رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. رئيس «المركزي للمحاسبات»: مسئولون كبار بالدولة متورطون فى فساد ويرفضون فتح الملفات «1 – 2»


  • ابن أخت عمر سليمان استولى على 50 مليون جنيه.. ورد 33 مليونًا في جلسة واحدة
  • الفساد تجذر في الجهاز الإدارى منذ عشرات السنين 
  • أرفض فكرة إخفاء ملفات عن الإعلام بما فيها الأمن القومى
  • الاعتداء الحقيقى على استقلال القضاء هو ترك المفسدين فيه
  • لن أسمح بانتقاص حقوق الجهاز في الرقابة المالية على أي مؤسسة 
  • هناك «مافيا» تسيــطر على الجهاز الإدارى للدولة 
  • أعرف قدر القضاء الذي تربيت فيه.. ولا أهينه على الإطلاق
  • هناك حرب ضد المؤسسات التي تحاول الإصلاح
  • هناك مافيا فساد تسيطر على كل مفاصل الدولة 
  • البعض يريد إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 25 يناير 2011
  • أتوقع مزيدًا من المكائد مع تعيين وزير العدل الجديد 

يبدو المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، كمن يحارب طواحين الفساد في مصر وحيدًا، كلما اقترب من مربع الإحباط واليأس، كلما أصبح أكثر قوة وعزيمة وصلابة وإصرارا، تصدمك صراحته المتناهية، هو حالم بالقضاء على تلك الظاهرة التي تستشرى في مصر، وحالم أيضًا بتحقيق العدالة الاجتماعية، يتلقى صعقات المؤسسات التي «على رأسها ريشة» - كلما كشف تهربها من تطبيق الحد الأقصى للأجور، بصدر مفتوح.
المستشار هشام جنينة.. رئيس أكبر جهاز رقابى في مصر، وهو أيضًا المسئول الوحيد الباقى في منصبه بقرار من الرئيس المعزول محمد مرسي، بين الحين والآخر يتهمه البعض بـ «الأخونة»، لكنه يواجهها بابتسامة الواثق في نفسه، ويقول «هل الرئيس السيسي إخوانى؟».
رئيس «المركزى للمحاسبات» دخل في صدام مع أجهزة سيادية في الدولة من أجل إجبارهم على الخضوع لرقابة الجهاز الذي يرأسه، لديه الشجاعة لأن يقول «مافيش حاجه اسمها أجهزة سيادية»، وأن الرقابة على أوجه الإنفاق والميزانيات يجب أن تطال الجميع»، ويؤكد أن المسكوت عنه في مصر.. كتير.

«جنينة« واحد من العصاميين، لم يلجأ إلى تعيين زوجته في وظيفة حكومية أو منصب كبير، لأن ذلك ببساطة يعنى تقديم تنازلات من منصبه، وكما يقول هو «كان من السهل أن أرضخ لمنظومة الفساد المستشرية في البلد، وأحصل على كل ما أريد من امتيازات، ولا أواجه التيار والعاصفة وحيدًا، إلى أن تنتهى فترتى في الجهاز، لكنى أخاف الله».
الرجل ما زال متمسكًا بأهداب الأمل، ويرى أن إحدى أدوات مواجهة الفساد الذي أصبح متجذرًا في المؤسسات وفى سلوكيات الأفراد هو تدريسه في المناهج الدراسية ليصبح جزءًا من السلوكيات.
جنينة لا يخجل من القول إنه كان من الممكن أن يكون في السجن الآن لولا أن منصبه محصن بحكم القانون، عندما حل ضيفًا على صالون «فيتو» في حوار استمر ساعتين كان الكلام المحظور على النشر –بناءً على طلبه- كثير، والكلام المباح أيضًا صادم ومثير، فهو عالم ببواطن ومواطن الفساد في كل مؤسسات مصر، وكلما حاول كشف قضية فساد كبرى كأرض الحزام الأخضر بمدينة أكتوبر والتي خسرت الدولة بسببها 26 مليار جنيه، تعود الأمور إلى نقطة الصفر، وعندما طالبناه بحمل الملفات والذهاب بها إلى الرئيس السيسي شخصيا، قال «الرئيس مطلع على كل صغيرة وكبيرة»... وإلى التفاصيل:

