رئيس التحرير
عصام كامل

«انقلابات الإرهابية».. «البنا» يطرد «السكري» ويهدده بالقتل بسبب «عبد الحكيم عابدين».. «أبو الفتوح» يدفع فاتورة الإصلاح.. «محمد حبيب» ضحية تآ


"الانقلاب".. كلمة رددها كثيرا أنصار جماعة الإخوان الإرهابية، واصفين بها النظام السياسي في مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو، والإطاحة بالرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، حيث ادعوا أن ما جرى في مصر هو "انقلاب عسكري" متجاهلين الملايين التي خرجت في شوارع جميع محافظات الجمهورية للمطالبة بإسقاط نظام الحكم الإخواني.


وكما تجاهل قيادات الجماعة الإرهابية رغبات المصريين، تجاهلوا أيضا تاريخ الجماعة الذي يؤكد أن "الانقلاب" الحقيقي هو السمة الأساسية لهم، ويزخر سجل الجماعة بالعديد من والأسماء التي انقلبت الجماعة عليهم، رغم جهودهم في إنقاذها.

البنا والسكري
أشهر "انقلابات الجماعة" حدثت على يد مؤسسها حسن البنا الذي انقلب على "أحمد السكري" أحد الأربعة الذين أسسوا الجماعة عام 1928 والذي تولي منصب وكيلها العام.

ووقعت العديد من الخلافات بين البنا والسكري انتهت بطرد الأخير من الجماعة التي شارك في تأسيسها، بسبب رفضه لسياسات المرشد الأول الذي انتزع من أعضاء الهيئة التأسيسية للجماعة يوم 9 يوليو 1947 تفويضا يعطى له الحق في إقصاء من يشاء وفصل من يشاء.

استعطاف الأحزاب
ورفض السكري محاولات البنا لاستعطاف الأحزاب للعمل مع الجماعة، وتملق حزب الوفد في فترة حكمه التي كانت من 1942 – 1944، بالإضافة إلى الاتصال ببعض الشخصيات الأجنبية مثل الجنرال كلايتون والمستر هيوردن، واللذان التقي بهما البنا في أغسطس 1940 بدار الجمعية القديمة.

أما القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقة البنا والسكري، فكانت قضية"عبد الحكيم عابدين "زوج شقيقة مؤسس الجماعة"، والذي دارت حوله الشبهات حول فضائح أخلاقية مع نساء الإخوان وصفها بعض القيادات بأنها يشيب من هولها شعر الوليد، إلا أنه مع استمرار تستر البنا على نسيبه بالإضافة إلى قضية عابدين، فلم يجد السكري بدا من الانشقاق على الجماعة.

رسالة تهديد
وبعد سنوات على رحيلهما، تم تداول رسالة كتبها البنا يهدد فيها السكري، جاء فيها:" الأستاذ أحمد السكري السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد.. فإني سأتبع معك المثل القائل خير الكلام ما قل ودل، أرجو أن تمتنع عن هذا الهذيان في حق سيدك وولي نعمتك، وإلا فإني والله وأنت أدرى بقسم الإخوان.. أنى ساقتلك حتى ولو اتوا بحرس الدولة كلها وستكون موتتك أحقر من موتة كلب، فلك أن تختار بين أمرين إما أن تحفظ لسانك، وإما الموت الحقير وساشنع بلسانك هذا حتى بعد موتك..امضاء: مخلص".

صراعات وانقلابات
الصراعات والانقلابات داخل الإخوان لم تتوقف بعد رحيل البنا، وإنما اتخذت أشكالا أخرى خاصة في السنوات الأخيرة قبل ثورة 25 يناير، والتي شهدت بزوغ نجم عدد قادة التيار الإصلاحي الذي قاده الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي الأسبق، والذي أدان العنف الذي تنتهجه الجماعة، وأرسى قواعده سيد قطب.

أبو الفتوح الإصلاحي
وبدأ نجم أبو الفتوح في السطوع، وبدأت كثير من المنظمات الدولية تشيد به، وبالدور الذي يمكن أن يلعبه شباب الجماعة في تغيير فكرها ومنهجها، وهذه الإشادة تسببت في إحداث صداع دائم لأعضاء مكتب الإرشاد الذين ينتمون إلى التيار المحافظ، الذي يؤمن بالعنف والاغتيالات والعمل السري، للوصول إلى السلطة و"التمكين"، وهو الصراع الذي وصل إلى أقصاه في اعقاب إعلان أبو الفتوح عن خوضه الانتخابات الرئاسية في 2012، وعزله من الجماعة وتصعيد فرج النجار كبديلا عنه في عضوية مكتب الإرشاد.

الإطاحة بحبيب
وبنفس الطريقة، كان الانشقاق هو طريق الدكتور محمد حبيب نائب المرشد السابق، والذي انقلبت عليه الجماعة بعدما أصبح القائم بأعمال المرشد العام السابق مهدي عاكف، والذي أطلق مجموعة من التصريحات الصحفية التي وضعت الجماعة في حرج أدي إلى ظهور تيار يدعو إلى منح نائبه محمد حبيب صلاحيات المرشد –دون سحبها من عاكف- وهو الأمر الذي أثار غضب التيار القديم داخل الجماعة –بحسب مصادر صحفية-.

ومع اشتداد الصراعات وتكالب التيار القديم المتمثل في خيرت الشاطر نائب المرشد، والدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس النواب السابق، فقد تمت الإطاحة بحبيب من عضوية مكتب الإرشاد، والذي خسر مقعده في انتخابات الجماعة لأنه رفض قواعد "السمع والطاعة".

المرشد المؤقت
واستكمالا لتاريخ الانقلابات والحرب غير الشريفة، جاء الإعلان عن اختيار محمد كمال مرشدا مؤقتا للجماعة، والإطاحة بمحمود عزت ومحمود حسين وغيرهما.

المثير أن محمود حسين ومحمود عزت كان لهما الدور الأكبر في تصعيد محمد كمال لعضوية مكتب إرشاد الإخوان، إلا أنه لم يهتم بمن صنعوه ووجه لهما ضربة قاضية، وترأس مكتب إرشاد مواز.

وقد شغل كمال منصب مسئول مكتب الارشاد بجنوب الصعيد، ولكن عند اختياره كواحد من أهم قيادات الإخوان لم ينل قبول العديد منهم نظرًا لبعده عن العمل السياسي، إلا أنه عمل خلال الفترة الأخيرة على تجنيد المئات من شباب الصعيد للانضمام لصفوف الجماعة، ونجح في مخططه، وهو ما جعل قادة الجماعة يضعون كامل ثقتهم فيه، دون أن يعلموا أنه سينقلب عليهم في نهاية المطاف.
الجريدة الرسمية