رئيس التحرير
عصام كامل

شهر الصيام بين الروحانيات والخلافات الأسرية.. حمى التبذير تصيب الزوجات في رمضان.. والأزواج: كابوس المصاريف يطاردنا والرواتب لاتكفي.. وعالم أزهري: الحسرة عاقبة المسرفين.."سمير": الشجار بوابة الطلاق


لم يتبق سوى أيام قليلة، ويحل علينا شهر رمضان المبارك ضيفا على الأمة العربية والإسلامية، ليزداد الحديث عن المصروفات وكيفية الاستعداد لاستقبال شهر الفضيلة وسط موجات عارمة من الغلاء، رغم أن الشهر بروحانياته ومعانيه السامية يعد فرصة؛ لتعزيز العلاقات الزوجية والأسرية وحتى الاجتماعية لما يحمله من أريج وسمات جميلة تسهم في تلطيف الأجواء بين الأزواج، إلا أنه بسبب غلاء الأسعار تزداد الخلافات الأسرية والشقاق.


"فيتو" رصدت واستطلعت رأي الشارع، وعلماء الدين والنفس للتعرف على أسباب زيادة الخلافات الأسرية حول مصاريف شهر رمضان، وطرح حلول عملية لهذه الأزمة.

زوجتي "كابوس"

قال خالد حسانين"33 عاما": زوجتى تصبح كابوسا يطاردني في مصاريف شهر رمضان.

وأضاف"محمد أشرف"27 عاما"، مع اقتراب شهر رمضان اشتاط غيظا وغضبا حيث إننى بالرغم من بذلي قصارى جهدي؛ لتوفير كل متطلبات واحتياجات زوجتي وأسرتي من أجل حياة كريمة، إلا أنها تقتلني بأنها كانت تعيش في رغد من العيش في منزل والدها، وتضع المقارنات المستفزة؛لتسرف في طلباتها وتجريحها.

وأشار"محمد جمال -28 عاما"، إلى أنه مع اقتراب شهر مضان تكون الفرصة سانحة للزوجة؛ لإشعال الخلاف الزوجي بسبب نوعية الطعام والشراب.


 حكمة الصيام

قال الشيخ سيد زايد، العالم الأزهري: إنه إذا كانت المصاريف تزداد في الأيام العادية، فإنها من المفترض والواجب على الأسرة المسلمة أن تقلل من مصاريف رمضان، حتى لا تصبح عقلية شبه مجنونة موجهة دائما إلى الإسراف والتبذير، كما أن الإسراف في الأكل والشرب يعطل أنظمة الجسم ويعوق الصحة وسلامة الإنسان عن العمل والإنتاج، حيث كان" صلى الله عليه وسلم" يقول: _" ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"، كما يقول النبى" صلى الله عليه وسلم" : ( كلوا واشربوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة )، وقال تعالى: _ {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، حيث إن الإسراف هو إنفاق الأموال، وتبديدها دون ضرورة مما يحرم مستحقيها، فيشيع من جراء ذلك البؤس والشقاء في الطبقات الكادحة، ومن ذلك يتفجر الحقد، وتروج الرذيلة، وينبت الإجرام، وتروي عائشة"رضي الله عنها: _" أنه كان يمر الهلال والهلالان على بيتِ رسول الله لا يوقَدُ فيه نار، وَقُوتُهُم الأسودان التمر والماء".

وأكد"زايد"، على أن عاقبة المسرف في الدنيا الحسرة والندامة (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا) وفي الآخرة العقاب الأليم والعذاب الشديد (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين).

وأشار"زايد"، إلى أن المرأة أو الزوجة يجب أن تحسن تدبير بيتها، وإدارتَها الجيدة للإمكاناتِ المتاحة لديها، مهما كانت قليلة،حيث إن الزوجة هي المكلفةُ بتدبير شئون الأسرة والمنزل باعتباره مسئوليتَها الأولى، كما قال" صلى الله عليه وسلم": «والمرأةُ راعيةٌ في بيت زوجها ومسئولةٌ عن رعيتها"، وورد في الحديث أن "حسنُ التدبير نصفُ الكسب، وهو نصف المعيشة" بعيدا عن انتظار التكافل الاجتماعي.

وأوضح "زايد"،أنه يجب على الأسرة المصرية المسلمة أن تدرك أن رمضان للصيام، ولتهذيب النفس والابتعاد عن الملذات والشهوات تشبها بالملائكة، وقد قِيلَ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا لَكَ تَجُوعُ وَأَنْتَ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ أَشْبَعَ فَأَنْسَى الْجَائِعَ، وكان النبى"صلى الله عليه وسلم "يقول:_ "أجوع يوما فأصبر، وأشبع يوما فأشكر"،هذه هي فلسفة الصيام وحكمته.

ونصح"زايد"، الزوجة المسلمة بأن تكون وزيرة تخطيط وتموين لبيتها، حيث تدبر للبيت ولا تدمر، تقتصد ولا تبذر، تتشبه بالملائكة لا بالشياطين لقوله تعالى{ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا }.

 بوابة الطلاق

قال الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم النفس، إن التقليد الأعمى من جانب الزوجة يعد سببا رئيسيا في زيادة الخلافات الأسرية قبل شهر رمضان، الأمر الذي ينعكس سلبا حول تصرفات الزوجة غير السوية في حوارها مع الزوج، حتى أنه في بعض الأحيان يتطور الأمر إلى أن يصل إلى انفصال الزوجين، كما أن غياب الوعي وافتقاد الترابط الأسري، وتدني مستوى التربية للزوجة وانحدار أصولها الأخلاقية التي اعتادت على النفور وعدم الرضا والنظر بعيدا عن مستوى وإمكانات زوجها، الأمر الذي يدفعها أحيانا إلى الشجار مع زوجها، واستخدام ألفاظ غير لائقة أمام الأبناء فيتطور النقاش إلى شجار وشتائم، مما يؤدي إلى زيادة الهوة والخلافات الزوجية إلى أن تصبح بوابة إلى الطلاق.

وتابع"عبدالفتاح"،أن السباب والشتائم وزيادة الخلافات بين الزوجين على مصاريف شهر رمضان أمام الأبناء تزيد الهوة بين الآباء والأبناء، وتصيبهم بالتشوه والجمود الفكرى وإنعدام الثقة لديهم في الآباء،لذا ينبغي على الآباء التحلي بالاحترام والصبر والرضا.

وشدد"عبدالفتاح"، على أنه يجب على الزوجة أن تكون مقتصدة في متطلباتها واحتياجات البيت،بحيث تتلائم وتتناسب مع ظروف زوجها المادية، وأن تتفق معه على وضع خطة إستراتيجية؛ لتسيير أمور البيت على حسب الظروف المعيشية المتاحة، كما يجب عليها دعم ومساندة الزوج؛ لزيادة قوة بناء وترابط الأسرة وزيادة البناء النفسي شموخا وقوة وعظمة داخل الأسرة، كما قال النبى" صلى الله عليه وسلم " :{ لو كنت آمرا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها }.
الجريدة الرسمية