> بداية كيف يواجه الجهاز المركزى للمحاسبات الفساد؟ وهل هناك رؤية محددة لدى الجهاز؟
الفساد تجذر في الجهاز الإدارى منذ عشرات السنين، وفكرة الإصلاح دائمًا تواجه بحرب شرسة وخصوصًا إذا ما ارتبطت بتغيير ثقافة مجتمع تجذرت في مؤسسات الدولة ونحن لا نسييء لمؤسسات الدولة والفساد الأعظم الذي نواجهه ليس فساد الأفراد وإنما فساد المؤسسات الذي تقوم عليه أركان الدولة، ولابد أن تقوم عملية الإصلاح بإصلاح المؤسسات فمسألة القول إن الدولة فسادها متعلق بفساد الأفراد هذا اختزال لقضية الفساد القضية الأخطر والأهم إفساد المؤسسات حتى تقف عاجزة عن إصلاح أحوالها، ونقطة البداية لإصلاح الجهاز الإدارى تبدأ من إصلاح المؤسسات.
والجهاز المركزى للمحاسبات حلقة من سلسلة متصلة الحلقات يجب أن تتعاون لمحاربة الفساد وفتح هذه الملفات الشائكة حتى لا تحمل أي جهة وحدها المسئولية الكاملة، وهناك حرب ضد المؤسسات التي تحاول الإصلاح، وتواجه ملفات مسكوتًا عنها وتريد أن تنهض بالوطن من عثرته، وهناك مافيا فساد مسيطرة على كل مفاصل الدولة في كل قطاع، وهذه المافيا مترابطة وبينها مصالح مشتركة وتعمل على عدم وقوع أحد أعضائها تحت طائلة القانون، وهناك من يسعى ألا يطال الإصلاح أسماء شخصيات قيادية ومسئولين كبار في الدولة، وما يجعلنى لدى أمل رغم المصاعب ومحاربة الفساد ما ألمسه من تغيير في فكر المواطن المصرى بعد ثورتين وذلك بعد رفض الشعب الحكم العسكري والحكم الديني.

> لكن هناك من يؤكد استمرار الحكم العسكري؟
الرئيس عبدالفتاح السيسي يحرص على ألا تحكم الدولة بحكم عسكري والدليل على ذلك أنه رفض ترشيح عدد من قيادات الجيش والشرطة في مناصب وزارية، وهناك من يريد إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 25 يناير 2011.

> هل هناك خطط لتفكيك منظومة الفساد؟
لابد أن تتكاتف الدولة بأكملها وذلك من خلال التعليم والثثقيف وتعظيم فكرة ثقافة المال العام لدى الأجيال الجديدة والتي يجب أن تعرف حرمة المال العام وتدرس في جميع المدارس والمعاهد الأزهرية على مختلف مراحلها التعليمية، بالإضافة إلى الثقافة الدينية، حيث إن الثقافة الدينية متراجعة جدًا ولابد أن يشارك الجميع في فكرة حماية المال العام عبر المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية والثقافية، لأن الأجهزة الرقابية لا تستطيع وحدها مواجهة الفساد، وأنا ضد فكرة إخفاء ملفات عن الإعلام بما فيها ملفات الأمن القومى التي لابد أن يكون لها قانون ينظمها وفكرة موجودة في جميع دول العالم حتى لا يكون كل شيء متاحًا؛ لأن هناك أشياءً تمس الأمن القومى لابد من حفظها لكن حتى وقتنا هذا لم يصدر قانون إتاحة المعلومات للمواطن المصري، حيث إن المواطن من حقه أن تتاح له المعلومات التي يطلبها ما دامت لا تمس الأمن القومي.

> وهل هناك جهات تعارض إصدار قانون إتاحة المعلومات؟
بالفعل هناك أجهزة في الدولة تعمل على إعاقة إصدار القانون لأنها ترى نفسها أجهزة سيادية وهذا كلام مغلوط وتوصيف غير قانونى بالمرة، ففى كل دول العالم لا يوجد ما يسمى الأجهزة السيادية وهى بدعة ابتدعها المصريون، ولابد من تسمية الأشياء بمسمياتها.

> هل ترى أن تحصين منصبك يحميك من السجن؟
مازلت على يقين أن الفساد أقوى مما نتخيل جميعًا أقوى حتى من أجهزة مكافحته، وهناك مسئولون كبار في الدولة متورطون في مافيا الفساد ويرفضون فتح الملفات الشائكة، ومع تعيين وزير العدل الجديد أتوقع مزيدًا من المكائد.

