رئيس التحرير
عصام كامل

10 توصيات لـ«قومي حقوق الإنسان» في تقريره السنوي الخامس.. أخطر الانتهاكات شهدتها سيناء مؤخرًا.. «الإخوان» أول من انتهجوا العنف خلال «فض رابعة».. «الوفاة داخل السجون&


أصدر المجلس القومى لحقوق الإنسان تقريره السنوى الخامس حول حقوق الإنسان بمصر، في الفترة من 30 يونيو 2013 وحتى 30 ديسمبر 2014، حيث جاء التقرير في ستة أقسام القسم، الأول عن حالة حقوق الإنسان في هذه الفترة، والقسم الثانى تضمن جهود معالجة الشكاوى، والثالث رصد جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان، والرابع يغطى إستراتيجية عمل المجلس وإعادة هيكلة بنيته الداخلية، واختص الخامس بتوضيح تعاون المجلس على المستوى الوطنى والإقليمى والدولى، وأخيرا احتوى القسم السادس على التوصيات الذي يقدمها المجلس بشأن حالة حقوق الإنسان.


الإرهاب والعنف
وأكد التقرير أن أكبر الانتهاكات وأوسعها خلال هذه الفترة، شهدته محافظة سيناء، حيث ارتفع عدد جرائم الإرهاب التي استهدفت قوات الجيش والشرطة وعددا غير قليل من المدنيين بشكل غير مسبوق، إضافة إلى ضحايا أحداث التجمع المسلح للإخوان في منطقة رابعة والنهضة وفضهما، والعنف الممنهج الذي بدأه الإخوان ومؤيدوهم بمجرد البدء في فض رابعة والنهضة، فضلا عن تبنى الإخوان إستراتيجية متكاملة تستهدف تقويض أركان الدولة، والإخلال بالأمن وترويع المواطنين، وشل البلاد عبر تغييب سلطة القانون، وتعطيل الخدمات العامة وضرب المرافق الخدمية بما في ذلك خطوط ووسائل النقل ومحطات توليد الطاقة، وشل العملية التعليمية، كذلك تنفيذ الهجمات المسلحة على المنشآت العامة والأجنبية والمحاكم والكنائس وملحقاتها ومنازل المواطنين المسيحيين والمتاحف والمراكز الثقافية ومديريات الأمن، مع خطة إعلامية تحرض على العنف، وتأجيج الكراهية وفقدان الثقة.

عدد الضحايا
وأكد تقرير المجلس أنه قد ترتب على ذلك انتهاك جسيم للحق في الحياة، فقد بلغ عدد الضحايا خلال هذه الفترة 2600 ضحية منهم 700 من ضباط وجنود الشرطة والجيش، و550 من المدنيين الذين سقطوا نتيجة أعمال عنف ارتكبتها المليشيات المؤيدة لتنظيم الإخوان والجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى 1250 من المنتمين لتنظيمات الإخوان الإرهابية مؤيديهم.
وطالب المجلس بضرورة إعلان نتائج التحقيقات التي أجرتها السلطات بشأن أفرادها، وأى أخطاء أو قصور في أدائهم إن وجد، مؤكدًا أن ذلك من شأنه أن يسهم في تحقيق الطمأنينة والراحة وتلبية لاعتبارات الشفافية والعلنية.

وفيات في أماكن الاحتجاز
أوضح التقرير أن القضية الثانية في الانتهاكات، كانت أيضا خاصة بالحق في الحياة، حيث توفى العشرات من المتواجدين رهن التحقيق في مراكز الاحتجاز، وقد أعلنت وزارة الداخلية في 24 نوفمبر لعام2014 أن عدد الضحايا بلغ 36، وتشير أرقام متفاوتة لجماعات حقوق الإنسان إلى ما بين 80 إلى 98، وأن أغلب هذه الوفيات يرتبط بسوء الظروف المعيشية والصحية والتكدس الحاد في مراكز الاحتجاز المؤقتة في أقسام الشرطة وفي السجون، حيث بلغ التكدس وفقا لما أعلنته وزارة الداخلية في الأقسام إلى 400 %، وفي السجون إلى 160 %، مما يجعل الحياة داخل هذه الأماكن بالغة الصعوبة.
وقال المجلس إن ظاهرة الوفاة داخل أماكن الاحتجاز كانت اختفت تماما، ولكنها من الممكن أن تعود من جديد، مضيفا: صحيح أنه لا يوجد ما يثبت أن أي من هؤلاء قد مات نتيجة التعذيب، إلا أنه أيضا لا يوجد ما يثبت عكس ذلك، وبطبيعة الحال لابد إيجاد حل سريع لمشكلة التكدس داخل أماكن الاحتجاز.

