك كما يقول المسئولون، فإن السيسي معروف جيدا للمؤسسة العسكرية الأمريكية، بعد قضائه سنة من التدريب المهني بالولايات المتحدة، وكان يعتبر رئيسا فعليا للمخابرات الحربية المصرية.

وإذا كان السيسي في نظر الجماعة وحلفائها، وزير دفاع بنكهة الثورة أيام مرسي، فلا حرج على أنصاره ومحبيه إذا وصفوه بأنه رئيس جمهورية بنكهة ثورية.

وفي السطور التالية، نرصد بعضًا مما كتبه الإخوان في صحيفة حزبهم «الحرية والعدالة» عن صفات وسمات السيسي:

الفريق عبد الفتاح السيسي رئيس المخابرات الحربية والاستطلاع، الذي حلف اليمين أمام الرئيس محمد مرسي كوزير للدفاع خلفًا لحسين طنطاوي، يعد أصغر أعضاء المجلس العسكري سنًا، كما أن له مواقف تختلف عن باقي أعضاء المجلس الذي ظل ممسكًا بزمام السلطة في البلاد منذ 11 فبراير 2011 وحتى الآن.

فكانت له تصريحاته التي هاجم فيها التعامل العنيف للأمن مع المتظاهرين بُعيد الثورة المصرية المجيدة، فقد صرح من قبل بأن هناك حاجة ماسة لتغيير ثقافة قوات الأمن في تعاملها مع المواطنين، وحماية المعتقلين من التعرض للإساءة أو التعذيب.

نشر في وقت سابق من هذا الشهر، أن هناك مصادر سيادية مطلعة قالت: إن الصراع بين الأجهزة العليا في الدولة وصل لمرحلة غير مسبوقة، قائلة إن كل جهاز صار متسلحًا بكتيبة من الإعلاميين والكتاب الذين يروجون لأهدافه، ويهاجمون خصومه حتى من الأجهزة الأخرى.

وقالت هذه المصادر: إن المخابرات العامة وأعضاءً بالمجلس العسكري السابق، استخدموا توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين، في إحباط مسعى لجماعة الإخوان المسلمين لتعيين السيسي رئيس المخابرات الحربية وزيرًا للدفاع.

وبحسب المصادر، كان هناك اتجاه لتعيين السيسي بدلًا من طنطاوي، غير أن المخابرات العامة وأعضاءً بالمجلس العسكري حرضوا عكاشة على شن هجوم حاد على السيسي؛ بغرض حرقه ونسف الفكرة في مهدها.

وأوضحت المصادر، أن عكاشة نفذ المطلوب منه جيدًا؛ حيث قدم مساء يوم إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة وفوز الدكتور محمد مرسي، حلقة على الفضائية التي يمتلكها هاجم فيها الفريق السيسي بشدة واتهمه بأنه «إخواني متنكر»، وأن زوجته ترتدي النقاب، وهو ما دفع الصفحة الرسمية للمجلس العسكري على فيس بوك، في اليوم التالي لنشر بيان رسمي للمجلس، نفت فيه تمامًا أي وجود للنقاب بين زوجات رجال القوات المسلحة، ويبدو أن الرئيس محمد مرسي نجح في القضاء على مخططات هذه الجهات، وأسفرت جهوده في الفترة الماضية عن تحقيق هدفه بإقالة حسين طنطاوي وتعيين الفريق عبد الفتاح السيسي خلفًا له؛ لإحداث عملية التغيير التي لطالما طالبه بها الشعب المصري منذ تولى منصبه في 30 يونيو الماضي.

السيسي هو أول من اعترف فعليًا بإجراء كشوف العذرية، في حواره مع أمين منظمة العفو الدولية؛ بحجة حماية الجيش من مزاعم الاغتصاب التي قد تلحق بالجنود بعد الإفراج عن المحتجزات.

كما أنه أول من أعلن صراحة الحاجة إلى تغيير ثقافة قوات الأمن، وأعطى تأكيدات أن هناك تعليمات بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين وحماية المعتقلين من التعرض للمعاملة السيئة، وأكد على أن الجيش لا ينوي اعتقال النساء مرة أخرى.

اتهمه الإعلامي توفيق عكاشة بالتحكم في سلوك أعضاء المجلس العسكري؛ حيث شن هجوما عنيفا على المجلس وعلى رأسه المشير طنطاوي، متهما إياهم بالخضوع لضغوط المخابرات الحربية، ومديرها اللواء عبد الفتاح السيسي؛ حيث اتهم عكاشة السيسي بأنه ينتمي للإخوان المسلمين، وأن بعض أفراد أسرته يرتدين النقاب والجوانتي، وهو ما دفع المجلس للتأكيد على أن ما قاله عكاشة ما هو إلا افتراءات ومحض كذب.
الجريدة الرسمية