> هل هناك مواجهة أخرى مختلفة مع وزير العدل الجديد المستشار أحمد الزند؟
هذا الأمر يتوقف على الرغبة في مواجهة الفساد، فوزارة العدل عضو في اللجنة التنسيقية العليا لمكافحة الفساد التي يرأسها المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، وبالتالى الملفات التي ترفع إلى اللجنة من أي جهة إذا لم تجد استجابة سيحدث الخلاف بين الجهاز واللجنة وبين الأجهزة الأخرى ولكن لا نحكم على الأمور قبل التعامل مع الملفات نفسها.

> وهل تتوقع حدوث أزمات مع وزير العدل الجديد خصوصًا أنه رفض من قبل رقابة الجهاز على نادي القضاة وقت أن كان يرأسه؟
بطبيعتى لا أختلق أزمة ولا أسعى لصدام وأعرف قدر القضاء الذي تربيت فيه ولا أهينه، أما فكرة خلق فزاعة لإرهاب الجهاز المركزى للمحاسبات وتخويفه من القيام بمهامه ومسئولياته بدعوى أن ذلك اعتداء على استقلال القضاء، أقول إن الاعتداء الحقيقى على استقلال القضاء هو ترك المفسدين، وملفات الفساد داخل منظومة القضاء شأنها شأن أي منظومة فساد في أي جهة.
وأنا أواجه حربًا ضد الفاسدين في الجهاز، وليس معنى ذلك أن أعضاء الجهاز كلهم فاسدون، ففكرة فتح ملفات الفساد في القضاء أو غيره لا ينبغى أن تفسر على أنها اعتداء على استقلاليته، ويجب أن نكف عن خلق الفزاعات مثل اختلاق شائعة انتمائى للإخوان لأن صراحتى لا ترضى بعض الناس، ولا ينبغى اختزال الخلاف في مسائل شخصية لأن إدارة الجهاز هي التي تقوم بالفحص وليس هشام جنينة، ودوري هو مجرد إدارة المنظومة وحماية المؤسسة في القيام بدورها.

> هل هناك مفاوضات جديدة مع المستشار أحمد الزند لإخضاع نادي القضاة لرقابة الجهاز؟
لن أتفاوض مع أحد وسنؤدى دورنا وفقًا لما ينص عليه القانون.

> هل كان وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم العائق الوحيد لعدم رقابة الجهاز على أعمال الوزارة؟
أنا ضد تهميش مؤسسة لصالح مؤسسات أخرى أو إلغاء مؤسسة وجدت لصالح البلد لخدمة أفراد والإطار العام الذي يحكم علاقة المؤسسة بعضها مع البعض، ولا يليق أن تعطل مؤسسة من مؤسسات الدولة أحكام القانون والشرطة والقضاة لابد أن يضربا المثل وأن يكونا قدوة لبقية المؤسسات.
ووزارة الداخلية لأول مرة تفحص فحصًا ماليًا بعد ثورة 25 يناير، حيث إن أعضاء الجهاز قبل يناير كان دورهم شكليًا، لكن ذلك كان غير مطلوب من الجهاز ومخالف لدور الجهاز، وقمنا بتغيير مجموعة العمل وقمت بعملية تدوير أعضاء الجهاز بكل الجهات التي يراقب عليها الجهاز وهناك معايير اتفق عليها دوليًا للرقابة الصحيحة.
وفكرة الرقابة المنقوصة أنا ضدها ولن أسمح لنفسى أو لأعضاء الجهاز أن تنتقص حقوقهم القانونية في أعمال رقابتهم المالية على أي مؤسسة من مؤسسات الدولة وهذا ليس هجومًا أو انتقاصًا، وأنا أحترم كل مؤسسات الدولة وبدأت تظهر الرقابة الحقيقية للجهاز بعد ثورة يناير، وتم كشف العديد من المخالفات منها أن أحد اللواءات بمكتب أمن الدولة بالمطار ابن أخت اللواء الراحل عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق تم فحص ملفه وثبت تقاضيه 50 مليون جنيه بالمخالفة القانونية ورد في جلسة تحقيق واحدة 33 مليون جنيه.

في الجزء الثانى الأكثر إثارة من الحوار غدا: لو اكتشفت مخالفات في الرئاسة «مش هاسكت»
الجريدة الرسمية