عقوبة الحبس الاحتياطى
وأشار المجلس إلى أن فترة إعداد التقرير قد شهدت توسعا في الحبس الاحتياطى لفترات طويلة للمشتبه فيهم، وقد يكون فيهم من تبرئة ساحته، فيصبح الحبس الاحتياطى في هذه الحالة عقوبة على جرم لم يرتكب، حيث طالب المجلس القومى لحقوق الإنسان بوضع حد أقصى مقبول للحبس الاحتياطى، كما طالب بإخلاء سبيل الحالات الإنسانية والصحية من كبار السن والمرضى، وكذلك الطلبة الذين لم يتورطوا في أعمال عنف.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
كما رصد التقرير ما تضمنه الدستور من التزامات في مجال تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الأولى بالرعاية، مسجلا ما ذهبت إليه التقديرات المستقلة بتضاعف معدلات الفقر والفقر المدقع خلال السنوات الثلاث السابقة على الفترة التي يغطيها التقرير، كما رصد التقرير التخفيض الجزئى لدعم الطاقة والذي أدى لتداعيات سلبية على مستويات أسعار السلع والخدمات الأساسية بما في ذلك الغذاء، راصدا أيضا التحسن الكمى والنوعى في منظومة الدعم السلعى للفقراء والتي تخدم شريحة تزيد على ثلثى السكان، جنبا إلى جنب بعض التدابير المؤقتة لمحاربة الاحتكارات والغلاء التي تبقى خطوات أولية.

ورصد أيضًا التقرير الارتفاع المتزايد في أسعار الأدوية، وإمكانية استمرار تفاقم أزمة الدواء نتيجة ضغوط الملكية الفكرية، ونجاح الدولة في جلب عقار دواء السوفالدى لمعالجة المصابين بفيروس سى الكبدى، وتصنيعه في مصر، وعلى صعيد الحق في التعليم، رصد التقرير استمرار الأزمة الهيكلية في الميزانية التي تلتهم الأجور والمصروفات الإدارية أغلبها، والتحديات المرتبطة بإشكالية تنقية المناهج مشيرا إلى أزمة استيعاب الأجيال الجديدة في العملية التعليمية لانخفاض معدلات بناء المعاهد التعليمية، والزيادات المستمرة في الرسوم المالية للمدارس الخاصة والأجنبية، واستمرار ظاهرة الدروس الخصوصية، مع تسجيل استمرار بقاء ظاهرة العمالة المؤقته.

الإيجابيات في حقوق الإنسان
ولفت تقرير المجلس إلى أن هناك إنجازات في البنية الأساسية لحقوق الإنسان تحققت بفضل ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ومنها على سبيل المثال دستور 2014 الذي وصفه بطفرة غير مسبوقة في تعزيز الحريات واحترام الحقوق وحمايتها، وعكس ما عبرت عنه شعارات الثورتين، مؤكدا أنه ما زال يحتاج إلى تفعيل من خلال تشريعات جديدة وتعديل العديد مما هو قائم، و لاشك أن هذا الدستور رفع سقف المطالبة بالحرية باعتباره العقد الاجتماعى بين الدولة والمجتمع.
أيضا إيجابية الخلاص من فرض الطوارئ التي تعطل في ظلها الحريات وحقوق الإنسان، وعندما إقتضت الضرورة فرض حالة الطوارئ في 30 يونيو 2013، فرضت فقط لمدة 3 شهور، ولم تستخدم إلا في حدود فرض حظر التجول ليلا بدعم من القوات المسلحة للشرطة.
وأشار إلى إيجابية عدم اللجوء إلى المحاكم الاستثنائية، موضحا أنه بالرغم من قيام ثورتين إلا أنه لم تجر أي محاكمات استثنائية مخالفة للدستور، وحوكم قادة تنظيم الإخوان المتهمون أمام قاضيهم الطبيعى، أيضا إجراء انتخابات واستفتاءات سليمة ومن إنجازات ثورة 25 يناير أننا أصبحنا قادرين على إجراء انتخابات سليمة بالمعايير الدولية، واستفتاءات سليمة، وهو ما كنا نعجز عنه قبل ثورة يناير.

