رئيس التحرير
عصام كامل

استطلاع: تراجع ثقة الشركات في الإمارات بسبب الأوضاع السياسية


كشف أحدث استطلاع أجراه متخصصون في القطاع المالي عن تأثير الاضطرابات السياسية وحالة عدم الاستقرار على ثقة قطاع الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط.


وأظهر استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية للربع الأول من عام 2015 الذي أجرته جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية ("إيه سي سي إيه") ومعهد المحاسبين الإداريين ("آي إم إيه")، أنه على الرغم من المساعدة التي قدمها انخفاض أسعار النفط إلى الدول المستوردة للنفط مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، إلا أنه أثّر سلبًا على أداء العديد من المناطق المصدرة للنفط مثل آسيا المحيط الهادئ والشرق الأوسط.

وسجلت مستويات الثقة انخفاضًا في منطقة الشرق الأوسط خلال الربع الأول من عام 2015، حيث شهدت دبي على وجه الخصوص تراجعًا في أسعار العقارات بنسبة 5 في المائة على مدى العام، في حين أن حجم ديون الهيئات ذات الصلة بالدولة بلغ نحو 140 مليار دولار أمريكي وفقًا لأرقام صندوق النقد الدولي، ما يشكّل مؤشرًا للقلق المتنامي في صفوف الكثير من الاقتصاديين.

وبالنظر إلى التوتر السياسي المستمر في المنطقة، فلربما لن يكون مستغربًا أن يصبح لدى المتخصصين في القطاع المالي تصور أكثر سلبية حول ممارسة الأعمال التجارية في المنطقة.

ويشير الاستطلاع كذلك إلى وجود انخفاض حاد في مستويات التوظيف منذ الربع الأخير من عام 2014. وعلى عكس الربع الأخير، فقد خفضت دولة الإمارات العربية المتحدة من استقطابها للموظفين الجدد بصورة حادة خلال الربع الأول، ما يوحي أن المناخ الاقتصادي قد لا يكون جيدًا كما هو الحال في الفترات السابقة، وقد تلوح في الأفق بوادر مشكلة مستقبلية. وفي تحوّل مفاجئ عما كان سائدًا في الربع الأخير من عام 2014، فقد تبين أن نسبة تخفيض عدد الموظفين كانت الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وهو ما أفاد به نحو 50 في المائة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، بالإضافة إلى الهبوط الحاد والمفاجئ في عدد الشركات التي استثمرت في تنمية قدرات الموظفين.

وشهد الربع الأول من عام 2015 انخفاضًا حادًا في الطلبيات الجديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تراجعت مستويات توافر رأس المال بشكل كبير في الشرق الأوسط (38 في المائة)، ما يعني أن الحصول على القروض الكافية لتمويل الاستثمارات التجارية أصبح أمرًا أكثر صعوبة في المنطقة مما كان عليه الحال قبل ثلاثة أشهر.

وقالت ليندسي ديجوف دي نونكس، رئيسة جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين في منطقة الشرق الأوسط:"من الواضح أن حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة وانخفاض أسعار النفط، كان لها أثر سلبي على الثقة في القطاع المالي. وعلى الرغم من بوادر الانتعاش التي بدأت تكتسب زخمًا في أماكن أخرى والتي قد تساعد على المدى البعيد، إلا أن المؤشرات على المدى القصير أظهرت تدهورًا ملحوظًا في المنطقة خلال الربع الماضي".

أما على الصعيد العالمي، فهناك دلائل واضحة على أن الوضع الاقتصادي آخذ في التحسن، وبدأ كبار المتخصصين في القطاع المالي يشعرون بأن الانتعاش قد استمر للربع الثاني على التوالي.

وصحيح بأن التقرير أظهر أن الثقة هي في أعلى مستوياتها في صفوف الرؤساء التنفيذيين الماليين منذ عام 2011، إلا أن الانتعاش لا يزال يعتبر "عملًا قيد الإنجاز". فعلى سبيل المثال، على الرغم من إشارة التقرير إلى أن الإنفاق الرأسمالي واستثمار رأس المال قد سجلا تراجعًا، إلا أن المزيد من الأموال جرى استثمارها على الصعيد العالمي في الموظفين، كما تم تسجيل علامات للنمو في التوظيف والطلبيات الجديدة.

من جهته، قال رائف لوسون، الحاصل على شهادة الدكتوراه، والمحاسب الإداري المعتمد، والمحاسب القانوني العام، ونائب رئيس شئون البحوث والسياسات لدى مجمع المحاسبين الإداريين: "لا يمكن إنكار حقيقة أن الثقة آخذة في الانتشار مجددًا في أرجاء قطاع الأعمال، ولكن هناك إدراك تام بأنه لا يزال أمامنا الكثير لنقوم به قبل أن يصل الاقتصاد العالمي إلى مرحلة الانتعاش التام. ووسط أجواء تحسن مستويات الثقة، فمن المشجع أن نرى الشركات تستثمر في الأفراد الذين يعتبرون العنصر الأساسي لتحقيق أي نجاح في المستقبل".

وأضاف لوسون: "ومع ذلك، فإن استمرار حالة عدم اليقين السائدة لا تزال تعكّر صفو هذا التفاؤل، إذ يواصل عدم الاستقرار الجيوسياسي في أوكرانيا وروسيا والصراع في مناطق الشرق الأوسط تأثيره بشكل كبير على الاقتصاد العالمي".

أما على الصعيد العالمي، فقد أفاد الأشخاص المستطلعة آراؤهم بوجود مشاكل أقل فيما يخص المدفوعات المتأخرة، كما كان لدى القليل منهم فقط مخاوف حول الموردين أو خروج العملاء من قطاع الأعمال.

كما أظهر التقرير أن الرؤساء التنفيذيين الماليين في الشركات الكبيرة كانوا أكثر تشاؤمًا من أولئك العاملين في شركات أصغر حجمًا، ولعل السبب في ذلك هو النطاق الدولي لأعمالهم الذي يجعلهم أكثر عرضة لمستويات متقلبة ومتفاوتة من الأداء الاقتصادي في الأسواق المختلفة.

الجريدة الرسمية