رئيس التحرير
عصام كامل

محمد صلاح سلطان ودرس إبراهيم حمدي !


كي يعطينا درسا مهما في الوطنية يقرر إحسان عبد القدوس أن يرجع الشاب الثائر إبراهيم حمدي (عمر الشريف في فيلم في بيتنا رجل) في اللحظات الأخيرة قبل تهريبه إلى خارج البلاد للفرار من حكم بإعدامه إلا أنه يفضل الموت في بلده عن الحياة خارجها!

لو كان فعل عبد القدوس غير ذلك لنال انتقادات عنيفة وما كان لفيلمه المستوحى من حصيلة وخلاصة قصص حقيقية جرت في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي أن ينجح أو يلقي ما لاقاه من احترام واحتفاء وربما الصدفة جعلته آخر أفلام عمر الشريف قبل انطلاقه إلى العالمية وينجح هو أيضا في اختبار ارتباطه بمصر التي اختار وبعد جولة طويلة وناجحة خارجها أن يعود يقضي ما تبقي من عمره فيها !

قبل إبراهيم حمدي أو للدقة قبل رواية إحسان عبد القدوس قال مصطفى كامل قولته الشهيرة "لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا" ومصر كانت الاختيار الأخير لكل من عرفها وخبر شعبها من آل بيت النبوة الشريف إلى الإمام الشافعي ومن محمد على إلى المماليك ومن جمال الدين الأفغاني إلى بيرم التونسي وغيرهم وغيرهم والأمثلة أكثر من أن تحصى !

وبالأمس اختار محمد صلاح سلطان الإخواني السجين أن يتنازل عن الجنسية المصرية ويذهب إلى أمريكا..لا ليفرج عنه هناك بل ليقضي بقية العقوبة هناك !

لو كنت من الإخوان لتوقفت هنا..وحولت عرض التنازل عن الجنسية إلى معركة حقيقية وكبيرة تغسل فيها جماعة الإخوان كل ما يقال بحقها حول انتمائها للوطن وحبها له..وأن تلفت أنظار العالم إلى سجين ينتمي إليها يفضل السجن عن التخلي عن جنسيته المصريه..!!

إلا أنها فعلت العكس وقالت الجماعة للعالم إن عضوها وابن قيادي كبير فيها يفضل عليها جنسية دولة أخرى بل وهي الدولة التي تحمي إسرائيل ووقفت بجانبها في كل أجرامها ضد العرب والمسلمين ومقدساتهم !

الآن..أين هي مقولة الرسول ( صلي الله عليه وسلم ) قدوتنا وزعيمنا؟ وهو من تكلم إلى مكة وقال "والله لأنك أحب بلاد الله إليّ ولولا أن اهلك أخرجوني منك ما خرجت" ؟ أين هم منه وقد تحمل عذاب الدعوة لـ 13 عاما كاملة في مكة ولم يهاجر منها ولم يتركها إلا بأمر إلهي؟ أين شعار "لبيك يا أقصى" وفراركم من بلدكم إلى دار الكفر والحرب كما صدعتمونا سنوات طويلة في وصفكم لأمريكا؟ أين هي مقولة "الموت في سبيل الله أسمي أمانينا" وقد أكدتم أن الحياة في أمريكا أو حتى قضاء العقوبة فيها هو أسمي أمانيكم؟!

نستثني ـ للأمانة ـ من دهشتنا والده صلاح سلطان فقلوب الآباء لا تخضع للأسئلة المنطقية فقلوب الآباء ـ كل الآباء ـ لها منطقها وهي أمام منطقها ضعيفة وقد يكون هو نفسه ـ صلاح سلطان ـ يشعر بالذنب لإحساسه بأنه سبب مأساة ابنه..لكننا هنا نناقش جماعة بكاملها يصيبها العمى وتفقد ذكاءها أمام خيارات سهلة جدا لتختار ما يكشفها ويكشف زيف كل ما رفعته من شعارات لعشرات السنين !
قرار الموافقة على سفر محمد صلاح سلطان ذكيا والأدلة في السطور السابقة !
الجريدة الرسمية