تشريعات حماية المرأة
وذكر التقرير أن هناك إيجابيات أخرى مثل المزيد من التشريعات لحماية المرأة، موضحا أن التشريعات التي صدرت خلال هذه المدة والخاصة بحماية المرأة من العنف وجرائم التحرش والاعتداءات الجنسية بشكل خاص، وضمان ممارستها وتمتعها بحقوقها على قدم المساواة، كل ذلك ساهم في بناء بيئة مؤسساتية تراكمية لحماية المرأة من العنف بشكل عام، وقد صدر بالفعل حكم بحبس أحد الأطباء لإجراء عملية ختان لإحدى الفتيات، كما أن هناك ارتباطا شديدا بين الأمن وحقوق الإنسان، بمعنى أنه لا يوجد أمن بدون احترام حقوق الإنسان، كما أنه لا حقوق إنسان بدون أمن.

وأضاف التقرير: إذا نظرنا على حالة الأمن في 30 يونيو وحالته الآن، سنجد أن هناك تقدما كبيرا في مجال حفظ الأمن، نرجو أن تستمر المعادلة بين الأمن وحقوق الإنسان بمعنى ألا يضحى بأيهما في سبيل الآخر.

توصيات المجلس
وعرض المجلس في التوصيات العملية التي قدمها إلى آلية المراجعة الدورية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عند مناقشة تقرير مصر الوطنى، وهى التوصيات التي بلورها المجلس بعد جولات من المشاورات الوطنية الموسعة وورشات العمل والندوات التي يشارك فيها المجتمع المدنى وذوى الاختصاص.

وقد شملت التوصيات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، حزمة من التوصيات التي تلبى إلتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان وتتفق مع مبادئ وتوجيهات دستور 2014، وذلك ثورتى 25 يناير، و30 يونيو، والتي تتلخص في إصدار قانون بناء وترميم الكنائس، إصدار قانون بإنشاء مفوضية تكافؤ الفرص وحظر التمييز، تعديل قانون العقوبات ليتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب، ووقف الضغوط والقيود التي تمارسها الجهات الإدارية على الجمعيات الأهلية وفقا لقانون 84 لسنة 2002 لحين إصدار قانون الجمعيات المرتقب من مجلس النواب.
كما اوصى المجلس بالقضاء على العشوائيات في مدة زمنية محددة، وتعديل قانون المرافعات والإجراءات الجنائية لضمان المحاكمة العادلة والناجزة وتطوير نظام العدالة، وإصدار عدد من التشريعات وتعديل بعض القوانين القائمة مما هو مذكور في هذا البند.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
أما التوصيات الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فأوضح المجلس أنه يعمل على دمج حقوق الإنسان في خطة التنمية، قناعة منه بأن التنمية لم تعد مجرد نموا اقتصاديا فقط، وإنما عليها أيضا أن تلبى كافة معايير حقوق الإنسان، وعلى هذا الأساس حرص المجلس على تنظيم العديد من ورش العمل والندوات المتخصصة في مختلف المجالات في الصحة، في التعليم، العمل، البيئة وغيرهم بمشاركة فاعلة من جانب الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة بجانب مؤسسات المجتمع المدنى والهيئات المختلفة ذات الصلة بهدف أن تتمكن كل من تلك الوزارات والأجهزة بإدراج حقوق الإنسان في سياق خطتها للتنمية، لافتا إلى أن نتائج هذه الندوات وورش العمل تشكل توصيات المجلس في مجال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

تشكيل البرلمان
واختتم تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، مطالبا باستكمال خارطة المستقبل التي حددتها ثورة 30 يونيو، من خلال إجراء الانتخابات البرلمانية التي نستكمل بها النظام السياسي في أقرب وقت ممكن، وأن تقوم السلطات السياسية بتطوير قانون تأسيسه على نحو يمكنه من النهوض بمسئولياته والمهام الملقاة على عاتقه، وأن يكون القانون متمشيا مع المعايير الدولية.
الجريدة الرسمية