المركز القومي للترجمة يصدر «تفسير التوراة باللغة العربية»
صدر حديثًا عن المركز القومي للترجمة، كتاب (تفسير التوراة باللغة العربية) تاريخ ترجمات أسفار اليهود المقدسة ودوافعها، وهى من إعداد سعديا بن جاؤون بن يوسف الفيومى، أخرجه وصححه يوسف درينبورج، من ترجمة وتقديم وتعليق سعيد عطية مطاوع، أحمد عبد المقصود الجندى.
أسفار اليهود المقدسة من أقدم الآثار الدينية التي وصلت إلينا مدونة في لغتها الأم "اللغة العبرية"، وهذه الأسفار التي يطلق عليها العهد القديم، وأصبحت تسمية الكتاب المقدس تشمل أسفار العهدين القديم والجديد.
ويعد سعديا الفيومي أحد أهم فلاسفة اليهود خلال العصر الإسلامي عامة والقرن الثالث الهجرى على وجه الخصوص،وفي هذا الكتاب يقدم سعديا تفسيرا لأسفار التوراة الخمسة (التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية) ويمكن اعتبار هذا الكتاب شكلا من أشكال الترجمة التفسيرية للنصوص.
وقد ساعد علم سعديا بالديانة اليهودية، وتأثره الكبير بالثقافة العربية والإسلامية وعلماء الكلام، وعلمه الواسع بالنحو العبرى، فضلا عن تمتعه بحس دينى ولغوى، في أن تأتى هذه الترجمة معبرة عن المضامين التي تضمنها النص العبرى مباشرة، وذلك عكس الترجمات المسيحية التي تمت عبر الترجمة اليونانية والترجمة اللاتينية. ومن مميزات هذه الترجمة أنها أيضا تجنبت الحرفية إلى حد كبير وهو ما جعل صاحبها يستخدم عنوان (تفسير التوراة بالعربية) وربما كان هذا العنوان إشارة ضمنية منه لصعوبة ترجمة النصوص الدينية.
وتتجلى آثار الحضارة العربية الإسلامية واضحة في الترجمة التي بين أيدينا على المستويين اللغوى والدينى؛ فقد آثر سعديا استخدام ألفاظ عربية تناسب عقلية البيئة التي يعيش فيها، أو استعارة النص القرآنى في بعض الأحيان، أو ترجمة أسماء الأماكن بما كانت تعرف به في عصره. وتجلى هذا الأثر أيضًا في تجنبه لصفات التجسيد والتشبيه عند وصف الإله وهو أمر كان جديدا على العقلية اليهودية في ذلك الوقت.
هذا الكتاب دليل حى على أن الجانب الأكبر من النتاج الدينى والأدبى والفلسفى لليهود خلال العصر الإسلامى هو جزء أصيل لا يمكن فصله عما أنتجته الحضارة الإسلامية.
سعديا الفيومى، أحد أهم الفلاسفة اليهود في العصر الإسلامى عامة والقرن الثالث الهجرى على وجه الخصوص، ولد في مصر، وتلقى في قريته بالفيوم تعليمًا عربيا فتوفر له العديد من المعارف العربية الإسلامية في عصره،كما درس الكتاب المقدس والتلمود،ثم توجه إلى فلسطين حيث أكمل دراسته،وقد ذاعت شهرته لأنه بدأ في وضع مؤلفاته في سن مبكرة.
المترجم، سعد عطية مطاوع، أستاذ الدراسات اليهودية وتاريخ الأديان بقسم اللغة العبرية وآدابها بجامعة الأزهر، شغل منصب عميد كلية اللغات والترجمة، من أهم أعماله، (الإعجاز القصصى في القرآن الكريم )، (الشعر في العهد القديم ) و(قصص التوراة في ضوء النقد الأدبى).
المترجم الثانى، أحمد عبد المقصود الجندى، حاصل على الدكتوراة في دراسات العهد القديم عام 2007، يعمل مدرسًا بكلية الآداب بجامعة القاهرة، من كتبه: (محاضرات في الديانة اليهودية)، (الملل اليهودية المعاصرة)و (تاريخ اليهود منذ بدايته حتى العصر الفارسى).